المراد من الأحاديث الموضوعة

أُضيف بتاريخ الأحد, 31/10/2010 - 10:18

  لا حاجة إلى استعراض الأحاديث الموضوعة التي ذكرها أسبر في كتابه واتهم العلويين بالعمل بها لأنها ليست غاية بل وسيلة إلى غاية أراد الكاتب الوصول إليها فجعلها كمقدمات لنتائج، وهذه النتائج التي يظن أنه حققها هي اتهام العلويين بقول التالي:

  1. حرمة إقامة العبادات الخمس (الصلاة والزكاة والصيام والحج والجهاد.)
  2. الإباحة وتحليل الحرام.
  3. الاستهزاء ببيت الله الحرام.
  4. القول إن الصلاة تقام تقية.
  5. إباحة الخمر.
  6. القول أنّ النساء خلقوا من معصية إبليس.
  7. التأخير والتقديم في الأعياد.
  8. عبادة الأجرام السماوية.

  هذه هي الاتهامات الموجهة إلى المسلمين العلويين، ولكن مِنْ قبل مَنْ ؟
  لقد وُجِّهَت من رجل يَدَّعي أنه من أبناء هذا المذهب ويُفاخر على أتباعه بعلويته، فهل قال ابن تيمية غير هذا بحق العلويين؟ أو أتى بزيادة على ما دبجه أسبر؟ والحقيقة أن الكاتب زاد على ابن تيمية اتهامات لم تكن لتخطر على باله.

  • أراد من التهمة الأولى تجريد العلويين من إسلامهم.
  • ومن الثانية تجريدهم من أخلاقهم.
  • ومن الثالثة تأليب الناس عليهم.
  • ومن الرابعة اتهامهم بالنفاق.
  • ومن الخامسة اتهامهم بالتهتك.
  • ومن السادسة إحداث فتنة داخلية عمياء لا تقل خطورة عن سابقاتها.
  • ومن السابعة اتهامهم بالتلاعب بالمقدسات الدينية وإخضاعها لمصالح شخصية.
  • ومن الثامنة تجهيلهم وتسخيف عقولهم.

  وله نقول ما هكذا تورد يا أسبر الإبل، ومهما بلغ الحقد عند رجل فلا أظنه يصل إلى هذا المستوى، ولكن مصادرك باتت معروفة لقد أخذتها من القرامطة ونسبتها إلى قوم يؤمنون بالله رباً وبالإسلام ديناً وبالقرآن كتاباً وبِعَليّ إماماً فلم تستطع الطعن بهم من هذا الباب المُغلق فأتيتهم من طرقٍ مُنحرفةٍ وألصقتَ بهم ما دَبّجه خيالك الواسع، تُهماً لم تُسبق إليها وتستحق عليها شهادة دكتوراه ثانية من أسيادك الذين أوعزوا إليك بهذه المهمة التي لا يقبل حملها إلا من تجرّد من كل خُلق كريم.

  إن تاريخ علمائنا يشهد لهم بالحفاظ على الواجبات الشرعية والقيام بها على أتم وجه وتعليمها للنشء الجديد ولولاهم لما وصلت إلينا في عصور أحاطت الأعداء بهذه الطائفة من كل حَدبٍ وصَوب وحَرمتهم من أبسط الحقوق الإنسانية ولكن والفضلُ لله وجود الحُفّاظ لكتاب الله وأحاديث رسول الله وآل بيته كان سبباً لحياتهم وتمسكهم وعدم يأسهم، والحديث في هذا المجال أصبح مُعيباً في عصرنا هذا، وإعادته أضحى مُمِلاً فلسنا بحاجة كلما نعق ناعق لأن ندافع عن إسلامنا وإيماننا فمن أرادهما فعليه بالبيت العلوي الشامخ الذي عَرّف الناس كيفية إقامة المُفترضات وفِقه المعاملات فلا يتزّيد علينا أحدٌ فلسنا بحاجة إلى دُعّاة مُتفلسفين ومُنظّرين جاهلين فنحن الذين نَهلنا من مُحيط علي أمير المؤمنين (ع) الذي لا ينضب والتمسنا الهُدى الآتي، وفُطِرَتْ قلوبنا وجُبِلت أرواحنا على التمسك بالولاية، ونحنُ أحفاد الغدير وأبناء الباقر والصادق والكاظم، ورغم كل ما تعرّضنا له لم نخضع لسلطانٍ جائرٍ ولم نقتدي بفقيهٍ فاجرٍ، بل قلنا: يا سيوف خذينا ولكن لن تنالي من كرامتنا وعقيدتنا، عشقنا الشهادة على نهج علي وأبنائه (ع) وها هي قباب أعلامنا الذين قضى أكثرهم في سبيل الولاية فهي شاهد عدلٍ على ثباتنا ورباطة جأشنا وقوة تمسكنا بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها.
  لقد سئمنا من ادعاءات البُغاة ومُفتريات الجُناة فليَخجلوا من الحقيقة التي تنكّروا لها، ففاقد الشيء لا يعطيه.

