سجود الملائكة

أُضيف بتاريخ الأثنين, 10/11/2014 - 12:02

سجود الملائكة


وَمِمّا يَدُلُّكَ عَلَى الْتِبَاسِ الأُمُورِ عَلَيْهِ، قَوْلُهُ :

(( ويذكرُ أَنَّ سببَ زوالِ إِيْمان هؤلاء عائدٌ إلى موقفهم في (( عالم الظلالِ )) ... فهم لم يُؤمنوا، هناك، (( بالنور المتجلِّي كمثلِ المثالِ المضروب من الحمأ المسنون )) ولم يستجيبوا للدعوة، أي لم يَسجدوا لآدَمَ عندما أمرهم خالقهم لأنّهم احتجبوا بكبريائهم (( عن معرفةِ الروح القائم )) بصورة آدم........ قلتُ : إن المكزون هنا يتحدَّثُ حديثاً أشبه بالرموز، عن (( عالم الظلال )) ... وبالواقع ، فإنه يُثير مشكلةً أساسيّةً في معرفته ، يأتي بحثُها في (( التجليات )) ..)) 1

بَيَانُ الوَهْمِ

إِنَّ مَا ظَنَّهُ المُؤَلّفُ مِنْ تَصَوّرِ المَكْزُوْنِ وَفَهْمِهِ للنّصِّ القُرْآنِيّ، فِيْمَا نَسَبَهُ إِلَيْهِ بِلا تَحَقُّقٍ، ضَرْبٌ مِنَ المُبَالَغَةِ الّتِي نَشَأَتْ عَنْ قِلّةِ اطِّلاعِهِ عَلَى مَنْ سَبَقَ إِلَى هَذَا القَولِ، وَمَنْ قَالَهُ بَعْدَ ذَلِكَ.

وَمِنْهُ فِي تَفْسِيْر ابنِ عَرَبِيّ :

(( وَإِنْكَار المَلائِكَةِ بِقَوْلِهِم : أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ [سورة البقرة 30] وَتَعْرِيْضهم بِأَوْلَوِيّتِهم لِذَلِكَ بِقَوْلِهِم: وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ. [سورة البقرة 30] هُوَ احْتِجَابُهُم عَنْ ظُهُورِ مَعْنَى الإِلَهِيّةِ وَالأَوْصَافِ الرّبّانِيّةِ فِيْهِ، الّتِي هِيَ مِنْ خَوَاصِّ الهَيْئَةِ الاِجْتِمَاعِيّةِ وَالتّرْكِيْب الجَامِعِ للعَالمين الحَاصر لِمَا في الكَونَينِ ...)) 2

وَفِي مَنَاراتِ السّائِرِيْن :

(( وَلَيْسَ للمَلائِكَةِ اسْتِحْقَاقُ هَذِهِ الخِلافَةِ؛ لأَنّهُم مَحْجُوبُونَ عَنْ رُؤْيَةِ الحَقِّ بِهَذَا النّظَرِ بِحِجَابِ رُؤْيَةِ وُجُودِ الأَغْيَارِ، وَأَفْعَالُهُم أَصَالة لا خِلافَة، وَذَلِك لأَنّ اللهَ تَعَالَى لَمّا امْتَحَنَهُم بِقَوْلِهِ : إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ [سورة البقرة 30] فَلَوْ لَمْ يَكُونُوا مَحْجُوبِيْنَ لَمَا اعْتَرَضُوا عَلَى اللهِ، وَلَمَا أَسْنَدُوا الأَفْعَالَ إِلَى آدَم، وَإِلَى أَنْفُسِهِم أصَالَةً وَاسْتِبْدَادًا، بَلْ أَسْنَدُوها إِلَى اللهِ تَعَالَى....)) 3

وَفِي بَيَانِ السّعَادَة :

