الإتهام بالخيانة الوطنية إبّان الغزو الصليبي

أُضيف بتاريخ الأحد, 14/11/2010 - 17:00

وتحت عنوان (النصيرية وموجات الغزو الأجنبي)
جهدت على التأكيد بأنّ العلويين (كانوا دائماً اليد العون والعين لكل غازٍ لهذه البلاد الإسلامية) ، وهذا اتـّهام صريح بالخيانة الوطنية، ابتدأته بقولها المنقول عن مُحرّفي التاريخ: (من أنّ السواحل الشامية إنـّما استولى عليها الصليبيون من جهة النصيرية، وبمساعدتهم) .

فأقول بما ثبت تاريخياً وبإجماع المؤرخين بأنّ الغزو الصليبي لبلاد المسلمين لم يكن من السواحل الشامية، وإنّما عن طريق إدلب مروراً بالسهول والجبال والهضاب حتى وصل إلى بيت المقدس وكل هذه الإمارات التي مرّ بها لم يكن فيها أمير علوي أو حتى سكان علويين.
وإنّ الإمارة العلوية الوحيدة في ذلك العهد كانت إمارة طرابلس الشام، وكان أميرها فخر الدين بن عمّار، وهي آخر إمارة وقعت بأيدي الصليبيين بعد حصار دام سبع سنين، وكان أميرها يُواجه الحملات الصليبية بمُنتهى البَسالة والشهامة العربية، ويَغير على حصونهم المنيعة ويُلحق بهم الخسائر الجسيمة، ولم تقع هذه الإمارة العلوية بيد الصليبيين إلا بعد وفاة أميرها فخر الدين بن عمـّار.

ومن المعروف إجماعاً أنّ الأمير سيف الدولة الحمداني العلوي أمير حلب كان الدرع الواقي والحصن المنيع لهذه البلاد في وجه الغزاة طوال سنين إمارته.
وإنّ الروم حينما استولوا على حلب سنة 351هـ امتنعت القلعة عليهم لاعتصام جماعة من العلويين فيها ودفاعهم عنها وكانوا يتـّقون سهام العدو بالأكفّ والرادع كما أورد ذلك واثبته ابن شدّاد في "الأعلاق الخطيرة".

  وقولها:
(إنّ النصيريين كانوا عيناً وعوناً للتتار في غزوهم للأرض العربية الإسلامية وقد مكـّنوهم من الرقاب) .
واستشهدت على ذلك من اتخاذ تيمورلنك التشيّع مذهباً.
كما إنها زعمت أّنّ غزوه لدمشق وبغداد (كان بمعاونتهم وهم الذين أوعزوا إليه بقتل السنيـّين) .

هذا الكلام لا يُقرّه منصف عاقل، وذلك لعدم استناده إلى دليل ثابت، وقد نقلَتْه عن ابن تيمية المشهور باختلاق الأكاذيب، وعن الطويل صاحب التاريخ الهزيل، الذي لا يُمثـّل سوى أفكار ساداته.

وإنّ هذا التيمورلانك المغولي الذي ادّعى التشيـّع لإثارة العصبيات البغيضة لا علاقة للعلويين به مُطلقاً، ولا تربطهم به واشجة نسب أو دين، فقد لحق بالعلويين من طغيانه ما لحق غيرهم من إخوانهم السنـّة. والقضية لم تكن وقتذاك قضيّة مذاهب وانتقامات كما يُفسّر البعض. بل كانت أطماع مغولية للإستيلاء على مرافق البلاد وإذلال العباد.

ومما قاله في هذا الصدد صاحب كتاب "النبأ اليقين عن العلويين" فضيلة الشيخ محمود الصالح تحت عنوان (مذبحة السفـّاح المغولي تيمورلنك). قال:

يا بئس ما صنع القدر بالمسلمين العرب، إذ ألقى مقاليد أمورهم بأيدي ولاة غرباء عنهم، غزاة قساة، لا تعرف الرحمة قلوبهم، ولا تحس بالرأفة مشاعرهم ولا تتحرك بالرقة عواطفهم و لا تشبع من الدم نفوسهم.

من أولئك الغزاة الجفاة، الجبار المغولي الطاغية (تيمورلنك)، الذي نفثه القدر سماً زعافاً على قلب العروبة النابض، ذلك العلج الذي اتخذ من مذهب التشيع مثاراً للعصبيات البغيضة، و محياً لدفائن الأحقاد المقيتة، فأوقع في المسلمين السنيين أيّما إيقاع، تلك المذبحة التي تقشعر لذكرها الجلود و توجل من هولها القلوب.

والمُستضيء بنور عقله – وبوضوح – إنّ مثل هذه المذبحة ليس غيرة على دين ولا انتصار لمذهب، إذ إنّ ما من دين إلهي يرتضيها – وبخاصة الدين الإسلامي – ولا من مذهب يقرّها وعلى الأخص مذهب أهل بيت الرحمة والذين هم خلفاء من أرسله الله رحمة للعالمين.

إذن فلم يبق من باعث لتلك المجازر والمذابح التي تصطك من ذكرها الأسماع إلا رغبة أولئك الطغمة الطامعين بالإستيلاء على مرافق البلاد العربية التوّاقة نفوسهم لريّها من دماء أبنائها، وبذلك يصفو لهم الجو لاستغلال خيراتهم واستثمار ثرواتهم، وأهلها عنها مُبعدون بعد الشقة التي اصطنعها فيهم ذلك الحاكم الغاشم.

وفي هذا القول كفاية لمن عقل.