الشيعة

أُضيف بتاريخ الخميس, 14/10/2010 - 14:48

الشيعة لغةً الاتباع والأنصار والأعوان، وأصله من المشايعة والمطاوعة والمتابعة، ولكن هذا اللفظ خُص بمن يوالي علياً وأهل بيته عليهم السلام.
وكان التشيع على عهد صاحب الشريعة الغرّاء وقد سمّى بعض الصحابة بالشيعة منذ ذلك اليوم، أمثال سلمان وأبي ذر والمقداد وعمار وحذيفة وخزيمة وجابر وأبي سعيد الخدري وأبي أيوب وخالد بن سعيد بن العاص وقيس بن سعد وغيرهم.
وأول من نطق لفظ الشيعة قاصداً به من يتولى علياً والأئمة من بنيه هو صاحب الشريعة سيد الأنبياء صلى الله عليه وآله وقد نقلت عنه في ذلك عدة أخبار .

يقول الشيخ محمد حسين آل كاشف الغطاء:
(إن أول من وضع بذرة التشيع في حقل الإسلام هو نفس صاحب الشريعة الإسلامية، يعني إن بذرة التشيع وضعت مع بذرة الإسلام جنباً إلى جنب، وسواء بسواء، ولم يزل غارسها يتعهدها بالسقي والعناية حتى نمت وأزهرت في حياته ثم أثمرت بعد وفاته.
إن الفكر الشيعي بجميع شرائحه وأنواعه أكان دينياً أم سياسياً أم تربوياً فإنه مستمد من أهل البيت ومأخوذ عنهم وهم (أهل البيت) من أئمة المتقين ومن عظماء المصلحين قد حفلت سيرتهم بالنور وبكل ما تعتز به الإنسانية من القيم الكريمة والمثل السامية لا يدانيهم أحد في فضلهم ولا في سمو منزلتهم، أولهم سيد العترة الطاهرة الإمام أمير المؤمنين باب مدينة علم النبي صلى الله عليه وآله، وآخرهم مهدي آل محمد عجل الله فرجه، وهم جميعاً سفن نجاة وأمن هذه الأمة ومصدر سعادتها ومصباح هدايتها قد فرض الله تعالى مودتهم، وقرنهم الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله بمحكم التنزيل، وجعلهم كباب حطة الذي من دخله كان آمناً ومن تخلف عنه تعرض لسخط الله ونقمته.
ليس في ولاء الشيعة لأئمتهم أي غلو، أو إفراط في الحب -كما يتهمهم بذلك خصومهم- وإنما كان ولاؤهم متسماً بالتوازن.
عانت الشيعة في العصرين الأموي والعباسي أعنف المشاكل وأقسى ألوان المحن والخطوب فقد قلعت منهم العيون وصلبوا على جذوع النخل وهدمت دورهم ورَدَّت المحاكم شهادتهم، وحرموا أبسط الحقوق السياسية والاجتماعية وظلوا مع ذلك صامدين رافعين المحبة والولاء لأهل البيت عليهم السلام).