(( وَالمُقَرَّبُونَ مِنَ المَلائِكَةِ؛ لإِحَاطَتِهم وَسَعَةِ إِدْرَاكِهِم، أَدْرَكُوا مِنْ آدَم لَوَازِمَه وَصِفَاتِهِ الظّاهِرَة وَالبَاطِنَةَ وَمَا لَهُ بِالفِعْلِ وَمَا فِيْهِ بِالقُوَّةِ، فَعَلِمُوا أَنّهُ مُرَكَّبٌ مِنَ الأَضْدَادِ وَمَحَلٌّ للرّذَائِل، مَوْصُوفٌ بِالشّهواتِ المُسْتَدْعِيَةِ لِهَيَجَان الغَضَب وَالتّبَاغُضِ مَع مَنْ مَنَعَهُ مِنْ مُشْتَهَاهُ، وَالغَضَبُ يَقْتَضِي القَتْلَ وَالأَسْرَ وَالنّهْبَ وَالإِفْسَادَ، وَعَلِمُوا أَيْضًا أَنّهُ مَحَلٌّ وَوِعَاءٌ للإنْسَانِيّة الّتِي مِنْ شَأْنِهَا تَسْخِيْرُ الأَضْدَادِ وَإِطَاعَةُ المُتَضَادّاتِ، وَأَنّهُ بِكُلٍّ مِنْ أَوْصَافِهِ مُنَاسِبٌ لِمَوْجُوْدٍ مِنَ المَوْجُوْدَاتِ، وَلا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الخَلِيْفَةُ بَيْنَ المُتَضَادّاتِ غَيْر آدم الّذِي هُوَ مَجْمَعُ الأَضْدَاد، فَلَمْ يَسْتَعْجِبُوا مِنِ اسْتِخْلافِ آدَم، وَلَمْ يَسْتَنْكِرُوهُ. وَأَمّا مَلائِكَةُ الأَرْضِ، فَلَمّا كَانَ لِكُلٍّ شَأْنٌ وَاحِدٌ، وَلِشَأْنِهِ حَدٌّ مَحْدُوْدٌ لا يَتَجَاوَزُهُ، نَظِيْرُهُمُ القُوى وَالمَدَارِك الإِنْسَانِيّةُ، فَإِنَّ لِكُلٍّ شَأْنًا، وَلِشَأْنِ كُلٍّ حَدًّا، مِثْل قُوّةِ السّمعِ شَأْنُهُ مَقْصُورٌ عَلَى إِدْرَاكِ الأَصْوَاتِ، وَإِدْرَاكُهُ للأصْواتِ مَحْدُودٌ بِحَدٍّ مُعَيّنٍ مِنَ الصّوتِ وَالمَسَافَةِ، لَمْ يُدْرِكُوا مِنْ آدَم سِوى مَا عَلَيْهِ ظَاهِرُهُ مِنْ كَوْنِهِ مَجْمَعًا للأضْدَادِ، مُقْتَضِيًا للقَتْلِ وَالنّهْبِ وَالفَسَادِ، وَلَمْ يُدْرِكُوا بَاطِنَهُ مِنَ الإِنْسَانِيّةِ المُسَخّرَةِ للكُلّ، وَاسْتَعْجَبوا مِنِ اسْتِخْلافِهِ، وَاسْتَنْكَرُوهُ، وَأَطْلَقُوا لِسَانَهُمُ اللاّئِقَ بِحَالِهم، وَقَالُوا ـ بِصُورةِ الإِنْكَارِ ـ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ. كَمَا كَانَ هَذَا فِعْل الشّيَاطِيْن وَالجِنّ، وَلا تَجْعَلُ مِنّا خَلِيْفَةً يَعْدلُ فِي الأَرْض، وَيَرْفَعُ الفَسَادَ، وَيَحْفَظُ الدِّمَاءَ، وَتَجْعَلنَا مُطِيْعِيْنَ لِمِثْلِ هَذَا، مَحْكُومِيْنَ لَهُ.)) 4

وَمِمّا نُشِرَ وَلَمْ يُنْسَبْ إِلَى مُؤَلّفٍ :

(( أَمّا الضِّدُّ الرُّوْحَانِيُّ فَهُمْ أُوْلَئِكَ الهَابِطُونَ الّذِيْنَ تَكَبّرُوا عَنْ قَبُولِ الدّعْوَةِ فِي ذَلِكَ العَالَمِ العُلْويِّ، وَأَصَرّوا وَاسْتَكْبَرُوا، وَذُرّيّتهُ مَنْ حَذَا حَذْوهُ واقْتَفَى أَثَرهُ مِنَ المُتَكَبّرِيْنَ عَلَى أَوْلِيَاءِ اللهِ تَعَالَى وَالمُدّعِيْنَ لِمَقَامَاتِهِم فِي كُلِّ عَصْرٍ وَزَمَانٍ.
 
