الكلام على عدد الأنبياء

أُضيف بتاريخ الأثنين, 03/11/2014 - 11:41

الكلام على عدد الأنبياء


وَمِنْ تِلْكَ الأَوْهَامِ :

(( ويزيدُ المكزون تفصيلاً عن هذه الطبقات ، فيقول : (( وأما درجُ العالم الكبير النوراني فخمسةُ آلاف درجة ، وقد رتَّبَها في سبع مراتب أو درجات ، مما يدلُّ على أنّه يستعملُ المرتبةَ والدرجة بمعنى واحد ...

وعن العالم الصّغير الروحانيّ ، يقول : (( ودرجُ العالَمِ الصّغير مائةُ ألفٍ ، وتسعة عشر ألف درجة ...)).))
1

بَيَانُ الوَهْمِ

مَا دَامَ التّصْحِيْفُ فِي غَالِبِ النُّسَخِ الّتِي يَعْتَمِدُ عَلَيْهَا المُؤَلِّفُ؛ فَلا تَعْوِيْل عَلَى تَفْصِيْلِهِ وَلا عَلَى إِجْمَالِهِ، وَالأَوْلَى أَنْ نَقُولَ : إِنَّ العَدَدَ الّذِي ذَكَرَهُ زَاعِمًا أَنَّ رَجُلاً فَصَّلَ الكَلامَ عَلَيْهِ كَانَ مِمّا تَصَحَّفَ عَلَى النُّسَّاخِ، وَالْتَبَسَ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَتَنَبَّهْ لَهُ .

وَلَيْسَ مِنْ تَصَوُّرِ المَكْزُوْنِ كَمَا تَوَهّمَ المُؤَلّفُ الّذِي يُحِيْلُ مَا لا يَعْرِفُهُ عَلَى التَّصَوُّرِ وَالتّخَيُّلِ، كَمَا فَعَلَ فِيْمَا يَظُنُّهُ رُتَبًا : (( تصورها المكزون كما رأى )) 2

وَلا تَصَوُّرَ وَلا تَخَيُّلَ، وَإِنَّمَا لَفْظٌ مُحَرَّفٌ مِنْ شَاهِدٍ ، وَأَنّى لِمَخْلُوقٍ أَنْ يَتَصَوَّرَ أَنْبِيَاء وَرُسُلاً، وَدَرَجَاتٍ وَرُتَبًا.

لَقَدِ اسْتَبْهَمَ عَلَى النّاسِخِيْنَ لَفْظٌ طُمِسَ فِي نُسْخَةٍ، أَوْ قَدَّرَ بَعْضُهُم، فَزَادَ فِي نُسْخَةٍ، وَحَسِبَ بَعْضُهُم فَأَسْقَطَ مِنْهَا، وَالأَصْلُ رِوَايَةٌ عَنْ أَهْلِ البَيْتِ ، وَمِنْ ذَلِكَ فِي بَصَائِر الدّرَجَاتِ والكَافِي وَرَوْضَةِ الوَاعِظِيْنَ وَبِحَارِ الأَنْوار :
 

(( عَنْ أَبِي جَعْفر قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ : إِنَّ أَوَّلَ وَصِيٍّ كَانَ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ هِبَةُ اللهِ بن آدَم، وَمَا مِنْ نَبِيٍّ مَضَى إِلاَّ وَلَهُ وَصِيٌّ، وَكَانَ عَدَد جَمِيْعِ الأَنْبِيَاءِ مِئَة أَلْف نَبِيّ وَأَرْبَعَة وَعِشْرِيْن أَلْف نَبِيّ، خَمْسَةٌ مِنْهُم أُولو العَزْمِ : نُوحٌ وَإِبْرَاهِيْم وَمُوسَى وَعِيْسَى وَمُحَمّد وَإِنَّ عَلِيّ بنَ أَبِي طَالِب كَانَ هِبَةَ اللهِ لِمُحَمّدٍ ، وَوَرِثَ عِلْمَ الأَوْصِيَاءِ، وَعِلْمَ مَنْ كَانَ قَبْلَهُ....)) 3

وَفِيْهَا :

(( قَالَ رَسُولُ اللهِ : خَلَقَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ مئة أَلْفِ نَبِيٍّ وَأَرْبَعَة وَعِشْرِيْن أَلْف نَبِيّ، أَنَا أَكْرَمُهُم عَلَى اللهِ، وَلا فَخْر. وَخَلَقَ اللهُ  مئة أَلْفِ وَصِيٍّ وَأَرْبَعَة وَعِشْرِيْن أَلْف وَصِيّ، فَعَلِيّ أَكْرَمُهُم عَلَى اللهِ وَأَفْضَلُهُم .)) 4

وَفِيْهَا :

(( قَالَ أَبُو ذرّ : يَا رَسُولَ اللهِ، كَمْ بَعَثَ اللهُ مِنْ نَبِيٍّ؟. فَقَالَ: ثَلاثُمِئَةِ أَلْفِ نَبِيٍّ وَعِشْرِيْن أَلْف نَبِيّ، قَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ، فَكَمِ المُرْسَلُون ؟. قَالَ : ثَلاثُمِئَةٍ وَبضْعَة عَشر ..)) 5

وَقَال القُرطبي فِي الجَامِع عُقْبَ إِيْرَادِهِ لِهَذَا الحَدِيْث : (( هَذَا أَصَحُّ مَا رُوِيَ فِي ذَلِكَ؛ خَرَّجَه الآجُرِّيُّ وَأَبُو حَاتِم البُستيُّ فِي المسْند الصّحِيْح لَهُ .)) 6

وَفِيْهَا :

