الدكتور علي شلق وما كتبه عن المسلمين العلويين

أُضيف بتاريخ الأحد, 14/11/2010 - 17:00

استهلّ حديثه بما قاله الشهرستاني في كتابه "الملل والنحل" مع بعض الإختصار، فتوصّل إلى تلخيص تسعة نقاط تتناقض مع بعضها البعض وكنت قد ناقشت أكثرها في مواضع متفرّقة.

ومن متناقضاته البارزة اتـّهامه لنا بالقول: (إنّ علياً شريك الرسول بالرسالة) وفي الوقت نفسه زعم أنـّنا نقول (أنّ الإله ظهر بصورته، أو أنـّه يوجد فيه جزء إلهي)، فإذا كان والعياذ بالله ظهر الإله بصورته فهذا يعني أنـّه هو الذي أرسل الرسول لتبليغ الرسالة. فكيف يكون شريكه بها؟

ونسأله من جديد علـّه يوضـّح لنا هذا الغموض:

  • كيف ظهر الإله بصورته؟
  • فهل هو انتقال من حالٍ إلى حال؟
  • وبعد أن تمّ هذا الظهور هل أصبح عليّ إلهاً بعد أن كان إماماً، أم أنـّه حافظ على إمامته بالإضافة إلى الألوهيـّة؟
  • وهل بقيَ يَعبد الله بعد ظهوره به أم أنـّه صار إلهاً يُعبد من دون الله؟
  • وهل بقيَ شريكاً للرسول بالرسالة أم أنـّه تركها له؟
  • وهل يُعتبر هذا الظهور بعلي هو ذلك الجزء الإلهي الموجود فيه كما يُلفـّقون؟
  • فإن كان هو بذاته فهل هذا يعني أنّ الذات الإلهية تتجزّأ هنا وهناك؟
  • وبعد هذا التجزّي فلمن تكون العبادة هل هي للإله الكل الذي لا يتجزّأ أم للجزء الذي انتقل إلى عليّ؟
  • وهل الجزء المـُنتقل إلي عليّ انفصل عن الكل انفصالاً كلياً أم لم يزل متصل؟
  • فإن كان منفصلاً فهل يملك قدرة الإبداع والإيجاد أم أنـّه سُلب تلك الخصائص؟
  • وإن كان متصلاً فهل يُضاف فعلهُ إليه أم إلى الله؟
  • وإذا أضيف إلى الهل فأين هو فعله؟...

أستغفر الله العليّ العظيم التوّاب الرحيم وأتوب إليه من كل زلة وذنبٍ أليم. ولا حول ولا قوة إلا بالله العليّ العظيم.

فليخجل هؤلاء القوم وليعودوا إلى رُشدهم ووعيهم وليتأدّبوا بآداب الإسلام فكيف يُصدّقون الخُرافات والأساطير المُضحكة والمُبكية، ألا يخجلون من نقلها وتأكيدها في هذا العصر، عصر العلم والحضارة والتقدّم والتحرّر من أوهام الماضي، عصر التفاهم والتلاحم المَفروض والواجب على كل مُنصف، عصر تتكالب فيه قوى الشر والشرك والإلحاد علينا، وتعمل جاهدة إلى تدميرنا دينيـّاً، واجتماعيـّاً، وثقافيـّاً، واقتصاديـّاً. عصرٌ نحن فيه بأمس الحاجة إلى الإلفة والمحبة والإستقامة والعمل بإخلاص لإزالة كل ما يُثير الحساسيّات ويُحرّك الكوامن، وبياناً لما تقدّم فإنّ هذه المُتناقضات الثلاث تـُسقِط بعضها البعض لعدم انسجامها ولسخافتها أيضاً.

♦ ثم عاد ليقول

أنّ النصيريـّة تطوّرت بعد موت الإسحاقية ومالت إلى الهند وادّعى أنـّه قد وقع على بعض كتبنا التي تنحاز عن الإسلام الأصيل وتَهيم وراء غيبيـّات وحلوليـّات الهند.