وَأَمّا قَوْلُهُم : أَيْنَ كَانَ ضِدُّ آدَم، عَلَيْه السّلامُ، قَبْل ظُهُوره ؟. فَإِنّهُ كَانَ فِي عَالَم الهيولَى، وَلا يَزَالُ الخَبِيْثُ وَالطَّيِّبُ مُتَسَايِرَينِ إِلَى أَنْ يَظْهَرا كَمَا يُوْجِبهُ العَدْلُ وَتَقْضِيه الحِكْمةُ فِي الوقْتِ الّذِي يَرَاهُ المُدَبّرُ تَعَالَى، فَاعْلَمْ ذَلِك.))
5

قَارِنْ قَول الدّكتور أسْعد عَلِيّ :

(( بهذا الافتراض، يكونُ المكزونُ قد حلّ المشكلة، فابليسُ الذي لم يسجدْ هو مجموعة الشكوك التي حجبتْ الشاكِّين، على حدِّ تعبيره، (( عن معنى العلم الذي ظهر لهم من الصُّورةِ التي أُمِروا بالسُّجود لها..)) )). 6

بِقَولِ ابنِ عَرَبِيّ :

(( احْتِجَابُهُم عَنْ ظُهُورِ مَعْنَى الإِلَهِيّةِ وَالأَوْصَافِ الرّبّانِيّةِ فِيْهِ .)).

وَهُوَ فِي عَصْر المَكْزون الّذِي نُسِبَ إِلَيْهِ مَا نُسِب .

وَبِشَرْحِ مُؤَيّد الدّين الجندي لِفُصُوص الحِكَم :

(( وَلَكِنَّ حَقِيْقَةَ إِبْلِيْس مُنَافِيَةٌ لِحَقِيْقَةِ آدَم بِالحَقِيْقَةِ وَالطّبْعِ؛ لأَنَّ حَقِيْقَةَ آدَم (عليه السلام) صُوْرَةُ ظَاهِرِيّةِ أَحَدِيّةِ جَمْعِ الجَمْعِيّاتِ الإِلَهِيّةِ وَالجَمْعِيّات الكَوْنِيّةِ، وَإِنّمَا جَمَعَ اللهُ لَهُ بَيْنَ اليَدَيْنِ؛ لأَنَّ الإِنْسَانِيّةَ الّتِي هِيَ حَقِيْقَتُهُ تَقْتَضِي الاِعْتِدَالَ وَكَمَالَ الجَمْعِ بَيْنَ التّعَيُّنِ وَالإِطْلاقِ، وَالكَثْرَةِ وَالوَحْدَةِ، وَعَدَمَ الاِنْحِصَارِ فِي تَعَيُّنٍ جُزْئِيٍّ، بِخِلافِ حَقِيْقَةِ إِبْلِيْسَ، فَإِنّهَا صُوْرَةُ الاِنْحِرَافِ التّعَيّنِي الحِجَابِيّ إِلَى الأَنَانِيَّةِ الجُزوية المُتَقَيِّدَة بِالاِسْتِعْلاءِ وَالاِسْتِكْبَارِ، وَالظّهُور وَالعُلُوّ عَلَى حَقِيْقَة العَيْن؛ إِذِ التّعَيّن يَكْفُرُ العَيْنَ وَيَحْجُبُهُ وَيَعْلُو عَلَيْهِ . وَهَذِهِ الحَقِيْقَةُ تَقْتَضِي التّفْرِقَة النّارِيّة المُعْتَلِيَة عَلَى بَاقِي العَنَاصِر .

فَلَمّا تَبَايَنَتِ الحَقِيْقَتَانِ، وَقَعَتِ المُضَادّةُ وَالمُحَادّةُ وَالمُعَادَاةُ فِي عَالَمِ الصُّوْرَةِ بِسَبَبِ المُضَادّةِ الحَقِيْقِيّة فِي الحَقِيْقَةِ وَبِحَسبِهَا، وَلأَنّ نَشْأَةَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا تُضَادُّ نَشْأَةَ الآخَر فِي الجُزءِ الأَعْظَم؛ فَإِنَّ الجُزءَ الأَعْظَم فِي نَشْأَةِ الإِنْسَانِ المَاءُ، ثُمّ الأَرْضُ، وَهُمَا يُعْطِيَانِ بِحَقَائِقِهِمَا وَصُوَرِهِمَا وَقُوَاهُمَا وَرُوْحَانِيّاتِهِمَا، اللِّيْنَ وَالإِذْعَانَ وَالطّاعَة َوَالقَبُولَ وَالاِنْقِيَادَ وَالإِيْمَانَ وَالثّبَاتَ وَالوَقَارَ وَالتّؤدَةَ وَالسَّكِيْنَةَ وَالخُشُوعَ وَالاِسْتِكَانَةَ .. وَالجُزء الأَعْظَم فِي نَشْأَةِ إِبْلِيْسَ وَالشّيَاطِيْن، النّارُ، وَهِيَ بِحَقِيْقَتِهَا وَصُوْرَتِهَا وَرُوْحَانِيّتِهَا تُعْطِي الاِسْتِعْدَادَ وَالاِسْتِكْبَارَ وَالخفّة وَالطّيشَ...))
7