ونثبت مُلَخَصاً بأصول العقيدة الشيعية نقلاً عن أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي المعروف بشيخ الطائفة الشيعية في زمانه:
- معرفة الله واجبة على كل مكلف بدليل أنه منعم فيجب شكره، فتجب معرفته.
- الله تعالى موجود، بدليل أنه صنع العالم وأعطاه الوجود وكل ما كان كذلك فهو موجود.
- الله تعالى واجب الوجود لذاته، بمعنى أنه لا يفتقر في وجوده إلى غيره ولا يجوز عليه العدم، بدليل أنه لو كان ممكن الوجود لافتقر إلى صانع كافتقار هذا العالم وذلك محال على المنعم المعبود.
- الله تعالى قديم أزلي بمعنى أن وجوده لم يسبقه العدم، باق أبدي، بمعنى أن وجوده لم يلحقه العدم، بدليل انه واجب الوجود لذاته فيستحيل سبق العدم عليه وتطرقه إليه.
- الله تعالى قادر مختار ، بمعنى أنه إن شاء أن يفعل فعل وإن شاء أن يترك ترك، بدليل أنه صنع العالم في وقت وتركه في وقت آخر مع قدرته عليه.
- الله تعالى عالم بمعنى أن الأشياء واضحة له حاضرة عنده غير غائبة عنه، بدليل أنه فعل الأفعال المحكمة المتقنة، وكل من كان كذلك فهو عالم بالضرورة.
- الله تعالى حي بمعنى أنه يصح أن يقدر ويعلم بدليل أنه ثبت له القدرة والعلم وكل من ثبتا له فهو حي بالضرورة.
- الله تعالى قادر على كل مقدور وعالم بكل معلوم، بدليل إن نسبة المقدورات والمعلومات إلى ذاته المقدسة على السوية، فاختصاص قدرته وعلمه تعالى بالبعض دون البعض ترجيح من غير مرجح، وذلك محال على المعبود.
- الله تعالى سميع لا بأذن، بصير لا بعين، لتنزهه عن الجارحة بدليل قوله تعالى:( وهو السميع البصير ).
- الله تعالى مدرك بدليل قوله تعالى( لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير ).
- الله تعالى مريد، بمعنى أنه يرجح الفعل إذا علم المصلحة بدليل أنه خصص بعض الأشياء بوقت دون وقت، وشكل دون شكل.
- الله تعالى كاره بمعنى يرجح ترك الفعل إذا علم المفسدة بدليل أنه ترك إيجاد الحوادث في وقت دون وقت مع قدرته عليه.
- الله تعالى واحد لا شريك له في الإلهية بدليل قوله ( وإلهكم إله واحد ).
- الله تعالى متكلم لا بجارحة بمعنى أنه أوجد الكلام في جسم من الأجسام لإيصال غرضه إلى الخلق بدليل قوله تعالى( وكلم اللهُ موسى تكليماً ).
- الله تعالى ليس بجسم ولا عرض ولا جوهر، بدليل أنه لو كان أحد هذه الأشياء لكان ممكناً مفتقراً إلى صانع، وأنه محال .
- الله تعالى ليس في جهة ولا في مكان، بدليل إن ما في الجهة والمكان مفتقر إليهما، وهو محال عليه تعالى.
- الله تعالى ليس بمرئي بحاسة البصر، بدليل إن كل مرئي لا بد أن يكون في جهة وهو محال.
- الله تعالى لا يتحد بغيره، لأن الاتحاد عبارة عن صيرورة الشيئين شيئاً واحداً من غير زيادة ولا نقصان، وذلك محال، والله تعالى لا يتصف بالمحال.
- الله تعالى غير مركب عن شيء بدليل أنه لو كان مركباً لكان مفتقراً وهو محال.
- الله تعالى لا يتصف بصفة زائدة على ذاته، لأنها لو كانت قديمة لزم تعدد القدماء وإن كانت حادثة كان محلاً للحوادث.
- الله تعالى غني عن غيره بدليل أنه واجب الوجود لذاته وغيره ممكن الوجود لذاته.
- الله تعالى عدل حكيم لا يفعل قبيحاً ولا يخل بواجب بدليل إن فعل القبيح والإخلال بالواجب نقص، والله تعالى منزه عن النقص.
- محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم نبي هذه الأمة رسول الله صلى الله عليه وآله، بدليل أنه ادعى النبّوة وظهر المعجز على يده كالقرآن فيكون نبياً حقاً.
