خُطبتا صلاة الجُمُعَة في 3 تشرين أوّل 2014م

أُضيف بتاريخ الخميس, 01/10/2015 - 12:55
فيديو وكتابة: خُطبتا صلاة الجُمُعَة في 3 تشرين أول 2014م

  موضوع الخطبتين: (نحن اليوم في زمانٍ أحوَجُ ما نكون فيه إلى الدُعاء - الإستكبارُ عن الدُعاء هو استكبارٌ عن العبادة - ما السبب في تأخّر إجابة الدعاء؟! - الدُعاء لله سبحانه وتعالى له شُرُط وحددود وأركان - ممّا يجب أن يُعاد النظر فيه عند الدعاء - لا يُقبلُ التسبيح إذا كان القلب يأكُلُ من الحَرام - {وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ} -
الإصرار على المعصية - التوبة تتطلّبُ النَدَم - استعجال التوبة هو الدليل إلى قُرب الخَلاص ممّا نحن فيه - الذي يجري على أيدِ الطُغاة والبُغاة والظالمين هذا هو عذاب الله في الأرض - متى نتوب؟! )


  الخُطبة الأولى:

  في كثير من الكُتُب التي قرأناها قرأنا (الدُعاء مُخُّ العِبادة) وأنّ من دعى اللهَ عز وجل استُدِلَّ بدعائهِ على خُضوعِهِ لله عز وجل، بطلبه منه الرزق، وبطلبه منه النجاة، وبطلبه منه الشِفاء من داءٍ إذا كان أصابهُ.

  والإستكبارُ عن الدُعاء هو استكبارٌ عن العبادة، لأنَّ الذي يُعطي هو الله عز وجل، والذي يمنع هو الله عز وجل ولذلك جاء في الحديث أنّ (مسألة ابن آدم لابن آدم فِتنة، إن أعطاهُ حمِدَ من لم يُعطِه، وإن مَنَعَهُ ذَمَّ مَن لم يَمنَعَه).

  إذا سألَ أحدُنا أخاه أو جاره أو صديقه شيئاً فأعطاه فإنّ الواجب أن يَحْمَدَ الله عز وجل الذي وَفَّقَهُ لسؤال هذا الرجل وأن يَحْمَد الله تعالى الذي أنعَمَ على هذا فكان مِمّا أنعَمَ به أن أعطى غيرهُ إذا سَأل.

  وإذا منعَ أحدُنا أخاه فالواجبُ أن ننظُرَ في هذه الحال وأن نعلم أنّها ليست ممّا يوجبُ الذَمَّ لذلك الذي مَنَع، لأنَّ المانع هو الله عز وجل والمُعطي هو الله عز وجل، فمن حَمِدَ الناس كان نصيبه من عِبادة الله حَمْدُ الناس، وحَمْدُ المَخلوق أو ذَمُّهُ. والذي يُقَدّمُ الرزق والذي يُعطي والذي يَمنَع هو الله رب العالمين وليس أحدٌ من المخلوقين بقادرٍ على أن يُعطِيَ أحداً ولا على أن يمنَعَ أحداً، إن لم تكُن إرادة الله عز وجل سابقةً في تقديره لهذه الأمور.

  الدُعاء لله سبحانه وتعالى له شُرُط، لا يستطيعُ كُلٌّ إذا دعى أن يُوَفَّقَ لمعرفة الدعاء وأركانِهِ وشُروطِه، ولا يُوَفّقُ إلى إجابته لأنَّ له شروطاً، ولأنَّ له حُدوداً.

  ونحن اليوم في زمانٍ أحوَجُ ما نكون فيه إلى الدُعاء، وإنَّ كثيراً مِنَّا يدعو وكثيراً مِنّا يرى تأخُّرَ الإجابة، فما السبب في تأخّر الإجابة؟!

  بالأمس وقع تفجيرٌ قُربَ مدرسةٍ ذهب فيه من الشهداء ومن الجرحى ما لا نستطيعُ أن نُحَدّدَ العدد فيه لأنّ هذا العدد قد يتطوّر ويزيد، لكن ما يزيد على ثلاثين طِفلاً قضى نحبَهُ مع أنَّ الناس تدعو، الصغير يدعو والكبير يدعو والجميع يدعو الله سبحانه وتعالى أن يكفِيَنا شرَّ هؤلاء، وأن يُنجِيَنا من هذا البلاء والمِحنَةِ التي أصابتنا. فلما لا نرى إجابةً لهذا الدُعاء؟!
كُلُّنا يسأل لما ندعو ولا يُستجابُ لنا؟!