وَهُوَ بَعْدَ المَكْزُونِ الّذِي يُنْسَبُ إِلَيْهِ الحَلُّ .

وَبِمَا فِي بَيَانِ السّعَادَةِ :

(( وَلَمْ يُدْرِكُوا بَاطِنَهُ مِنَ الإِنْسَانِيّةِ المُسَخّرَةِ للكُلّ، وَاسْتَعْجَبوا مِنِ اسْتِخْلافِهِ .)).

وَمُؤَلِّفُهَا بَعْد المَكْزون الّذِي نُحِلَ أَقْوَالَ غَيْرِهِ . 8

يَظْهَرْ لَكَ غَلَطُ المُؤَلِّفِ فِي قَوْلِهِ :

(( لا يمكنُ البتُّ بالكيفية التي فكّر بها المكزون، وفهمَ بها النصَّ القرآنيَّ حتى استنبطَ منه هذه النظرية في بداية إبليس ورمزيته ..)) 9

فَلَيْسَ فِيْهَا اسْتِنْبَاطٌ وَلا اسْتِخْرَاجٌ يُخَصّصُ بِالمَكْزُوْنِ، وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ التّنْبِيْهُ عَلَى خَطَأ المُؤَلّفِ فِي قَوْلِهِ :

(( وما لم تتخلّص منه فلن تستطيع تزكية ذاتها، ولن تبلغ سعادة المشاهدة، ومعرفة الحقيقة ..)) 10

فَهَذَا شَائِعٌ قَبْلَ المَكْزُوْنِ وَبَعْدَهُ ، وَمِنْهُ فِي الرّسَالَةِ الجَامِعَةِ :

(( وَكَذَلِكَ النّفْسُ النّاطِقَةُ ، إِذَا فَارَقَتْ ظُلْمَةَ الطّبِيْعية الجِسْمَانِيّة وَالهيولى الظّلمَانيّة، لَحِقَتْ بِأَنْوَارِهَا، وَعَادَتْ إِلَى إِشْرَاقِهَا، لِشَوْقِهَا إِلَى ذَاتِهَا وَتَذَكّرِهَا مَكَانَ لَذّاتِهَا الرُّوْحَانِيّةِ، وَفَوَائِدهَا النّورانِيّة، إِذْ كَانَتْ بَدَتْ مِنْ جَوْهَر الكَلِمَةِ الإِلَهِيّةِ، وَمَتَى غَفَلَتْ عَنْ هَذَا، بَقِيَتْ فِي عَالَمِ الكَونِ وَالفَسَادِ، وَالهُبُوطِ وَالاِتّحَادِ ..)) 11

وَمِنْهَا :

(( وَمَتَى سَقَطَ الإِنْسَانُ عَنْ فِعْلِهِ الخَاصِّ بِهِ، إِذَا لَمْ يَكُنْ مُجْتَهِدًا عَلَى أَفْضَلِ أَحْوَالِهِ وَعَامِلاً بِأَنْفَعِ أَعْمَالِهِ، لَمْ يَكُنْ إِنْسَانًا مَوْجُوْدًا بِمَا هُوَ إِنْسَانٌ، فَإِذًا، بِالحِكْمَةِ وَتَعَلّمِ العِلْمِ، وَإِخْرَاجِ مَا فِي القُوَّةِ إِلَى الفِعْلِ ، تَكْمُل الصّورةُ الإِنْسَانِيّةُ وَالأَخْلاقُ الآدَمِيّةُ .... يَنْتَقِلُ مِنْ أَدْوَنِ المَنَازِلِ إِلَى أَشْرَفِهَا، وَمِنْ أَسْفَلِهَا إِلَى أَعْلاهَا، حَتّى تَصِيْر نَفْسُهُ مَلَكًا كَرِيْمًا، فَيَرْقَى إِلَى دَرَجَاتِ سُلّمِ المَعَارِجِ فَيَعْرُجُ بِهِ مَع المَلائِكَةِ وَرُوحِ القُدُسِ، إِلَى مَكَانِ الكِرَامِ، فِي دَارِ الحَيَوانِ وَمُجَاوَرَةِ الرّحْمانِ فِي الجِنَانِ، ذَاتِ الرَّوْحِ وَالرَّيْحَانِ ...)) 12