- نبينا محمد صلى الله عليه وآله معصوم من أول عمره إلى آخره في أقواله وأفعاله وتروكه وتقريراته منزه عن الخطأ والسهو والنسيان بدليل أنه لو فعل المعصية لسقط محله من القلوب ولو جاز عليه السهو والنسيان لارتفع الوثوق من اخباراته فتبطل فائدة البعثة، وهو محال.
- نبينا محمد صلى الله عليه وآله خاتم الأنبياء والرسل بدليل قوله تعالى: ( مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ ).
- نبينا محمد صلى الله عليه وآله أشرف الأنبياء والرسل بدليل قوله صلى الله عليه وآله لفاطمة عليها السلام: ( أبوك خير الأنبياء وبعلك خير الأوصياء ).
- الإمام بعد النبي صلى الله عليه وآله بلا فصل علي بن أبي طالب عليه السلام بدليل قوله (ص) : أنت الخليفة من بعدي وأنت قاضي ديني، وأنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي وأنت ولي كل مؤمن ومؤمنة بعدي، سلموا عليه بإمرة المؤمنين، اسمعوا له وأطيعوا، تعلموا منه ولا تعلموه، من كنت مولاه فعلي مولاه .
- الإمام عليه السلام معصوم من أول عمره إلى آخره في أقواله وأفعاله وتروكه عن السهو والنسيان، بدليل أنه لو فعل المعصية لسقط محله من القلوب، ولو جاز عليه السهو والنسيان لارتفع الوثوق بإخباراته فتبطل فائدة نصبه.
- الإمام بعد علي عليه السلام: ولده الحسن ثم الحسين ثم علي ثم محمد ثم جعفر ثم موسى ثم علي ثم محمد ثم علي ثم الحسن ثم الخلف الحجة القائم المنتظر المهدي محمد بن الحسن صاحب الزمان صلوات الله عليه وعليهم أجمعين، لأن كل إمام نص على من بعده نصاً متواتراً بالخلافة ولأنهم معصومون وغيرهم ليس بمعصوم بإجماع المسلمين ، ولقول النبي عليه السلام: [ ابني هذا إمام أبن إمام أخو إمام أبو الأئمة تسعة تاسعهم قائمهم يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً ].
- محمد بن الحسن الحجة المهدي عليه السلام حي موجود من زمان أبيه الحسن العسكري إلى زماننا هذا، بدليل إن كل زمان لا بد فيه من إمام معصوم، مع إن الإمامة لطف ، واللطف واجب على الله تعالى في كل وقت.
- غيبة القائم عليه السلام لا يكون من قبل الله تعالى لأنه عدل حكيم لا يفعل قبيحاً ولا يخل بواجب ولا من قبله لأنه معصوم فلا يخل بواجب، بل من كثرة العدو وقلة الناصر.
- لا استبعاد في طول حياة القائم عليه السلام لأن غيره من الأمم السالفة عاش ثلاث آلاف سنة كشعيب النبي ولقمان عليهما السلام ولأن ذلك أمر ممكن والله تعالى قادر عليه.
- محمد بن الحسن صاحب الزمان عليه السلام لا بد من ظهوره بدليل قوله عليه السلام: [ لو لم يبق من الدنيا إلا ساعة واحدة لطول الله تعالى تلك الساعة حتى يخرج رجل من ذريتي اسمه كأسمي وكنيته ككنيتي، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً ] فيجب على كل مخلوق من الخلق متابعته.
- كلما أخبر به النبي صلى الله عليه وآله من نبّوة الأنبياء المذكورين، ومن أحوال القبر، ومن منكر ونكير، ومبشر وبشير، ومن أحوال القيامة وهو الحساب والصراط والميزان وإنطاق الجوارح وتطاير الكتب، ومن الجنة وما وعد فيها من النعيم الدائم ومن النار وما وعد فيها من العذاب الأليم الدائم وإنصاف المظلوم من الظالم، ومن الحوض الذي يسقى منه أمير المؤمنين عليه السلام عطاشى المؤمنين، ومن أن شفاعته مذخورة لأهل الكبائر من أمته عليه السلام، جميع ذلك حق لا ريب فيه، وأن الله يبعث من في القبور ، بدليل أنه معصوم، وكلما أخبر به المعصوم فهو حق .