  السبب في أنّنا ندعو ولا يُستجابُ لنا ما ذكرناه من أنّ للدعاء شروطاً وأنّ للدعاء حدوداً وأنّ للدعاء أركاناً يجب أن يقوم عليها، وأنّ الذي يتجاوز هذه الحدود وأنّ الذي يتعدّى هذه الحدود وأنّ الذي لا يقفُ عند ما أُمِرَ به فإنّه لا يُستجابُ له وإن دَعا.

  ممّا يجب أن يُعاد النظر فيه عند الدعاء أن ينظُرَ الرجل أولاً في ما يأكُل، في موردِهِ الذي يأتيه منه الطعام، إذا كان هذا المورد حَلالاً فليكُن موقِناً بالإجابة، وإن لم يكن هذا المَورِدُ حَلالاً فليكُن موقِناً بعدم الإجابة، لأنّ الله عز وجل لا يقبل أن يُدعى بدُعاءٍ العِظام التي تتحرّكُ في جسد الداعي واللسان الذي يتحرّكُ فيه قد نشأَ على الحَرام، وأكَلَ من الحَرام، وشرب من الحَرام.

  في وصية مولانا أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام لكُمَيل بن زِياد (يا كُمَيْل، اللسانُ ينزحُ القلب، والقلب يقوم بالغذاء ، فانظر فيما تُغذي قلبك وجسمك فإن لم يكن حلالاً لم يقبل الله تسبيحك ولا شكرك)

  لا يُقبلُ التسبيح إذا كان القلب يأكُلُ من الحَرام، ولا يُقبلُ الشُكرُ إذا كان القلب يأكُلُ من الحرام، والذي يدعو الله عز وجل ابتغاء مَرضاتِهِ وابتغاء أن يُلهمه أو يُوَفّقهُ أو يدُلّهُ على مَخرجٍ من غَمَّاءَ أصابتهُ أو مِن بَلاءٍ نزل به فيجبُ أن يعلم أنّ الدُعاء إذا لم يكُن من طريق الحلال أنّ الإجابة لا تأتي.

  سُئِلَ الإمامُ الصادقُ عليه السلام عن مِثل هذه الحال:
إنّا ندعو فلا يُستجابُ لنا مع أنّ الله سبحانه وتعالى ذكَرَ في كِتابه الكريم إيجابَ الدُعاء، والإستجابة لمن دعاه، فلِمَا ندعو ولا يُستجابُ لنا؟!
وكان في الجواب عن هذا أنّه قال: لأنّكُم تدعونَ من لا تعرِفون.
وقاولوا: كيف نعرف الله؟
قال: إذا عرفتُم نُفوسَكُم.
قالوا: وكيف نعرف نفوسنا؟
قال: فكّروا في أعيُنِكُم كيف تُبصِر، وفكّروا في آذانِكُم كيف تسمَع، وفكّروا في قُلوبكم كيف تُفَكِّر، فإذا شَعَرتُم بعَظَمَةِ الله عز وجل فدعوتُمُوه استجابَ لكُم.

  وجاء في موضعٍ آخر، لماذا ندعو ولا يُستجابُ لنا؟

قال: لأنّ الله سبحانه وتعالى يقول {وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ} واللهِ لو وَفَّيتُم لله بعهدِهِ لوَفىَ الله لكُم بعهده.