وَمِنْهَا :

(( وَكَانَ غَايَةُ الطّلَبِ فِي هَذَا البَحْثِ هُوَ البَيَانُ عَنْ كَيْفِيّةِ بُلُوغِ الإِنْسَانِ، بِدَوامِ انْتِقَالِهِ، وَتَغَيّرِ أَحْوَالِهِ، إِلَى حَدِّ كَمَالِهِ ... وَكَيْفَ يَصِيْرُ إِلَى رُتْبَةِ المَلائِكَةِ الأَخْيَارِ، وَيَصِلُ إِلَى دَارِ القَرَارِ، وَمَحَلِّ الأَنْوَارِ، وَلا يَتَهَيّأُ لَهُ ذَلِكَ إِلاّ بَعْدَ خَلْعِ العَادةِ وَتَمَامِ المَادّةِ ، وَبُلُوغِ الإِرَادَةِ، وَنِهَايَة السّعَادَةِ، فَعِنْدَ ذَلِكَ يَتَهَيّأُ لَهُ النّظَرُ إِلَى بَارِيْهِ، بِقَلْبِهِ الطّاهِرِ وَنُوْرِهِ الزّاهِرِ، وَيَعْرِفُهُ سُبْحَانَهُ حَقّ مَعْرِفَتِهِ ....)) 13

وَمَا ظَنّهُ فِي قَوْلِهِ :

(( لا يمكنُ البتُّ بالكيفية التي فكّر بها المكزون، وفهمَ بها النصَّ القرآنيَّ حتى استنبطَ منه هذه النظرية في بداية إبليس ورمزيته، وتعدُّده، وأنَّهُ أبو الجنِّ كما أنَّ آدم أبو البشر.)). 14

لَيْسَ مِمّا يُعَوّلُ عَلَيْهِ فِي اسْتِنْبَاطٍ وَلا فَهْمٍ، لأَنّهُ مِنَ الشّائِعِ فِي كَلامِ المُفَسّرِيْنَ، وَمِنْهُ فِي المُحَرّر الوَجِيْز :

(( وَقَالَ ابنُ زَيْد وَالحَسنُ : هُوَ أَبُو الجِنِّ، كَمَا أَنَّ آدَم أَبُو البَشَر، وَلَمْ يَكُن قَطُّ مَلَكًا، وَقَدْ رُوِيَ نَحْوه عَن ابنِ عبّاس أَيْضًا .)) 15

وَفِي تَفْسِيْر القُرطبيّ :

(( وَقَالَ ابنُ زَيْد وَالحَسنُ وَقَتَادةُ أَيْضًا : إِبْلِيْسُ أَبُو الجِنِّ، كَمَا أَنَّ آدَم أَبُو البَشَر، وَلَمْ يَكُن مَلَكًا، وَرُوي نَحْوه عَن ابنِ عبّاس، وَقَال : اسْمهُ الحَارث .)) 16


 


  • 1معرفة الله والمكزون 1\ 238.
  • 2تفسير ابن عربي 1\22.
  • 3منارات السائرين 268.
  • 4بيان السعادة 1\73.
  • 5أربعة كتب إسماعيلية 129 .
  • 6معرفة الله والمكزون 1\376.
  • 7شرح فصوص الحكم 200ـ201.
  • 8تقدم الكلام عليه في فصل التأسيس على الأوهام .
  • 9معرفة الله والمكزون 1\376.
  • 10معرفة الله والمكزون 1\376.
  • 11الرسالة الجامعة 247.
  • 12الرسالة الجامعة 62. وأثبت الألف في كلمة (( الرحمن )) وفق قواعد الإملاء ص32.
  • 13الرسالة الجامعة 294.
  • 14معرفة الله والمكزون 1\376.
  • 15المحرر الوجيز1\245، وانظر تفسير ابن كثير 1\114، والتبيان 9\468، وتفسير البغوي 3\40، ومجمع البيان 5 ـ 6 \516. وتفسير البغوي 1\33.
  • 16الجامع لأحكام القرآن 1\439.