رد دعوى المَنهج القُرآني

أُضيف بتاريخ الثلاثاء, 22/09/2015 - 13:15

رد دعوى المَنهج القُرآني


فَقَدْ وَهَنَ فِي مَوَاضِع مِنْ كِتَابِهِ ، مِنْهَا شَرْحُهُ لِكَلِمَةِ النّسْخِ الّتِي عَدَلَ فِيْهَا عَنِ المَنْهَجِ القُرْآنِيِّ ، فِي قَوْلِهِ :

(( نَسَخْتُ هَوَى مُوْسَى وَعِيْسَى بِأَحْمَدٍ   نَبِيّ جَمَـالٍ مَـا لِمِلَّتِـهِ نَسْـخُ

يَفْهَمُ شَارِحُ الدِّيْوَانِ النّسْخَ هُنَا بِالمَعْنَى الثّانِي ، أَي : الإِبْطَال ، وَيُبَرِّرُ للمَكْزُوْنِ إِبْطَالَهُ هَوى مُوْسَى وَعِيْسَى ، لأَنَّ اللهَ لَمْ يَتَعَبَّدْ عِبَادَهُ الآنَ بِالشّرَائِعِ المَاضِيَة ....
وَإِذَا أَخَذْنَا مَأْخَذَ الشّارِحِ ، فَإِنّنَا نَضَعُ مَا تَقَدَّمَ فِي قَلَقٍ ، بَلْ نَضَعُ فَهْمَ المَكْزُونِ لِسُنَّةِ اللهِ فِي قَلَقٍ .... إِذْ كَيْفَ يَذْهَبُ المَكْزُوْنُ مَذْهَبَ مَنْ أَقَامُوا سُنَنَ الأَنْبِيَاءِ فِي نُصُوصِهِ السّابِقَةِ ، وَيَأْتِي هُنَا لِيُبْطِلَ هَوى مُوسى وَعِيْسَى ....

المَكْزُونُ لا يَعْنِي بِالنّسْخ هُنَا الإِبْطَالَ ، وَإِنَّمَا التّثْبِيْت بِالنّقْلِ حَرْفاً حَرْفاً ، وَبِذَلِكَ يَصِيْرُ مَعْنَى بَيْتِهِ كَأنّه يقول : بِحُبِّ مُحَمّدٍ أَحْبَبْتُ مُوْسَى وَعِيْسَى ، أَي : أَنَّ حُبِّي لَهُ احْتَوى حُبِّي لَهُمَا ، كَمَا لَوْ جُمِعَتْ ثَلاثَةُ كُتُبٍ فِي مُجَلّدٍ وَاحِدٍ ، لأَنَّ سُنّةَ مُحَمّد الَّتِي لا تَقْبَلُ النّسْخَ ، هِيَ : سُنّةُ مَنْ أَرْسَلَهُمُ اللهُ قَبْلَ مُحَمّد ...وَالقُرْآنُ إِنّمَا يُصَدِّقُ تِلْكَ السّنّةَ وَيُحَافِظُ عَلَيْهَا ، وَلا يَنْسَخُهَا ....))
1


بَيَانُ الوَهْم

لَيْسَ فِي هَذَا البَيْتِ مَنْهَجٌ قُرْآنِيٌّ ، كَمَا تَوَهَّمَ المُؤَلِّفُ .

قَالَ المَكْزونُ : نَسَخْتُ هَوَى مُوْسَى وَعِيْسَى بِأَحْمَدٍ .

وَقَالَ الشّارحُ : بِحُبِّ مُحَمّدٍ أَحْبَبْتُ مُوْسَى وَعِيْسَى .

فَكَيْفَ يَكُونُ مَنْهجاً قُرْآنِيّاً فِي هَذَا البَيْتِ ، وَالمَكْزُون مُصَرّحٌ بِقَوْلِهِ : نَسَخْتُ هَوَى ، وَالهَوى فِي القُرْآنِ مَذْمُومٌ ، مَنْهِيٌّ عَنْهُ ، وَلَيْسَ دَلِيْلاً عَلَى الحُبِّ . قَالَ ـ تَعَالَى ـ : فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَىٰ أَن تَعْدِلُوا [سورة النساء 135] وَقَالَ : وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَىٰ 26]، وَقَالَ : وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ [سورة النجم ]، وَقَالَ : إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُم مِّن رَّبِّهِمُ الْهُدَىٰ [سورة النجم ].

وَكَيْفَ يَكُونُ مَنْهَجاً قُرْآنِيّاً ، وَالمَكْزُونُ قَائِلٌ : نَبِيّ جَمَالٍ مَا لِمِلَّتِهِ نَسْخُ .

وَلَمْ يُسَمِّ القُرْآنُ لِسَيِّدِنَا مُحَمّدٍ مِلّةً ، قَالَ ـ تَعَالَى ـ : ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ [سورة النحل]

فَلَوْ رَجَعَ المُؤَلِّفُ عَنْ دَعْواه أَنَّ القُرْآنَ مَنْهَجُ المَكْزونِ فِي كُلِّ مَا كَتَبَهُ لَكَانَ خَيْراً لَهُ ، فَإِنَّ مَنْ تَأَمَّلَ كَلامَهُ ، خَطّأهُ فِي تَفْسِيْرِ كَلِمَةِ ( المِلّةِ ) فِي بَيْتِ المَكْزُونِ بِالشِّرْعَةِ وَالمِنْهَاج ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا [سورة المائدة 48].

فَلَمْ يُسَمِّ اللهُ تَعَالَى المِلّةَ شِرْعةً وَمِنْهَاجاً ، وَمَا كَانَ للمُؤَلّفِ أَنْ يَفْعَلَ .

وَلَوْ أَرَادَ المَكْزونُ الشِّرْعةَ ، لَجَعَلَهَا فِي شِعْرِه ، فَقَالَ :

نَبِيّ جَمَالٍ مَا لِشِرْعَتِهِ نَسْخُ ، أَو : نَبِيّ جَمَالٍ مَا لِمَنْهَجِهِ نَسْخُ .

وَعَلَى هَذَا فَإِنَّ مَنْهَجَ المَكْزونِ فِي هَذَا البَيْتِ لَيْسَ قُرْآنِيّاً ، وَإِنّمَا شَرَحَهُ المُؤَلِّفُ عَلَى مَا أَرَادَ ، لا عَلَى مَا أَرَادَ المَكْزونُ .


وَمِنْ أَوْهَامِهِ ، قَوْلُهُ : ...


 


  • 1 معرفة الله والمكزون 1\ 128 ـ 129 .