المذهب الحنفي

أُضيف بتاريخ الخميس, 14/10/2010 - 14:48
  • مدخل .
  • أهم آرائه الكلامية .
  • أصول المذهب الحنفي .
  • ما انفرد به المذهب الحنفي .
  • المذهب بعد أبي حنيفة .
  • انتشار المذهب الحنفي .
مدخل

ينسب هذا المذهب إلى النعمان بن ثابت بن زوطي الملقب بأبي حنيفة فارسي الأصل، عربي المولد والنشأة، ولد سنة \80\ هـ في نسا، وتوفي سنة \150\ هـ في بغداد.
أخذ القراءة عن عاصم بن أبي نجود الكوفي المتوفى سنة\127هـ\،وأخذ الحديث عن حماد بن أبي سليمان وحماد بدوره أخذه عن إبراهيم النخعي ، ولزم أبو حنيفة مجلس حماد ثمانية عشر سنة وبعد وفاته جلس مكانه بطلب من أصحابه.
بدأ في عرض فقهه وإظهار منهجه الاستنباطي فشاعت آراؤه بين الناس، ولاحظ المتتبعون أن لأبي حنيفة منهجاً خاصاً في الاجتهاد، واشتهر بالقياس .
لم يكن أبو حنيفة يخفي ميله لأهل البيت عليهم السلام فكان يقول في حلقته جهاراً نهاراً : { ما قاتل أحدٌ علياً رضي الله عنه إلا وعلي أولى بالحق منه، ولولا ما سار علي فيهم ما علم أحدٌ كيف السيرة في المسلمين .}
وكان يقول أيضاً: { علي أحب إلينا من عثمان }
وسأله سائل يوماً عن القتال يوم الجمل، فقال: { سار علي رضي الله عنه بالعدل، وهو الذي علم المسلمين قتال أهل البغي .}
ولما خرج الإمام زيد بن علي زين العابدين على الأمويين أيام هشام بن عبد الملك سنة\121هـ\، قال أبو حنيفة: { ضاهى خروجه خروج رسول الله صلى الله عليه وآله يوم بدر }  وأرسل له من باب الجهاد بالأموال عشرة آلاف درهم، واستمر يؤيده ويذكره بخير حتى انتهت ثورته بمقتله رضي الله عنه سنة 122هـ، ولما خرج أبنه يحي بن زيد في خراسان سنة 125هـ لم يخف أبو حنيفة تأييده له بل لقد جاهر بذلك في مجلسه وحلقة درسه، مع كل ما كان يعنيه من تأليب للناس على الأمويين.