قال العلامة الشيخ محمد حسين آل كاشف الغطاء في كتابه (أصل الشيعة وأصولها) :
إن الدين ينحصر في قضايا خمس :

  • معرفة الخالق.
  • معرفة المبلغ.
  • معرفة ما تعبد به، والعمل به.
  • الأخذ بالفضيلة ورفض الرذيلة.
  • الاعتقاد بالمعاد والدينونة.

فالدين علم وعمل ( إن الدين عند الله الإسلام ), والإسلام والإيمان مترادفان، ويطلقان على معنى أعم يعتمد على ثلاثة أركان: التوحيد النبّوة المعاد.
فلو أنكر الرجل واحد منها فليس بمسلم ولا مؤمن، وإن دان بتوحيد الله، ونبّوة سيد الأنبياء محمد صلى الله عليه وآله، واعتقد بيوم الجزاء – من آمن بالله ورسوله واليوم الآخر – فهو مسلم حقاً، له ما للمسلمين وعليه ما عليهم، دمه وماله وعِرضه حرام.
ويطلقان أيضاً على معنى أخص يعتمد على تلك الأركان الثلاث وركن رابع وهو العمل بالدعائم التي بني الإسلام عليها وهي خمس: الصلاة، والصوم، والزكاة، والحج، والجهاد.
وبالنظر إلى هذا قالوا: الإيمان اعتقاد بالجنان، واقرار باللسان، وعمل بالأركان، ( من آمن بالله ورسوله وعمل صالحاً ).
فكل مورد في القرآن اقتصر على ذكر الإيمان بالله ورسوله واليوم الآخر، يراد به الإسلام والإيمان بالمعنى الأول، وكل مورد أضيف إليه ذكر العمل الصالح يراد به المعنى الثاني.
والأصل في هذا التقسيم قوله تعالى: ( قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخلِ الإيمان في قلوبكم ).
وزاده تعالى إيضاحاً بقوله بعدها: ( إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون ). يعني إن الإيمان قول ويقين وعمل.
فهذه الأركان الأربعة هي أصول الإسلام والإيمان بالمعنى الأخص عند جمهور المسلمين.
ولكن الشيعة الإمامية زادوا ( ركناً خامساً ) وهو الاعتقاد بالإمامة ، يعني أن يعتقد إن الإمامة منصب إلهي كالنبّوة فكما أن الله سبحانه يختار من يشاء من عباده للنبّوة والرسالة، ويؤيده بالمعجزة التي هي كنص من الله عليه ( وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة ). فكذلك يختار للإمامة من يشاء ، ويأمر نبيه بالنص عليه، وأن ينصبه إماماً للناس من بعده للقيام بالوظائف التي كان على النبي أن يقوم بها ، سوى أن الإمام لا يوحى إليه كالنبي وإنما يتلقى الأحكام منه مع تسديد إلهي فالنبي مبلغ عن الله والإمام مبلغ عن النبي.

فهذا مختصر عقيدة الشيعة في الأصول.
وأما مذهبها في الفروع فهو مذهب الإمام جعفر الصادق عليه السلام.

وأما المصادر المعتمدة في مسائل المذهب فهي أربع :
الكافي للكُليني، وتهذيب الأحكام والاستبصار لأبي جعفر الطوسي، ومن لا يحضره الفقيه للصدوق، ومراجع أخرى كوسائل الشيعة، وبحار الأنوار... وغيرها.
ثم أن هذه المصادر الأربعة تخضع عند الأصوليين للتحقيق والتدقيق لأنهم يرون أن الأخبار المنقولة فيها منها ما هو ظني الصدور ومنها قطعيٌ.
أما الاخباريون فأنهم يرون صحتها، ويقولون بقطعية صدور ما ورد فيها من الأخبار.