ختاماً لبحث (طائفتان لا مذهبان)

أُضيف بتاريخ الخميس, 14/10/2010 - 14:48

أقول:

أنّ الكليات الأصولية هي مركز التواصل مع الجميع أمّا جزئياتها فهي التي أسّست لعملية الافتراق، وكذلك الأمر في كليات الفروع وجزئياته ، فالكليات تُوحد، والجزئيات تفرق وليست العلة فيهما إنما العلة في معتنقيهما لأنهم لم يميزوا الغث من الثمين فتبادلوا التجريح عوضاً عن التنقيح فانقسمت الأمة واختلفت الكلمة وصار الإسلام مذاهباً متنافرة بدلاً من أن تكون مشارباً متظافرة.

من المسلمات اليقينية عند الجميع أن الله سبحانه وتعالى لا يكلف نفساً إلا وسعها وعليه فإن العقيدة الدينية الواجب معرفتها على كل مكلف سهلة المنال وتقع ضمن الطاقة الإنسانية وليس خارجها ولمعرفتها على جهة الأصول فلا بد من الرجوع إلى الأصول لقوله تعالى :
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَ‌لِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا ) النساء /59/

وقال مولانا أمير المؤمنين عليه السلام لمالك بن الحارث:
[ فالرد إلى الله الأخذ بمحكم كتابه، والرد إلى الرسول الأخذ بسنته الجامعة غير المفرقة .].

أما تكلف الكلام ، وتنميق الألفاظ بأساليب غامضة فليس من الدين في شيء وليس على المُكلف أن يُلزم نفسه بها لأن التزامها يُبعده عن المقصود وفي الوقت نفسه فهو تحميلٌ للنفس ما لم تُكلّف حمله.
فالواجب الالتزام بالواجب, لا إهماله والتمسك بقضايا وضعية لا تجدِ نفعاً ولا تدفع ضراً .

فالعقيدة الدينية حقيقتها عقلية روحانية فإذا فسّرها الرجال وفق طبيعتهم البشرية فلا بد أن يشوبها التحريف ويعتريها التزييف، فلا يمكن توضيحا لمريديها إلا من خلال المعصومين، الموصوفين بأهل الذكر في الكتاب المبين لقوله تعالى: ( فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ .) النحل/43/.

ولا يمكن التقريب بين المسلمين إلا بإزالة رواسب التبعيد التي حالت دون وحدتهم بل أسست لفرقة قاتلة مدمرة وأدخلت على عقيدتهم أراء الرجال فصارت مع مرور الزمن من المسلمات عند الكثيرين.

إن العلوية هي الميزان الأقوم لمعرفة الصحيح من الدخيل، والصالح من الطالح فمن ألتزمها نهجاً وسار وفق أحكامها ألزمته الحقيقة الثابتة التي لم يطرأ عليها التغيير.

فتقليد الرجال يُقصي عن بلوغ الآمال وانتهاج الدليل يوصل إلى السبيل، سبيلُ أهل العصمة الذي لا يضل سالكه بعلم وإيمان ويقين.