ولكنـّه لم يذكر لنا إسم هذا الكتاب، ولا ما جاء فيه من الخطاب الذي أرشده إلى الصواب، وهذه الطريقة يسلكها أكثرُ الكتـّاب الذين يَختلقون التـُهَم، فلتثبيت أقوالهم ولإيهام الآخرين بصدقها يُطلقون هذه العبارات المُزعجة وهي قولهم : "قرأتُ لهم" أو "ورد في كتبهم"... إلى ما هنالك حتى انطبق عليهم المثل السائر (إذا أردت أن تكذب فأبعِد شاهدك) وكذلك لم يُخبرنا كيف تطوّرت النصيريـّة؟ وبأي مجالٍ كان هذا التطوّر؟

المهم أنـّه تكلم وليس المهم عنده أن يُحسن الكلام، وبما أنـّه ذكر الإسلام الأصيل فكنت أتمنـّى أن يذكر لنا ماهية الإسلام المُزيّف، وفي قناعتي أنّ الإسلام بجوهره واحدٌ لا تعدّد فيه أمـّا مُدَّعوه فهم كـُثـُر.

♦ ومن الأخطاء التي وقع بها - وهذا غريب وخصوصاً في هذا العصر- قوله: (إنّ عقيدتهم ذات صلة بالإسماعيلية)
وهذا الخطأ منقول ومأخوذ عن ابن تيميـّة الذي يَجهل الفِرق الإسلامية أو بالأحرى لا يعترف بها باستثناء من قال بمقالته التجسيميـّة للذات الإلهيـّة باعتراف علماء عصره، وشهادتهم عليه.

فهناك بَونٌ شاسعٌ وفرقٌ واسعٌ بين الطائفتين العلويـّة والإسماعيلية، والحوادثُ التي وقعت بينهما بالإضافة إلى الإختلاف في العقائد تـُثبت ذلك:

» ففي أيـّام حسن الصبـّاح سكنت قوى الإسماعيليين جبل القصيرة واستأجرت قلعة القدموس حتى استولوا على قلاع العلويين في مصياف والعليقة والخوابي وأبي قبيس وصهيون، وفي عام 520هـ استولوا على قلعة بانياس، ولما هجم عليهم المسلمون من كل ناحية عندما رأوا عدم مساعدتهم، حالف الإسماعيليون الصليبيين وسلـّموهم قلعة بانياس عام 523هـ. ودام العداء بعد ذلك بين العلويين والإسماعيليين حتى سنة 977هـ، حيث هجم عليهم العلويون واستولوا على قلاعهم ولكن سرعان ما أنجدت الحكومة العثمانية الإسماعيليين وأعادت لهم مواقعهم.

♦ ثم تربـّع هذا الكاتب في أحضان "محمد أبو زهرة" ونقل أخطاءه التي وقع بها وردّدها تقليداً، من دون دراسة ولم يتنبّه إلى أنـّها تتناقض مع ما نقله سابقاً من أقوال الشهرستاني.

ومن مُضحكاته قوله:

إنّ العلويين بعد أن حاربهم الأتراك وأبادوهم، تركوا المجال لتحلّ محلـّهم جماعة النصيرية سكان جبل النصيرة.

مع أنـّه اعترف سابقاً بأنّ المؤرخين لا يُفرّقون بين علويّة ونصيريـّة، وهو نفسه قد نقل عنهم، وهذا هو الصحيح فالمسلمون العلويون هم النصيريّون، ونسبة هذا الإسم إلى السيّد محمد بن نـُصَيْر الذي اختلف فيه المؤرخون، ولا يهم اختلافهم ما دمنا مُتيقّنين من وثاقته ونزاهته وبَرَاءَة سَاحَتِه مِمّا نـُسِبَ إليه زوراً وبُهتاناً وحسداً.

وهذا الإسم أطلِقَ علينا على جِهَة الإزدراء والتحقير، كما أُطلق على السُنـّة لفظُ النواصب، وعلى الشيعة لفظ الروافض.

وقد قلتُ سابقاً وأردّد من جديد أنـّي لا أرى في هذا الإسم الشريف ما يُعيبُ بل أرى فيه النَزاهة والطّهارة مع الحِفاظ على الإسم الأصلي الذي لا بديل عنه مهما كلّف الثمن، وهو (العلويون) .