  لو أنّ الذي يَدعو وَفَى لله سبحانه وتعالى بما أمَرَهُ به لاستجاب الله عز وجل دُعاءه. لو أنّه وَفَى بما عاهد الله سبحانه وتعالى عليه لكان الله سبحانه وتعالى مُستجيباً له إذا دعاه، ولكن :
أينَ عَهْدُ الله سبحانه وتعالى بالنَهي عن عِبادة غيره {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لَّا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ}؟!
أين عهدُهُ سُبحانه وتعالى بإقامة الصلاة؟!
وأين عهدُهُ بالصيام؟!
وأين عهدُهُ بمُجاهدة النفس؟!
وأين عهدُهُ بالكَفّ عن أذى الناس؟!
وأين عهدُهُ في اجتناب الغِيبَةِ والنَميمَة؟!
أين عهدُهُ في التوادّ والتراحُم؟!
أين عهدُهُ في تفقُّدِ الفُقراء والمَساكين؟!
أين عهدُهُ في رَحمَةِ الناس؟!
أين تلك العُهود التي يجب أن نَفِيَها لله سبحانه وتعالى؟!
أين تلك العُهُود التي يجب أن تُوَفّى لله سبحانه وتعالى حتى نسألَ الله أن يُنجِيَنا ممّا أصابنا؟!
وهل أصابنا ما أصابنا لولا تقصيرُنا في مِثلِ هذه الأمور، لولا استطبارُنا وإن لم نشعُر به في هذه الأرض، ولولا إفسادُنا في هذه الأرض، ولولا مُعاندتُنا لله عز وجل في هذه الأرض، مِن فتوى بغير عِلم، ومن تحليل ما حَرَّمَ الله، ومِن تحريم ما حَلَّلَ الله، ثمّ ننظر بعد هذا لما لا يستجيبُ الله دُعاءَنا؟!!!!.

  من أراد أن يستجيب الله عز وجل دُعاءه، فلينظر من أين يأكُل، فلينظُر من أين يشرب، حينئذٍ إذا دعى فليكُن موقناً بأنَّ الإجابةَ قريبة، أمّا أن يكون طعامُنا حراماً، وشرابُنا حراماً، وغِذاؤنا حراماً فإنَّ الدُعاء بعيدٌ عن الإجابة.

  ما أراد الله سبحانه وتعالى من إيجاد الدُعاء إلّا أن يخضعَ العبدُ لأمر ربّه، وأن يعرف عَظَمَةَ رَبِّهِ، وأن يعرف فَضلَ رَبّهِ عليه، ولكن إذا تأخّرت إجابة الدعاء فليعلم من دعى أنّ الله عزّ وجل ليس بظالمٍ له وأنّه إنما دلّهُ على طريق الخير ودلّه على طريق الشرّ ومَكَّنَهُ وأعطاهُ من القُوّة ومن العَقل ما يُفرّق به بين الحَق والباطِل، فلا يجعلنَّ أحدٌ تَبِعَةَ هذا الأمرِ على غيره، ولا يقولَنَّ أحدٌ هذا ما جَرَّهُ إلينا الدين أو هذا ما سَبَّبَهُ لنا الإسلام!؟ ما ذنبُ دين الله إن نكذب ونُخلِف ما نقوله.. الذنبُ ذَنْبُنا والخَطَأُ خَطَؤنا، ولولا ذلك ما وَصلنا إلى ما وصلنا إليه وما كانت الحالُ بمثل هذه الحال.

  نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا ممّن يتبيّن إذا سمع شيئاً، وأن يجعلنا ممّن يحتاطُ في دينِهِ مِن طعامه ومِن شرابه ومن قِيامِهِ ومن قُعودِهِ ومن رُكُوعِهِ ومن سُجودِهِ وأن تكون أعمالُهُ لله خالصةً، إذا صَلّى وإذا صام وإذا أنفق في سبيل الله، اللهم صلّ على محمد وآل محمد...

  الخُطبة الثانية:
  إجابة الدُعاء كما أسلفنا مُقَيّدةٌ بشروط فإذا لم تكُن تلك الشروط وتأخّرت إجابة الدعاء كان هذا تنبيهاً وموعظةً من الله عز وجل على أمرٍ ما، فما هو ذلك الأمر الذي تدُلُّ عليه أو يدُلُّ عليه بعد تأخُّرِ إجابةِ الدُعاء؟!

  تأخُّرُ إجابة الدُعاء موعظةٌ وتنبيه، تنبيهٌ على وُجُبِ تعجيل التوبة ليستجيب الله عز وجل دُعاء من دَعاه، فلقد كان من أجوبة الإمام الصادق عليه السلام عمّن سأله لماذا ندعو ولا يُستجابُ لنا أن يُمَثّل لهم تلك الحال. قال لأنَّ العبد يدعو الله وهو مُصِرٌّ على المَعصية له.

  العبد يدعو الله عز وجل وهو مُصرّ على معصية الله سبحانه وتعالى، فالله جلّ جلاله يُطالبُهُ بالتوبة والعبدُ يُطالبُهُ بإجابةِ الدُعاء! فكيف يجتمعان؟! أنت تعصي الله عز وجل وتدعو الله عز وجل؟! والله عز وجل يُطالبكَ بالتوبة ونحن نُطالبُهُ بأن يستجيبَ دُعاءنا! أفلا ينبغي لنا أن نُجيبه إلى ما طَلَب!؟ أن نتوب ثم بعد هذا أن نسأله أن يستجيب دُعاءنا !