أهم آرائه الكلامية

إنّ الإيمان مركب من ركنين اثنين، أحدهما مقصود لذاته، والآخر مقصود لغيره، وهما التصديق والإقرار.
إنّ الإسلام هو التسليم والانقياد بالقلب واللسان والجوارح لأوامر الله تعالى ونواهيه، وإن الشخص إذا أسلّم وانقاد بلسانه وجوارحه فقط، وكان في قلبه منزع للمخالفة أو كان فيه تكذيب فإن هذا لا يعد تسليماً وانقياداً كاملاً لخروج القلب منه.
إنّ الإيمان لا يزيد ولا ينقص.
إنّ معرفة الله واجبة بالعقل، ولكن على جهة الاستدلال على الوجود تحقيقاً لمعنى الإيمان.
أنّ القرآن كلام الله تعالى ووحيه، وتنزيله مكتوب في المصاحف، مقروء بالألسن، محفوظ في الصدور، غير حالٌ فيها، والحروف والحركات والألفاظ والكتابة كلها مخلوقة لأنها أفعال العباد، وكلام الله سبحانه وتعالى غير مخلوق لأن الكتابة والألفاظ والحركات والحروف كلها آلة للقرآن لحاجة العباد إليها، وأما كلام الله تعالى فقائم بذاته ومعناه مفهوم من قبلنا نحن بهذه الآيات فمن قال إن كلام الله مخلوق فهو كافر بالله العظيم.
إنّ الله تعالى خلق الأشياء لا من شيء وأنه عالم بها في الأزل قبل كونها، وأنه هو الذي قدر الأشياء وقضاها، وانه لا يكون في الدنيا أو في الآخرة شيء إلا بمشيئته، وعلمه وقضائه، وقدره، وكتب كل ذلك في اللوح المحفوظ ولكن كتبه في الوصف لا بالحكم، والقضاء والقدر والمشيئة صفاته في الأزل بلا كيف ، يعلم الموجود في حال وجوده، ويعلم كيف يكون فناؤه إذا أفناه، ويعلم القائم في حال قيامه قائماً، وإذا قعد علمه قاعداً في حال قعوده من غير أن يتغير علمه، أو يحدث له علم جديد، فالتغيير والاختلاف إنمّا يحدث في المخلوقين لا في الخالق، وأما الله تعالى خلق الخلق ثم خاطبهم، وأمرهم ونهاهم، فكفر من كفر بفعله وإنكاره وجحوده للحق، وآمن من آمن بفعله، واقراره، وتصديقه.وجميع أفعال العباد من الحركة والسكون كسبهم على الحقيقة، والله تعالى خالقها، وهي كلها بمشيئته، وعلمه، وقضائه، وقدره. والمعاصي كلها بعلمه، وقضائه، وقدره، ومشيئته، لا بمحبته، ولا برضاه، ولا بأمره.

أصول المذهب الحنفي

تتلخص أصول فقه هذا المذهب في قول أبي حنيفة النعمان:
أني آخذ بكتاب الله إذا وجدته، فما لم أجد فيه أخذت بسنة رسول الله(ص)، والآثار الصحاح عنه التي فشت في أيدي الثقاة، فإذا لم أجده في كتاب الله ولا سنة رسول الله(ص)، أخذت بقول أصحابه من شئت، وأدع قول من شئت، ثم لا أخرج من قولهم إلى قول غيرهم، فإذا انتهى الأمر إلى إبراهيم، والشعبي، والحسن، وابن سيرين، وسعيد بن المسّيب –وعدد رجالاً قد اجتهدوا – فلي أن أجتهد كما اجتهدوا.
ليس لأحدٍ أن يقول برأيه مع نص من كتاب الله، أو سنة ، أو إجماع عن أمة، فإذا اختلفت الصحابة على أقوال، نختار منها ما هو أقرب للكتاب، أو السنة، ونجتهد ما جاوز ذلك، فالاجتهاد موسع على الفقهاء لمن عرف الاختلاف، وقاس فأحسن القياس.
ليس يجري القياس في كل شيء.
البول في المسجد احسن من بعض القياس.
قولنا هذا رأي حسن وهو أحسن ما قدرنا عليه، فمن جاء بأحسن مما قلنا فهو أولى بالصواب منا.
وعليه فتكون أصول المذهب الحنفي هي كالتالي:

  • القرآن الكريم.
  • السنن النبوية.
  • الإجماع.
  • قول الصحابي.
  • القياس.
  • الاستحسان.
  • العرف.

على أن استنباط الأحكام الشرعية من هذه المصادر لا يتم اعتباطاً، وإنما يحتاج إلى نظر دقيق في هذه المصادر، وفهم عميق لها بمعنى أن من يعمد إلى هذه المصادر لدراستها بغية استنباط الأحكام الشرعية منها لا بد له من الاعتماد على مناهج ووسائل دقيقة تمكّنه من الوصول إلى أحكام شرعيَّة مطابقة لإرادة الله تعالى فعلاً.
ولا بدَّ أن تكون هذه المناهج والوسائل صحيحة سليمة تشهد لها نصوص القرآن الكريم، والسنة النبوية، وقواعد اللغة العربية، ومقتضيات العقل السليم بالصحة والسلامة، وقد عرفت هذه المناهج والوسائل عند علماء الشريعة الإسلامية كلهم بعلم(أصول الفقه) بغض النظر عن اختلافهم في بعضها حسب اختلاف مناهجهم .

