تهمة تسليم الجولان والتعامل مع الصهاينة

أُضيف بتاريخ الأحد, 14/11/2010 - 17:00

وختمت هذا الفصل باتهام العلويين (بالتعامل مع الصهيونية وتسليمهم مرتفعات الجولان)
مُعللة ذلك بوجود (نبوءة لبعض شيوخهم دفعتهم إلى التساهل في تسليم الجولان للأعداء) .

إنّ المُراد بهذه النبوءة المزعومة نشرة (وحيد العين) التي ألصقها البعض بالشيخ "عبد الرحمن الخيّر" سنة 1968 وقد ردّ عليها الشيخ المذكور في كتابه الذي أجاب فيه على أسئلة الدكتور شاكر مصطفى، قال:

افتراء نشرة سنة 1968:
بيد أنّ إحدى الحاقدين، ممّن يبيعون ضمائرهم وأقلامهم من الصهيونية ومن وراءها، تعمـّد افتراء نشرة سنة 1968 بعنوان (وحيد العين) وذيـّلها بالأحرف الأولى من إسمي.
وقد طبع منها مئات الألوف من النسخ بأموال المتربصين شراً باستقرار الحكم في هذه البلاد الحبيبة، وبتآخي وتعاون أبنائها البررة بها، المتآزرون في جهادهم القومي، على اختلاف مللهم ونحلهم، (المزعومة).
ووزعها المتحمـّسون من الحاقدين والموتورين على العالم بأسره – كما أكّد لي تجار ودارسون ومسافرون – في أوروبا وأمريكا وآسيا وأفريقيا والبلاد العربية عامة وفي موسم الحج خاصة.

وقال (والكلام للشيخ الخيّر):

وأحمد الله تعالى على أنّ الوعي الوطني – والديني لدى العقلاء من المواطنين، من مختلف فئاتهم، قد فوّت على الحاقدين، والموتورين والكائدين غايتهم معاً.

وبعد سنوات أعاد نشر تلك (الأكذوبة الفاجرة) سياسي محترف ضمن كتاب أسماه (مجتمع الكراهية) – ولعلك قرأته- وضمّنه الكثير الكثير من اتهامات رجالات الحكومات والأحزاب بعضهم بعضاً، في أكثر البلدان العربية، مما ذكر أنه استقاه من خطبهم وصحفهم وإذاعاتهم الرسمية ولغاية لا تخفى على بصير دسّ بينها (النشرة المُفتراة) ليُثبتها بزعمه للتاريخ وكأنـّها وثيقة دامغة ضد القوم الذي عنتهم النشرة بافترائها.

وفور اطـّلاعي على الكتاب في بيروت خلال شهر تموز سنة 1971م كتبت رداً بحجم النشرة ذاتها بعنوان (للحقيقة والتاريخ) ، أوضحت فيها الغاية الدنيئة من النشرة ومن تضمينها الكتاب المذكور. وطبعت من الرد أربعة آلاف نسخة وُزّعت مُعظمها بالبريد المسجّل والعادي على أكثر السفارات العربية والصحف والمجلات ودور الإذاعة والنشر في لبنان والأردن خاصة وفي معظم الدول العربية عامة.
ولكن مع الأسف لم تشِر – فيما علمت – أي صحيفة أو مجلة إلى ردّي ذاك وطبيعي هذا لأنـّه لم يصحبه أي مبلغ من العملات لا الصعبة ولا العادية. كما أنّ صاحب (مجتمع الكراهية) لم يكتب لي معلقاً على (الرد) لا سلباً ولا إيجاباً رغم ما زوّدته به من الكتب والوثائق، ليُصحّح معلوماته الخاطئة (عن جماعة واسعة من أبناء قومه)، وذلك بواسطة وزارة الخارجية الأردنية، لجهلي عنوان إقامته حينئذٍ.
بل اكتفى بأن شكاني إلى الأخ الصديق الحميم أديبنا وشاعرنا الأكبر، الأستاذ (بدوي الجبل) المُصطاف يومئذٍ في لبنان – كما ذكر لي ولده الحبيب (أحمد) خلال لقاء عابر في بيروت عندما سلمته نسخاً من الرد ليحملها إلى والده الكريم في مصيفه.