  إذا رَدَّ العبدُ إجابته إلى التوبة فقد رحمه الله وعفى عنه، إذا تاب العبد بعدما دعى الله سبحانه وتعالى وهو على معصيةٍ كان من فضل الله عز وجل أن يعفُوَ عنه وأن يغفر له إذا تاب ممّا جنى ثمّ إنّ له بعد هذا أن يسأل الله وأن يدعُوَه.

  التوبة هي الرجوع عن الخطأ، التوبة تتطلّبُ النَدَم، والتوبةُ تقتضي أن نعترف أولاً بأخطائنا وأن نُقِرَّ بذنوبنا، ثم أن نجتهد بعد هذا أن نرجع إلى الله عز وجل، من يتذكّر حالهُ قبل سنين ويعلم ما كان فيه من الأمنِ ومن الرَّخاء ومن العافية، لو أننا يومئذٍ شكرنا الله عز وجل على تلك النِعَمِ التي كان قد أنعمها ما ذهبت تلك النِعَم، لكنّ العافية والفراغ كما جاء في الحديث نعمتان مَغبونتان لا يعرف أحدُنا قَدْرَ تلك النِعمَة حتى تضيع، لا يعرف أحدنا قَدرَ نِعمَة العافية والأمن حتى يفقدها، فإذا فقدها وجب عليه أن يرجع إلى الحال التي كان عليها قبل أن يفقد تلك النِعمة، وإذا رَجِعَ وتذكّرَ الحال التي كان عليها عَرَفَ السَبَبَ في ما أفقده تلك النِعمَة، عَرَفَ أنَّهُ كان بَطِراً أَشِرا، عَرَفَ أنّهُ كان مُستكبراً عن قَبولِ الحَق، عَرَف أنّه كان يُكابِرُ ويجحدُ بعد العِلمِ والتَبيين، عَرَف أنّه تَرَكَ كِتابَ الله عز وجل مَهجوراً، عَرَفَ أنَّهُ تَرَكَ سُنَّةَ نبيّهِ ص وآله وسَلّم.

  إنّ أحدنا لا يُصيبُهُ المَلَل لو جالَسَ صديقهُ يوماً كاملاً، ولا يُصيبُهُ المَلل ولا يَمَلّ لو أنّه تَشَوَّفَ إلى شيء يُحِبُّهُ في مُنتزَهٍ أو في حديقةٍ أو في قناةٍ من قنواتِ الإعلام، لكنّهُ يكادُ يمرض إذا قرأ في اليوم ما يُذَكِّرُهُ بما فرض الله سبحانه وتعالى عليه.

  أليس عجيباً أنَّ أحدنا لا يَمَلُّ من الحَديثِ فيما لا ينفعُهُ ولا يضُرُّهُ في أشياء لا تكون لها تلك القيمَة، ولكن يُرهِقُهُ ويُتعبُهُ أن يرجِعَ إلى كتاب الله عز وجل ليقرأ فيه سورةً لو كانت من السُوَر القصيرة!!!

  ولا يُرهِقُ أحَدَنا أن يُنفِقَ مالهُ في سبيل راحةِ جسدهِ، وفي سبيل راحَةِ أولاده، ولكن يشُقُّ عليه أن يُنفِقَ في سبيل الله ما هُو مِعشارُ ذلك المال الذي يُنفِقُهُ ليتنعّمَ به؟!

  نعم يشُقُّ عليه لأنّهُ يرى أنّ الخَلَفَ فيما يُنفقُهُ على نفسه وليس فيما يُنفقه على غيره، فكيف تكون الحال إذا كان الله عز وجل يأمُرُ بأن تكون على حالٍ من التراحم ومن التعاضُد، كيف صِرنا اليوم؟!

  صار المالُ سيّداً في كُلّ شيء، وصار الثَرِيُّ قادراً على ما لا يستطيعُ أن يفعلهُ عُلماءُ الأُمّة، بمالِهِ يوجّهُ كيف يشاء، ويَرفعُ من يشاء، ويَخفِضُ من يشاء، ويُقَرّبُ من يشاء، ويُبعِدُ من يشاء، ثم نحن بعد هذا نسأل الله عز وجل إجابة الدُعاء!!!!! أفلا نتوب إلى الله قبل أن نسألهُ إجابةَ الدُعاء في أمرٍ نعلم أنّنا لسنا من أهلهِ؟!!.

