عقيدة العلويين

أُضيف بتاريخ الأحد, 14/11/2010 - 17:00

وختم كتابه بنصيحة كنـّا نتمنى أن يحتفظ بها لنفسه، وهي تـُظهر لنا نواياه المُبَيـّتة. قال:

على هذه الصورة نجد كل العقائد النـُصَيْريـّة تتلفـّع بالغموض والتقيـّة والمعجزات التي لا تخطر على بال الباحث.
وقد نُصبح في رأي بعض المشائخ المتعصّبين لكوننا تعرّضنا لهذه النواحي الدينية من الملعونين المارقين أو من المعتوهين المجانين.
ولكن لا يهمّنا ما دمنا أوردنا الحقيقة التي تـُنير السبيل أمام الباحثين والمهتمـّين بالدراسات الإسلامية.

إنّ عقيدة العلويين لا غموض فيها ولا تقيـّة، وقد أعلنها العلماء كما قلنا مِراراً إنـّما الغموض فهو من وضع هؤلاء المُتخرّصين ليُوهموا الناس بوجود ما لا وجود له.

أمّا المعجزات التي قال عنها أنـّها لا تخطر على بال الباحث فإن كان يُريد بها ما أتى على ذكره في كتابه فما هي إلا من نسيج مُخيّلته الواسعة ومُخيّلة أمثاله الذين لا يتحرّجون من نقل الكذب، أمّا إذا كان يُريد بها تلك التي أفردت لها العلماء كتباً عديدة فهذه المعجزات لا يُنكرها إلا من يُشكـّكون برواته من سنـّة وشيعة. وهذا شأنهم ولا نستطيع إقناع الناس بما يُصرّون على إنكاره.

أمّا اللعنة التي يتوقـّعها من بعض الشيوخ المتعصبين كما وصفهم فإنـّها ستصيبه ولكن ليس على أساس أنـّه كشف ما هو مستور بل لأنـّه نسب إلينا ما لا وجود له مُطلقاً.

أمّا الحقيقة التي ادّعى أنـّه أوردها فهي خيال زائل، نسجها في مخيّلة الناس شيوخُ السوء وقضاةُ الرشوة وصدّقها ضعفاء العقول وجعلوها حقائق ثابتة يتغنـّون بها بين الحين والآخر.
وما هي هذه الحقيقة التي يفتخر بإيرادها؟
أهي المُتناقضات الكثيرة التي وقع بها في كتابه، أم الأكاذيب المثيرة التي لا يُصدّقها سوى من لا يهمّهم معرفة الحقيقة من أقوال أصحابها.

  ثم تابع قوله:

ولكن لا بد لنا ونحن في نهاية المطاف من أن نهمس في آذان هؤلاء وغيرهم من رجال الدين، أو ممـّن لا يزالون حتى هذا العصر عصر الذرّة والإكتشافات الكونية يعتبرون أنفسهم يعيشون في كهوف التقيـّة، ومغائر السرّية، وسراديب الكتمان، لذلك يجب أن لا يتعرّض أي باحث أو عالم أو مؤرخ للعقائد الباطنية السريّة لأنها من الأشياء المقدّسة، لا تمسـّها إلا أيدي مُستحقيها من السُذّج والبُسطاء الذين لا يستطيعون أن يُحللوها ويبدوا رأيهم العقلي فيما صالح منها، فنقول لهم بأنّ التاجر الذي يملك البضاعة الجيدة التي فيها نفع للناس لا يُخشى أبداً من طرحها أمام الجماهير المتشوّقة لمعرفة كنهها ليختاروا ما يُلائم أذواقهم. أمّا أن يُسْدِل هذا التاجر على بضاعته الستائر والسجف وبنفس الوقت يُعلن بأنّها من أجود البضائع فلا بد أن يتعرّض للتقوّلات والتكهـّنات والإتهامات.

إنـّها نصيحة لا بأس بها فيما لو أنّ هذه الأمور التي تحدّث عنها الكاتب صحيحة وموجودة، ولكن بما أنّ الحال بخلاف المقال فماذا تعني هذه الهمسة اللطيفة في آذان رجال الدين الذين يتـّهمهم بالكتمان والسريّة ويُهدّدهم بأنـّه اكتشف أمرهم وكان السبـّاق وانقضّ عليهم وأحكم الخناق.
يا لهذا التحايل المُقرف والتلاعب المكشوف، هدفه أن يُوهم الناس بصدق مفترياته التي تعوّدنا عليها من أمثاله.

وإنّ بـِضاعتنا التي يَعتبر أننا أسدلنا عليها الستائر والسجف فهي موجودة بين الجميع، وصرّح بها علماؤنا وفقهاؤنا في مؤلفاتهم المطبوعة والمنشورة، ولكنه لا يُريد أن يُصدّق لأنّ الصدق ليس من طبعه، وقد اعتاد وأمثاله أن يعيشوا في عالم الأوهام والأساطير وأبت نفوسهم المريضة وعقولهم المحدودة العيش في عالم الحقيقة المجرّدة من الأباطيل.

وإنّ بضاعتنا التي نفتخر بها ونعلن بأنـّها من أجود البضائع هي سبب نجاتنا عند الله يوم المحشر، وهي الإيمان بالله الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد.
والإيمان برسوله الذي بلـّغ عن ربّه ما أمر وأراد، وهدى قومه من الضلالة والفساد وأرشد الناس بعد معرفة الفرائض والأحكام إلى معرفة الإمام حتى لا يقع الفساد والإيمان باليوم الآخر وأنّ الله يبعث من في القبور وإليه النشور وعنده الحساب يومئذ لا ينفع مالٌ ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.

هذه هي بضاعتنا التي نعلنها على الملأ ولا نـُضمر سواها، وإنّ سَبَبَ التقوّلات والتكهّنات والإتهامات التي نتعرّض لها فهي من قومٍ لا يعلمون بقول الله تعالى ﴿ وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلاَمَ لَسْتَ مُؤْمِناً تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾ ﴿ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ ﴾ .

وهناك الكثير من الشبهات التي تقوّلها علينا لم أعقـّب عليها وذلك لكثرة تكرارها من كُتـّاب سابقين كنت قد ذكرتها ورَدَدْتُ عليها بما يوجب.