ونلخـّص ما يكفي من رد الشيخ عبد الرحمن الخيّر على صاحب كتاب (مجتمع الكراهية) للأستاذ سعد جمعة وذلك لإيضاح الغاية التي من أجلها وُضِعَ هذا المنشور وليكون رداً على مفتريات هذه الكاتبة، من اتهام العلويين بالتآمر مع الصهاينة.

قال الشيخ عبد الرحمن الخيّر في بيانه:

إلى الأخ المواطن العربي المسلم الأستاذ "سعد جمعة".
السلام عليك أيها الكاتب الباحث المتألم الناقم.

قرأت كتابك (مجتمع الكراهية) سبرت عمق جراحك فيه. وأي إنسان في قلبه ذرة من حياة وإيمان ولا يتألم وينقم لما حصل أمس، ولما يحصل الآن، ولما سيحصل غداً، إن لم يتداركنا الله بلطفه ورحمته، فيُبصّرنا بالعمل الواعي ويوفـّقنا للتعاون المُجدي فندفع عنا الخطر المُحدق بنا جميعاً.

إنني لا أريد مناقشتك حول ما عرضته في كتابك من أقوال هي بعض ما ينقله عن ساسة العرب وعن حكامهم أعداءهم في إذاعتهم المتهكمة المتغطرسة. لا. لا لن أناقشك حول معظمها فلك رأيك في طريقة النقد وأسلوب الدعوة إلى اليقظة والعمل. وخاصة لأنـّك تصرّح بنقلك الأقوال من مصادرها، كما سجّلتها، من أفواههم ومنشوراتهم الرسمية، أشرطة الإذاعة وصحف العالم. ولكن ... ولكن لا بد لي من التساؤل:

إذا سمح لنفسه عاقل في دنيا العرب والإسلام بأن يُصدّق ما تضمّنه المنشور (وحيد العين) من التخرصات الزاعمة تنازل فئة من حكام سورية عن مرتفعات الجولان لمصلحة العدو والغادر، فما الذي يمنع عاقلاً مثله من تصديق افتراء آخر بأنّ فئة من الحكام غير تلك الفئة هي التي تنازلت، أو عن خسارة الجبهة المصرية إنما كان كذلك باتفاق مُسبق بين الحكام في مصر مع الصهيونية، أو بأنّ خسارة الضفة الغربية إنما كانت بالتواطؤ بين الحكام في الأردن وبين اليهودية العالمية. وكلتا الخسارتين سبقتا خسارة الجولان.

وإذا تراشق العقلاء من العرب والمسلمين الآن بمثل هذه التهم الباطلة، من جرّاء الحقد، والتشفي، أو بقصد الوصول إلى الحكم، فماذا سيبقون من حاجة في نفس العدو الغادر لم يقضوها؟!!!

وأي سلاح تحتاجه إسرائيل في الحرب الباردة أفتك من هذا السلاح ذي الحدّين لتمزيق صفوف العرب والمسلمين؟!!!

اللهم اشهد لنا أننا نرتفع عن هذا البهتان، وندحض هذا الإفك، ونحتقر من يروّجه ومن يُعجب به.

لا، لم أرد أن أناقشك في هذا، ولو نفثة الألم على يراعي. وإنما أريد أن أصارحك باستغرابي كل الإستغراب أن تتسرّع أنت ومن أنت (رئيس حكومة سابق)، فتنقل في مطاوي كتابك (مجتمع الكراهية)، بين وثائق معروفة المصادر، منشوراً كاذباً كتبه نكرة مأجور، باع دينه وكرامته لمصلحة العدو الماكر، وتستـّر باسم مستعار كيلا تحطّمه نعال المخلصين...

إلى قوله:

وإنّ كل من يُمعن النظر في فقرات (المنشور المفترى) يلمس لمس اليد، ويعرف حق المعرفة، إنّ لحمته وسداه هي خيوط من دس مفضوح، حيكت بخبثٍ مقصودٍ، لتثبيت (مجتمع الكراهية) ولتعميق الهوّة وتوسيعها بين افراده، ولتحريض أبناء هذا (المجتمع) على التناحر ليصل إلى غايتهم (شياطين الصهيونية) - الموحون زخرف القول إلى عشاق قضيتهم، من عبيد شهوة الحكم والحقد والتشفي والغباء – فيقضوا بذلك على البقية من الأخوّة في الدين والأمّة والوطن التي نعضّ عليها بالنواجذ، ونسترخص في سبيل المحافظة عليها بذل المُهَج والأموال والأبناء. في حين يأبى المفترون بائعو الضمائر إلا القضاء عليها، بتقديمها قرباناً رجساً على مذبح النجمة السداسية في هيكل الصهيونية الحقود...

