الدليل على مثنى الإقامة وأنّها سبعة عشر فصلاً

أُضيف بتاريخ السبت, 06/11/2010 - 14:58

الدليل على مثنى الإقامة

وأنّها سبعة عشر فصلاً


أمّا الدليل على أنّ فصول الإقامة سبعة عشر فصلاً وهي مَثنى لا فرادى في المذهب الإمامي وبإجماع العلويين ما رويَ عن الإمام جعفر بن محمّد عن أبيه عن جدّه أنّ عليًا كان يُثنّي الإقامة كما يُثنّى الآذان.

ومن المعلوم بأنّ تثنية الإقامة تجمع سبعة عشر فصلاً وذلك من خلال تثنية التكبير في البداية عوضًا عن تربيعه في الآذان، وإضافة ( قد قامت الصلاة ) مرّتين، وإفراد التهليلة الأخيرة فتجمع سبعة عشر فصلاً، لقول الإمام محمّد الباقر :

(الآذان والإقامة خمسة وثلاثون حرفًا، الآذان ثمانية عشر حرفًا، والإقامة سبعة عشر حرفًا).

وقال الإمام الصادق :

(لأن أقيم مثنى مثنى أحبُّ إليَ من أن أؤذن وأقيم واحدًا واحدًا).

وقد روى الشيخ الجليل الثقة الأمين والمحدّث الكبير السيّد أبي عبد الله الحسين بن حمدان الخصيبي  في "الهداية الكبرى" عن عيسى بن مهدي الجوهري، قال:

" خرجت أنا والحسن بن مسعود والحسين بن إبراهيم وعتاب وطالب إبنا حاتم ومحمّد بن سعيد وأحمد بن الخصيب وأحمد بن جنان من جنبلا إلى سامرّا في سنة سبع وخمسين ومائتين فعَدَلْنا من المدائن إلى كربلاء فرأينا أثر سيّدنا أبي عبد الله الحسين عليه السلام ليلة النصف من شعبان فلقينا إخواننا المجاورين بسامرّا لمولانا أبي محمّد الحسن لنهنّئه بمولد مولانا المهدي فبشّرنا إخواننا أنّ المولود كان طلوع الفجر من يوم الجمعة لثمان ليالٍ خلت من شعبان وهو ذلك الشهر فقضينا زيارتنا ببغداد فزرنا أبا الحسن موسى بن جعفر وأبا محمّد جعفر ومحمّد بن علي وصعدنا إلى سامرّا فلما دخلنا على سيّدنا أبي محمّد الحسن بدأنا بالبكاء قبل التهنئة فجهرنا بالبكاء بين يديه ونحن ما ينيف عن سبعين رجلاً من أهل السواد.

فقال: إنّ البكاء من السرور بنعم الله مثل الشكر فطيبوا نفسًا وقرّوا عينًا فوالله إنّكم على دين الله الذي جاءت به ملائكته وكتبه ورسله وإنّكم كما قال جدّي رسول الله : (إياكم أن تزهدوا في الشيعة فإنّ فقيرهم الممتحن المتّقي عند الله يوم القيامة له شفاعة عند الله يدخل فيها مثل ربيعة ومضر فإذا كان هذا لكم من فضل الله عليكم وعلينا فأيُّ شيءٍ بقيَ لكم)، فقلنا بأجمعنا: الحمد لله والشكر لله، ولكم يا ساداتنا، فبكم بلغنا هذه المنزلة.

فقال: (بلغتموها بالله وبطاعتكم إياه واجتهادكم بطاعته وعبادته وموالاتكم لأوليائه ومعاداتكم لأعدائه).

قال عيسى بن مهدي الجوهري: فأردنا الكلام والمسألة فأجابنا قبل السؤال: أما فيكم من أظهر مسألتي عن ولدي المهدي؟

فقلنا: وأين هو؟

فقال: استودعته لله كما استودعت أم موسى ابنها حيث ألقته في اليَمّ إلى أن ردّه إليها الله، فقالت طائفة منا: أي والله لقد كانت المسألة في أنفسنا.

قال: ومنكم من سأل عن اختلاف بينكم وبين أعداء الله وأعدائنا من أهل القبلة والإسلام، وأنا أنبّئكم بذلك فافهموا، فقالت طائفة أخرى: أي والله يا سيّدنا لقد أضمرنا.

فقال: إنّ الله  أوحى إلى جدّي رسول الله أني قد خصصتك وعليًا وحججي منه ليوم القيامة وشيعتكم بعشر خصال:
(صلاة الخميس، والتختّم باليمين، وتعفير الجبين، والآذان والإقامة مثنى، وحيَّ على خير العمل، والجهر في بسم الله الرحمن الرحيم، والآيتين والقنوت، وصلاة العصر والشمس بيضاء نقيّة، وصلاة الفجر مغلسة، واختضاب الرأس واللحية والوشمة.. الخ) ".

الهداية الكبرى ص\345\346. والحديث طويل اختصرنا منه موضع الحاجة.

فدَلّ الشيخ الخصيبي بهذه الرواية الصحيحة على أنّ الإقامة مَثنى وليس فُرادى كما يَتصوّر بعض المعاصرين الذين التبس الأمر عليهم، وإنّ لفظة الفرادى التي احتجّوا بها هيَ حجّة عليهم لا معهم، والمُراد بها تثنية التكبير بدل التربيع في البداية المُعبّر عنها بالفُرادى في الإقامة بأزاء المثنى في الآذان، وإفراد التهليل بدل التثنية في النهاية، أما الشهادتان والحيعلات الثلاثة وقيام الصلاة فهيَ مثنّى بإجماع علماء المذهب.

وإنّ الروايات التي نصّت على أنّها فُرادى فهي على سبيل التقيّة لأن المعصومين لا يأتون بالنقيضين، ومن فقِهَ أصول معارفهم السَنِيَّه فلن يشتكل عليه فروعهم الفقهيّة وقد عاشوا في ظروف شديدة فكانوا يُدلون لخواصّهم بأصول المذهب وفروعه كما نقلوه عن آبائهم عن رسول الله ويُطلقون أيضًا بعض الروايات على سبيل التقيّة وذلك حفاظًا على تابعيهم. والدليل على ذلك أنّهم أجازوا لأوليائهم العمل بالتقيّة حين لزومها والله أعلم.