السلوك إلى العلوية

أُضيف بتاريخ الخميس, 14/10/2010 - 14:48

إنّ السلوك إلى العلوية هو السلوك المثالي الأكمل إلى الإسلام بكل تفاصيله الأصيلة الواجب على كل سالك أخذها واعتقادها عن باب علم المدينة وربان تلك السفينة ليصل إلى ثاني مراتبها الرفيعة وهو الإيمان المعبر عنه في منهج أهل العرفان بالإقرار اللساني والاعتقاد القلبي والعمل البدني لينتهي إلى مرتبة اليقين، وهو رسوخ هذا الإيمان العقلي في قلب المسلم صاحب التسليم لله بقلب سليم.

فالإسلام: هو أول مراتب السلوك وهو في منهاج العلوية : التسليم، والتسليم هو التصديق ، والتصديق هو اليقين ، واليقين هو الإقرار، والإقرار هو الأداء، والأداء هو العمل ، وهو مقرون بالتقوى ، والهدى، والحياء، والورع، والدين، والعمل الصالح، وأساسه حب أهل البيت، وهو [ الدين الذي اصطفاه الله لنفسه، واصطنعه على عينه، واصطفاه خيرة خلقه، وأقام دعائمه على محبته، وأذل الأديان بعزته، ووضع الملل برفعه، وأهان أعداءه بكرامته، وخذل محاديه بنصره وهدم أركان الضلالة بركنه، وسقى من عطش من حياضه[، وهو كنه الأديان السماوية وحقيقتها لقوله تعالى: ( شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى) الشورى/13/. وليس وراءه إلا الوثنية والإشراك ، وهو جامع الأصول والفروع والآداب ، والحاوي لجميع معارف الدنيا والآخرة.

والإيمان: هو ثاني هذه المراتب وهو في المنهاج العلوي [ أصل الحق، وأصل الحق سبيله الهدى، وصفته الحسنى، ومأثرته المجد]، [فبالإيمان يستدل على الصالحات، وبالصالحات يعمر الفقه، وبالفقه يُرهب الموت، وبالموت تُختم الدنيا ، وبالدنيا تحذو الآخرة، وبالقيامة تزلف الجنة، والجنة حسرة أهل النار[.
والإيمان على أربع دعائم : على الصبر، واليقين، والعدل، والجهاد.
ومن الإيمان ما يكون مستقراً في القلوب، ومنه ما يكون عواري بين القلوب والصدور إلى أجل معلوم.
وعلاماته: الإقرار بتوحيد الله، والإيمان به، والإيمان بكتبه، والإيمان برسله، وهو يقبل الزيادة والنقصان لقوله تعالى: ( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ) الأنفال/2/ ولا يكمل الإيمان إلا بالكف عن محارم الله.
فالإيمان هو كمال الإسلام وتمامه وسرُ بقائه، ولأن الإسلام محمدي الوجود فهو علويُ الكمال والبقاء.

واليقين: هو ثالث هذه المراتب وهو نور إلهي يُشرقُ في القلبِ فيزيل الشكَ والتردد، حسب قوة الإيمان ورسوخه، وهو ]على أربع شعب : على تبصرة الفطنة، وتأول الحكمة، وموعظة العبرة، وسنة الأولين[ ويوصل العبد إلى كل حال سني، ومقام عجيب .

وبالنتيجة فإنّ علامة الإسلام الإقرار بالشهادتين، وعلامة الإيمان بعد الإقرار الاعتقاد في القلب والعمل بالأركان، وعلامة اليقين ظهور آثار الإسلام والإيمان في سائر حركات الإنسان وسكناته، وهذا لا يكون إلا بعد رسوخهما في القلب، وسطوعهما في العقل، وارتسامهما في النفس، وظهورهما في الحواس.

فمن أسلم بإيمان فقد آمن بيقين، ومن كان كذلك فهو علوي الهوية والطوية وإلا فلا، فكلما ارتسمت هذه المعاني السامية والمعارف اللامتناهية في نفس السالك وعقله وقلبه كلما ازداد قرباً منها وانتماءً إليها ومجلى لمحاسنها.

فالعلوية تزين المنتمين إليها ولا تتزين بهم وتشرفهم ولا تتشرف بهم لأن الله شرفها والنبي عرّفَها ، فهي العروة الوثقى، والحبل المتين، وكمال الدين، وتمام النعمة ونجاة السالكين فطوبى لمن سلك إليها بإسلام وإيمان ويقين.