ما أكثر الذين يدّخرون ما لا يحتاجون إليه وهم يعلمون أنّ هناك من الناس من لا يجدُ الخُبز، أين حديث رسول الله (ما آمن بي من بات شبعاناً وجارُهُ بجوارِهِ جائِه وهو يعلم) إذاً ما أكثر الذين خرجوا من الإيمان بدعوة رسول الله ص وآله وسلّم.

  وقِس على هذا ممّا خالفنا فيه وما نزالُ نُسَوّفُ فيه، ونسأل الله التوبة!!
ونسألُ الله أن يكفِيَنا شَرَّ من أتى إلينا يُقتّلُ ويُقَطّعُ ويُمَزّق!!!
أين الأمر الذي نُقابلُ به الله عز وجل من أننا يا رب تُبنا ورَجَعنا إليك.؟!!
أين هي العادةُ الذميمة التي ألغيناها؟!! وأين هي العادةُ التي لم تكُن على طريقٍ سَوِيٍّ فأصلحناها؟!! هل أصلحنا نُفوسنا؟!!
أما تزالُ البغضاء والأحقاد في قلوبنا وفي صدورنا؟!!!
أما نزالُ نَسعى؟!!!
أما نزالُ نَغتاب؟!!!
أما نزال بين النميمة والسَعْي والأذى؟!!!
أما نزالُ نتعقّبُ أخطاء غيرنا؟!!!
ثم بعد هذا نسألُ الله عز وجل أن يستجيب دُعاءنا؟!!!

  توبوا.

  من أراد الله أن يستجيب دُعاءه فليَتُب، فإنَّ الله سبحانه وتعالى قد تكفّلَ له بإجابة الدعاء، ولكن كيف يتصوّرُ أحدنا أن يسأل الله من فضلِهِ وهو ممّن جحد فضل الله !!؟ وممّن تجنّب طاعة رسوله ص وآله وسلم!!!؟.

  استعجال التوبة هو الدليل إلى قُرب الخَلاص ممّا نحن فيه، أمّا ما دُمنا على هذه الحال لم نتُبْ فأبشروا. لنُبشِر جميعاً بأنَّ ما نحن فيه قد يصِلُ إلى مئات السنين ورُبّما أهلكنا جميعاً.

  قد يكون هُناك من يحمل السلاح ومن إذا تصوّرت طاقته وقُدرته قلتَ في نفسك أنا لا أستطيعُ أن أدفعَه، ولكن ما هذه الأمور لولا إرادة الله سبحانه وتعالى في أن تكون، أن يُسَلّط فُلاناً على فُلان، وأن يُسلّطَ دولةً على دولة، هذا هو عذاب الله في الأرض، عذابُ الله حين تُستَحَلُّ مَحارمُ الله، وعذابُ الله حين تُتَعَدَّى حدود الله، فهذا هو عذاب الله في الأرض.

  الذي يجري على أيدِ الطُغاة والبُغاة والظالمين هذا هو عذاب الله في الأرض، والذي كان من أسبابه ما ذكرناه من استكبارنا عن طاعة الله عز وجل، ومن تقديمنا آراءنا وأهواءنا على كتابه وعلى سُنّةِ نبيّه وعلى آثار الأئمة الطاهرين.

  متى نتوب؟! وهل نُعَدُّ ونحن في هذه الحالة ممّن يُسَمّى راجياً ثواب الله أو مغفرة الله أو عفو َ الله أو رحمةَ الله ليَنجُوَ مما هو فيه.

  سُئِلَ الإمام الصادق عليه السلام: قومٌ يعملون بالمعاصي ويقولون نحن نرجو الله. قال: كذبوا هؤلاء القوم يترجّحون في الأماني إنّ من رجى شيئاً طلبه ومن خاف شيئاً هرب منه .

  لا يقولنّ أحدنا أنه يرجو الله وهو يترجّحُ في الأماني بين أن يتوب وبين أن لا يتوب، أو بين أن يفعل أو بين أن لا يفعل، في كُلّ يومٍ نُسَوّفُ التوبة، غداً نتوب وغداً نتوب حتى يأتِيَنا الموت ونحن لم نتُب! حينئذٍ لا عمل....