كتب منحولة – الهفت الشريف

أُضيف بتاريخ الأحد, 14/11/2010 - 17:00

  ثم نعود إلى تلك الوثائق التي اعتمدها لإخراج هذا الكنز المخبوء خلف ستار التقيّة التي يحتجّ بها الكثيرون. لنستعرضها أمامنا لنرى وثاقتها وقيمتها:
فأوّلها نسخة خطـّية في مكتبته الخاصة إسمها "فطرة المنصان، وكتاب الأسس، وكتاب مجموع الأعياد، وكتاب الأكوار والأدوار النورانية، ورسالة الحروف والقباب والباكورة السُليمانية"

هذه هي الوثائق التي اعتمدها في بحثه والتي تُلقي نوراً كاشفاً كما زعم معتبراً نفسه بأنـّه السبـّاق إلى اكتشافها فنقول:
» إنّ كتاب "الأسس" المزعوم إذا كان موجوداً كما يزعمون فهو ليس للعلويين ولم نسمع به إلا من خلال بعض المستشرقين وقد استشهد به بعض الكتـّاب الناقلين.

» أمّا "الباكورة السليمانية" فقد أتينا على ذكرها مرّات عدّة في كتابنا وإنّ هذا السليمان الآذني لم ينزل من بطن أمّه بعد وهو شخصية وَهمية، وهذه الباكورة هي من وَضع المُبشـّرين والمُستشرقين.

» وكتاب "المجموع" طلعَ به علينا أحد المُستشرقين وقد أكـّد ذلك الدكتور عبد الرحمن البدوي وكنـّا قد ذكرنا في معرض ردّنا على بعض أقواله.

» وكتاب "الأكوار والأدوار النورانية" و "الحروف والقباب" فلم نسمع بهم من قبل وكنـّا نتمنـّى أن يذكر بعض الفصول الواردة فيهم عسى نُوَفـّق إلى معرفة مصدرهم.

» وكذلك "فطرة المنصان " لم نسمع بها إلا من خلاله.

والنتيجة فإنّ جميع هذه الكتب لا تمثـّل العلويين لا من قريب ولا من بعيد وما هي إلا من الكُتب الموضوعة لتشويه صورة هذه الطائفة.

الهفت الشريف

ونقف قليلاً على كتاب اعتمده أكثر من غيره هو كتاب "الهفت الشريف" ، هذا الكتاب استند إليه الكثيرون واعتبروه من أوثق المصادر التي تُدين العلويين فنقول:
إنّ هذا الكتاب نسبه المستشرق (شترومان) إلى الفرقة الإسماعيلية ولكن الكاتب مصطفى غالب حينما أرسله إلى هذا المستشرق بُغية نشره وتحقيقه في (هامبورغ) أرسل معه رسالة يؤكـّد فيها بأنّ هذا الكتاب ليس للفرقة الإسماعيلية ولكنـّه مِن كتب العلويين السرّية.

ونقول رداً على هذا الإدّعاء السافر:
إذا أراد هذا الكاتب أن يَنفي عن أبناء طائفته نسبة هذا الكتاب إليهم فلا يَحق له زوراً وبُهتاناً أن ينسبه إلى العلويين.
وفوق كل هذا فإنـّا لا نجزم أن يكون هذا الكتاب للطائفة الإسماعيلية وإنـّنا ننفي أن يكون للعلويين أو أن يكون لهم أي علاقة به، وهذا الكتاب نسبَهُ واضعوه إلى المُفضـّل بن عمر الجعفي تلميذ الإمام الصادق، وهذا كلام عاري عن الصحّة بعيدٌ عن العقل ولا يُؤكـّده النقل. فحاشا لله أن تصدر مثل هذه الكتب عن الإمام الصادق أو أحد تلاميذه، وهذا أمرٌ لا جِدال فيه. وكل ما لم يصدر عن أئمتنا المعصومين فإنـّنا نضرب به عرض الحائط، وننبذه ظهرياً.

وهذا الكاتب قد بذل جُهداً مُضنياً ليؤكـّد للقرّاء عن وجود كتب للعلويين لم تـُنشر بعد لباطنيّتها وسرّيتها ليُثبت من خلال ذلك صعوبة وضع بحث شامل عن عقيدة العلويين يتناولها من جميع نواحيها ليَصِل في النهاية إلى أنّه قد انفرد عن الكُتـّاب الآخرين في الوصول إلى هذه الغاية بواسطة ما توفـّر لديه من الوثائق والنصوص التي تسمح له بتكوين رأي صحيح شامل عن هذا الموضوع الغامض (كما أطلق عليه).

وكل هذا الكلام عن وجود مخطوطات باطنية للعلويين لا أساس له من الصحّة وما هو إلا شائعات باطلة رَوّج لها قومٌ مُتخرّصون همّهم الأكبر تكفيرُ أهل الولاية، ووَهْمٌ استغلـّه الكثيرون ليصلوا من خلاله إلى غاياتهم المَرجوّة مهما كانت الوسائل حقيرة.

ونسأل هذا الكاتب وغيره إذا كانت نواياهم حسنة كما يدّعون، لماذا لا يستندون على المصادر العلوية الصادقة وهي كثيرة، وليس بالأمر العسير الحصول عليها والرجوع إليها؟
ونُجيب عنهم من خلال ما اتـّضح لنا بالدليل القاطع أنّ مهمّتهم تقتضي تشويه صورة هذه الطائفة وليس العكس، وهذا ما نأسف له أن يكونوا أداةً تخريبيـّةً في أيدي أعداء الدين من حيث لا يشعرون.