(( عَنْ صَفوان بن مهران الجمّال، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ قَالَ لِي : يَا صَفوان، هَلْ تَدْري كَمْ بَعَثَ اللهُ مِنْ نَبِيٍّ ؟. قَالَ : قُلْتُ : مَا أَدْرِي، قَالَ : بَعَثَ اللهُ مِئَةَ أَلْفِ نَبِيٍّ وَأَرْبَعَةً وَأَرْبَعِيْن أَلْف نَبيّ، وَمِثْلَهم أَوْصِيَاء بِصِدْقِ الحَدِيْثِ وَأَدَاءِ الأَمَانَةِ وَالزُّهْدِ فِي الدُّنْيَا، وَمَا بَعَثَ اللهُ نَبِيًّا خَيْرًا مِنْ مُحَمّدٍ وَلا وَصِيًّا خَيْرًا مِنْ وَصِيِّهِ.)) 7

وَنَقَلَهُ السّيّدُ نعْمة الله الجزائري فِي كِتَابِهِ ( النّور المُبِيْن فِي قَصَص الأَنْبِيَاء ) بِلَفْظِ : (( مِئَة أَلْف نَبِيّ وَأَرْبَعِيْن أَلْف نَبِيّ ..)) 8  

إِلاَّ أَنّهُ ذَهَبَ إِلَى تَأْيِيْدِ الشّيْخ الصّدوق فِي عَدَدِهِم، فَقَال :

(( وَقَال الصّدوق طَيّبَ اللهُ ثَرَاهُ : اعْتِقَادُنَا فِي عَدَدِ الأَنْبِيَاءِ أَنّهُم مِئَةُ أَلْفِ نَبِيٍّ وَأَرْبَعَة وَعِشْرُون أَلْف نَبيّ، وَمِئَةُ أَلْف وَصِيّ وَأَرْبَعَة وَعِشْرُون أَلْف وَصِيّ، وَأَنّ سَادَة الأَنْبِيَاء خَمْسَةٌ الّذِيْنَ عَلَيْهِم دَارَتِ الرّحَى، وَهُمْ أَصْحَابُ الشّرَائع، وَمَنْ أَتَى بِشَرِيْعَةٍ مُسْتَأْنَفةٍ نَسَخَتْ شَرِيْعَةَ مَنْ تَقَدَّمَهُ وَهُمْ خَمْسَةٌ : نُوحٌ، وَإِبْرَاهِيْم، وَمُوسَى، وَعِيْسَى، وَمُحَمّد، وَهُم أُولو العَزمِ، صَلَواتُ اللهِ عَلَيْهِم .

أَقُولُ : مَا قَالَ فِي عَدَدِهم هُوَ الّذِي دَلَّتْ عَلَيْهِ وَاضِحَاتُ الأَخْبَارِ، وَقَالَهُ عُلَمَاؤنَا رضْوان اللهِ عَلَيهم، وَمَا دَلَّ عَلَى خِلافِهِ يَكُونُ مَحْمُوْلاً عَلَى طَرِيْق التّأْوِيْل ...))
9

وَقَالَ السّيّدُ عَبْد اللهِ شبّر فِي كِتَابِهِ ( حَقّ اليَقِيْن ) :

(( لا أَعْلَمُ خِلافًا فِيْمَنْ ذَكَرَ عَدَدَ الأَنْبِيَاءِ، أَنَّ عَدَدَهُم مِئَةُ أَلْفٍ وَأَرْبَعَةٌ وَعِشْرُون أَلْف نبِيّ، وَلَكِنْ قَدْ خَفِيَتْ عَلَيْنَا أَكْثَرُ أَسْمَائِهِم، وَلَمْ نُحِطْ بِمُجْمَلِ أَحْوَالِهِم .)) 10

  فَإِنْ كَانَ مَا أَوْرَدَهُ المُؤَلّفُ مِمّا تَصَحّفَ عَلَيْهِ، فَلَيْسَ تَصَوّرًا، وَإِنْ كَانَ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ ، فَكَلامٌ لَيْسَ لَهُ شَاهِدٌ يُؤَيِّدُهُ.


 


  • 1معرفة الله والمكزون 1\ 241.
  • 2معرفة الله والمكزون 1\ 240.
  • 3بصائر الدرجات 1\251، وفي الكافي 1\281، وفي بحار الأنوار مج7\ 713 ، وفي شرح أصول الكافي 5\304، وفي مرآة العقول 3\17، مع اختلاف في ألفاظه، ففي الكافي والبحار و... (( مائة ألف نبي وعشرين ألف نبي )). وكتبت لفظ (( مئة )) في المتن وفق قواعد الإملاء 13.
  • 4روضة الواعظين 125، وفي مناقب آل أبي طالب 2\ 45، وفي بحار الأنوار مج5\29. وكتبت لفظ (( مئة )) وفق قواعد الإملاء 13.
  • 5الاختصاص 255 ـ 256، وفي بحار الأنوار مج5\46، وكتبت لفظ (( ثلاثمئة )) وفق قواعد الإملاء 13.
  • 6الجامع لأحكام القرآن 7\226ـ 227. وأشار محقق الكتاب ومن شاركه إلى حال الحديث.
  • 7الاختصاص 255، وفي بحار الأنوار مج5\45، ورسم (( مئة )) وفق قواعد الإملاء.
  • 8قصص الأنبياء 13، وربما سقطت كلمة (( أربعة )) من المتن .
  • 9قصص الأنبياء 12، ورسم (( مئة )) وفق قواعد الإملاء .
  • 10حق اليقين في معرفة أصول الدين 129، وانظر كتابه السلوك إلى الله 113، وكتاب الدين بين السائل والمجيب للميرزا حسن الحائري الإحقاقي 2\183، ورسم (( مئة )) وفق قواعد الإملاء .