ما انفرد به المذهب الحنفي
  • إن الاجتهاد في المذهب الحنفي لم يكن اجتهاداً فردياً وإنما كان اجتهاداً جماعياً .
  • امتزاج الحديث بالرأي في هذا المذهب.
  • استقلاله بمنهج خاص في أصول الفقه.
  • تقسيم دلالات الألفاظ إلى أربعة أقسام :
    • عبارة النص.
    • إشارة النص.
    • دلالة النص.
    • دلالة الاقتضاء.
  • انقسام الحكم التكليفي إلى سبعة أقسام:
    • الفرض.
    • الواجب.
    • المندوب.
    • المباح.
    • المكروه تنزيهاً.
    • المكروه تحريماً.
    • الحرام.
  • الاعتداد بالفقه الافتراضي.
  • نظرية الفساد في بعض العقود.
المذهب بعد أبي حنيفة

مع انقضاء زمن تلامذة أبي حنيفة ظهرت الحاجة عند أتباع هذا المذهب إلى أحكام جديدة لوقائع جديدة لم يكن أبو حنيفة وأصحابه قد فرضوا لها الحلول، فعمد فقهاء المذهب الحنفي إلى الاجتهاد ضمن أصول المذهب نفسه، وانحصر عملهم في أمرين:
أولهما: استخلاص القواعد العامة التي كان يعتمدها أبو حنيفة وأصحابه، وقد استخلصوا هذه القواعد من استقراء فروع المذهب كلها، فحرروا المذهب ، واستخرجوا أصوله وضبطوها وصاغوها بقواعد مجردة.
وثانيهما: استنباط أحكام الوقائع الجديدة بالبناء على تلك القواعد دون أن يحيدوا عنها حتى لا يخرجوا عن المذهب.
لم يخالف هؤلاء الفقهاء اجتهادات إمامهم إلا في بعض الفروع التي كان الاجتهاد فيها على وفق المصلحة أو العرف .
ثم أن اختلاف الروايات في المذهب ، وكثرة الأقوال في المسألة الواحدة دفعت ببعض الفقهاء أيضاً إلى العودة إلى أصول المذهب وقواعده، كما حررها سابقوهم، لاستخلاص قواعد خاصة جديدة للترجيح بين هذه الروايات والأقوال، وبيان ما يُفتى به من هذه الروايات والأقوال في كل مسألة على حدة، فهؤلاء حرّروا المسائل، وردوها إلى الأصول المقرَّرة ، ورجحوا بينها بوسائل الترجيح التي استخلصوها من عمل كل من سبقهم، وما هي إلا أن أصبحت وسائل الترجيح هذه جزءاً لا يتجزأ من المذهب الحنفي.
وبالنتيجة فإن القواعد الفقهية لم تنشأ جميعها في وقت واحد، ولم يصغها فقيه واحد بعينه بل استخرجت من الأحكام الفرعية على عدة مراحل ، وعلى يد عدد كبير من الفقهاء إلى أن بلغت أكثر من مائة وخمسين قاعدة معتمدة عند علماء هذا المذهب.

انتشار المذهب الحنفي

يوجد في مصر عدد كبير من الناس على المذهب الحنفي، وإن كانت الغلبة ليست له ، وهو هناك مذهب الدولة، والمتبع في الفتوى، والمطبق قانوناً في مسائل الأحوال الشخصية ، ولكنه الغالب في بلاد الشام، ويزيد متبعوه عن نصف السكان فيها ، إلا أنه قليل في فلسطين، وله الغلبة المطلقة في كل من العراق، وتركيا، وألبانيا، والبلقان، والأفغان، وتركستان، والقوقاز، والهند والصين، والبرازيل.