5- فيما يجب على العلماء والمتعلمين من أدب العلم.

Submitted on Tue, 12/10/2010 - 17:40

إعلم أن من الواجب على العلماء بذل العلم لمُستحقيه ولا يبخلوا بتعليم ما يُحسنون ولا يمتنعوا عن إفادة ما يعلمون فإنّ البُخل به لؤمٌ وظلمٌ والمنعُ منه حَسَدٌ وإثمٌ وكيفَ يُسوغ لهم البخل فيما منحوه جوداً من غير بخل وأتوه عفواً من غير بذل.

- قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: لا تمنعوا العلم أهله فتظلموه ولا تضعوه في غير لأهله فتأثموا.

- وقال صلى الله عليه وآله وسلم: إن لله عباداً يعرفون الناس بالتوسم.

- وقال بعض الفقهاء :
ينبغي أن يكون للعالم فراسة يتوسم بها للمتعلم ليعلم مبلغ طاقته واستحقاقه ليعطيه ما يتحمله بذكائه أو بضعف عنه ببلادته فإنه أروح للعالم وأنجح للمتعلم.

- ومن هذا الدليل قال النبي (ص وآله) : واضع العلم في غير أهله كمقلد الخنزير باللؤلؤ والجواهر والذهب.

- وكان المسيح يقول : لا تلقوا الجوهرة للخنزير فالعلم أفضل اللؤلؤ, ومن لا يستحق شَرٌّ من الخنزير.

- وكان بعض العلماء يبخل ببذل العلم فقيل له : تموت وتدخل علمك معك في القبر.
فقال : ذاك أحب إلي أن أجعله في إناء سوء.

- وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : لا تمنعوا العلم أهله فإن في ذلك فساد دينكم.

- وعنه عليه وآله الصلاة والسلام قال : هلك من أمتي رجلان : عالم فاجر وجاهل متعبد.

- وفي منثور الحكم لابن المعتز : من كتم علماً فإنه جاهل.

- وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم :
قليل العلم خير من كثير العبادة, وكفى بالمرء علماً إذا عبد الله عز وجل, وكفى بالمرء جهلاً إذا عُجب برأيه.

- وقال بعض الأئمة :
تعلموا العلم وتعلموا له السكينة والحلم, وتواضعوا لمن تعلموه وليتواضع لكم من تعلمونه, ولا تكونوا من جبابرة العلماء فلا يقوم علمكم بجهلكم.

- وكان أبو الدرداء يقول : أخوف ما أخاف إذا وقفت بين يدي ربي أن يقول: فماذا عَمِلْتَ إذا عَلِمْت.

- وكان يُقال: العلم مقرون بالعمل, وخير من العمل فاعله, وخير من الصواب قائله, وخير من العلم حامله.

- وقيل : لم ينتفع بعلمه من ترك العمل به.

- وقال بعض العلماء : ثمرة العلم أن يُعمل به, وثمرة العَمَل أن يُؤجَرَ عليه.

- ومن آداب التعليم قوله عليه السلام : وقِّروا من تعلموه.

- وقال صلى الله عليه وآله وسلم : عَلِّموا ولا تُعَنّفوا فإن العلم خيرٌ من المُعنف.

- ومما يجب على المتعلمين الحض على السؤال من قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم :

العلم خزان ومفتاحه السؤال, فاسألوا رحمكم الله فإنما يؤجر في العلم ثلاثة : القائل والمستمع والآخذ.

- وقال صلى الله عليه وآله وسلم : هلا سألوا إذا لم يعلموا فإنما شفاء العمي السؤال فأمر بالسؤال وحث عليه.

- وقيل لابن عباس : بما نلت هذا العلم قال : بلسانٍ سؤولٍ وقلبٍ عقولٍ.

- وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : حسن السؤال نصف العلم.

- ولسليمان الغنوي قوله :

فسل الفقيـه تكن فقيهــاً مثلــه   لا خيـر في علـمٍ بغير تدبّــــر
وإذا تعسّرت الأمور فأرجهــــا   وعليك بالأمر الذي لم يعســر

- وإن ما ورد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالنهي عن كثرة السؤال بالزجر عنه بقوله :
إياكم وكثرة السؤال فإنما هلك من قبلكم قوم بكثرة السؤال وإضاعة المال.
وليس هذا مخالفا للأول وإنما أمر بالسؤال من قَصَدَ به علمَ ما جَهلَ, ونَهى عنه من قَصَدَ به إعنات ما سمع, وإذا كان السؤال في موضعه أزال الشكوك ونفى الشبه.

- وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم :
العلماء أمناء الرسل على عباد الله ما لم يُخالطوا السلطان, فإذا خالطوه وداخلوا الدنيا فقد خانوا الرُسُل, فاحذروهم.

- وقال بعض الحكماء :
إذا رأيتَ العالم يُلازم السلطان فاعلم أنه لِصٌّ, وإياك أن تُخدع بما يُقال أن يَرُدَّ مَظلمةً أو يَدفع عن مَظلومٍ فإن هذه خدعة إبليس اتخذها فخاً.

- وقال بعضهم: من شارك السلطان في عز الدنيا شاركه في ذل الآخرة.
ولهذا قيل: شرّ الحكماء من لازم الملوك, وخير الملوك من لازم العلماء.

- وقال بعض البلغاء: إذا أوتيتَ علماً فلا تطفئ نور العلم بظلمة الذنوب فتبقى في الظلمة يوم يستضيء أهل العلم بنور عِلمهم.

- وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : خيانة الرجل في العلم أشد من خيانته في المال.

- وقال (ص وآله) : النظر إلى وجه العلم عبادة.

- وقال مولانا الصادق (ع) : إذا نظرت إليه ذكرك الآخرة, ومن كان على خلاف ذلك فالنظر إليه فتنة.

- وقال السيد المسيح (ع) : أحق الناس بالخدمة العالم وأحق الناس بالتواضع العالم.

- وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : قيّدوا العلم بالكتاب.

- ورويَ أن رجلاً شكا إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم النسيان فقال : استعمل بيدك أي اكتب حتى تراجع إذا نسيت ما كتبت.
وكانت العرب تقول : حرف في قلبك خير من ألف حرف في كتبك.
وقالوا: لا خير في علمٍ لا يَعْتَبِرْ معك الوادي ولم يَقْمُرْ بك النادي.

وقال الإمام الشافعي :

عِلمـي مَعــي حيثمــا يَمَّمْــتُ يَنفعنـي   قلبــي وعـــاءً لــه لا بَطْــنُ صُندوقــــي
إن كنتُ في البيتِ كان العلمُ فيه معي   أو كنتُ في السوقِ كان العلمُ في السوق

- وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : همّة الجهلاء الرواية, وهمّة العلماء الدراية.

- وقال ابن مسعود : كونوا للعلم وعاءً ولا تكونوا رواء, فقد يرعوي من لا يروي, ويروي من لا يرعوون.