  أما العفة فإن فُقِدَت - ولن تُفقد- فإنها توجد في هذا البيت وبين أبنائه، وهذه التهمة التي تصُبُّها على قومٍ شُرفاء تدل على أنّك تجرّدت من كل القِيَم ولكن لا ألوم عَجوزاً لا يعرف شرقه من غربه ولا يَمينه من شِماله باعَ ضميره بأرخصِ الأثمانِ وأصبح عبداً لأهوائه مُدّعياً عبادة الله الذي لم يُؤمن به يوماً ولا باليوم الآخر ولو آمن لما تجرّأ على تكفير الناس واتهامهم بأعراضهم.

  أما اتهامك العلويين بالاستهزاء ببيت الله الحرام فأمر يُضحك الثكلى وأنت تدري أنّ أي طفل علوي يَعلم منذ نعومة أظافره أنّ علياً أمير المؤمنين عليه السلام وليدَ البيتِ المُكرمِ والحَرمِ المُعظمِ وهذه فضيلة انفرد بها دون سواه، ومن اعتقد ذلك فطرة لا يقال بحقه ما افتريت وألصقت به.

  أما الصلاة وموضوع التقية فنعم كانت تُقام تقيّةً على مذهب من المذاهب الأربعة بسبب الجُور الذي فُرض على أبناء هذه الطائفة، أما وقد انقشع الظلام وتنفس الناس الصعداء فكلٌ يُقيمها وفق مذهبه لا تقيّة بل يقيناً بوجوبها وعملاً بأحكام الله فهي ليست تقيّة بذاتها بل بالواقع المفروض، فافهم ذلك ولا تكابر وتقول غير الحق.

  أما فيما يتعلق بموضوع الخمر فالحالات الفردية غير المسؤولة لا تُعَمَّمْ على المجموع العام ولا تُعَبِّر عن مُجتمع بكامله ولو عَبَّرت لوجب التعميم لا التخصيص لوجود أفرادٍ من كل الطوائف تشرب الخمر من دون حياء، فلِمْ تجاهلت ذلك وصَببتَ جامَ غضبك على العلويين، أخشيتَ من الآخرين، والمصادرُ العلويةُ المحكمةُ عالجت هذه القضية علاجاً مُنقطع النظير وخصوصاً الهداية الكبرى للشيخ الثقة الأمين أبي عبد الله الحسين بن حمدان الخصيبي، الذي نقلتَ عنه ولم تسند إليه وهذه خِيانة علمية يا مُدّعي الأمانة.

  أما قضية النساء وما أثاره أسبر فيراد منه الفتنة لا أكثر ولا أقل والكل يَعلم قيمة المرأة في المجتمع العلوي، وهُنَّ يَعلمْنَ ذلك ويُعامِلنَ معاملةً لا تقلُّ قيمة عن معاملة الرجال، وينظر إلى المرء بقدر ما يُقدّم وليس لجهة الاختلاف العضوي والذي هو حكمة من حكيم، ولا يوجد في الآثار العلوية ما يسيء إلى المرأة فلها كما للرجل حقوق وعليها كما عليه واجبات، ولا يجوز الحكم على الإيجاد التكويني بل على الفعل التشريعي، وهذا بَيِّنٌ لا يحتاج إلى إكثار.

  أما الأعياد فمواقيتها معلومة وفي مصادر المعصومين مرقومة فالفطر في الأول من شهر شوال، والأضحى في العاشر من ذي الحجة، والغدير في الثامن عشر منه، والجمعة دائمة طيلة أيام السنة وباقي المناسبات ففرعية بالنسبة لهذه الأعياد.

  أما قضية عبادة الأجرام فيراد منها تسخيف العلويين وتشبيههم بالجماعات المتخلفة التي ذكرها أصحاب السِيَر وهم من الشعوب والفرق البائدة ولا نعلم مدى صحّت ما نُسب إليهم فالافتراء قديم بقدم السخافة والجهل المركب وليس جديداً ولا توجد فرقة إلا واتهمت من قبل فرقة تختلف معها في أصلٍ أو فرعٍ، وهذا مرضٌ عُضال كان وسيبقى لأن العقول لم ترقَ إلى المستوى المطلوب، وما زال أكثرها معطلاً.

  أوردت هذه التعقيبات المختصرة على مَضضٍ كوني ذكرت أكثرها في كتب سابقة، وأصبح ذكرها مُمِلاً ولكن ذلك خير من تركها كي لا يتوّهّم البعض قبولها لأننا في عصرٍ انعدمَ فيه وللأسف حُكم البَيّنَة عند الكثيرين وعَطّلوا عُقولهم وفكّروا بعقول الآخرين فهُم يُصَدّقون كل ما يَصِلُهُم دون تحقُّقٍ من صدقِ الكاتبِ أو عدمهِ.