وقال:

فهل يصلح لعاقل من العرب والمسلمين أن يأخذ الآن بهذه الأقوال ويعتمدها ليُحرّض بها العرب والمسلمين، بعضهم على بعض، فيتناحروا، ويجعلوا بأسهم بينهم، فيكفوا إسرائيل مغبّة قتالهم؟!!

كيف يسمح لنفسه، يا أستاذ سعد جمعة، من له مسكة من عقل أو معرفة أو دين، بأن يقبل افتراءات سخيفة فقهاء مارقون حاقدون، وتلقفها ونشرها مبشرون كانت مهمتهم التمهيد للإستعمار والصهيونية. ثم جاء (نكرة دسّاس مأجور) فنبشها من أوحال الكتب العفنة، وأضاف إليها من قاذورات خبثة ما شاءت له دناءته، ونشرها ليُشنـّع بها من جديد؟!!!

والآن وقد تمّ للمبشـّرين (طليعة الإستعمار) ولمن وراءهم ما خططوا له من تمزيق البلاد الواحدة إلى دويلات مزعومة (معاهدة سايكس – بيكو وما قبلها وما بعدها). وجمعوا لنا شذّاذ الآفاق، الذين ﴿ ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَآؤُوْاْ بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ ﴾ البقرة\61. وأقطعوهم جزءاً من وطننا الغالي، فربضوا في قلب ديارنا، وشرّدوا لنا إخواناً تتفطر القلوب لما صاروا إليه من حال مزرية، والآن ومع كل هذا فلا يزال يتشدّق بعضنا بتحميل غيره مسؤولية الهزيمة والذل؟!! وليس منا واحد لم يُسهم ولو جزئياً في تحمّل المسؤولية.

وإذا كنا أيام قوتنا منعتنا، قد خسرنا الدولة والحكم والعز بالإفتراء والإتهام والتناحر، فهل يتسنـّى لنا حالياً، مع كل هذا التخلف والتمزق والضعف، أن نقيم من جديد دولة وحكماً وعزاً على أساس الإفتراءات والإتهامات والتناحر؟!! أما آن لنا أن نفيق ونكفّ عن الإسترسال في هذا الخزي؟!! فنوجّه صفوفنا إلى الوحدة في سبيل الله والأمّة والوطن، لندافع عن كرامتنا الجريحة وحقنا المهضوم.

والآن وبعد مضي سنوات على افتراء المنشور المشلل ونشره، فإنـّه لمما يستدعي الأسف والأسى أن يرى سياسي عربي لا يعرف، أو لا يريد أن يعرف، عن إخوانه في الوطن والدين والعروبة، غير ما يُشيـّعه العدو وأشباهه من الموتورين والدساسين المأجورين، ولا يُصغي، وهو المسلم، إلى الدعوة الإلهية: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ﴾ الحجرات\6.
فيحاول على الأقل أن يتبيـّن (نبأ الفاسق) قبل أن يسوّد صحيفة كتابه بما لا أصل له ولا صحّة لمحتوياته، من الدس المفضوح المُراد منه الفتنة العمياء خدمة للعدو المتربص... الخ.

وختاماً لهذا الفصل أقول

إنّ الدلالة على شجاعة العلوي وإخلاصه لوطنه أكثر من أن تـُحصى، فالتاريخ يشهد له بذلك رغم أنوف المُغرضين، وإنّ أبناء هذه الطائفة من أكثر الناس ابتعاداً عن الخيانة الوطنية، واسرعهم إندفاعاً للذود عن حياض بلادهم العربية، ومآثرهم البطولية والجهادية عبر التاريخ شاهد عدل على صحّة ذلك ابتداءا من الفتوحات الإسلامية ومروراً بصد الغارات البيزنطية والرومية، وانتهاء بالثورة العلوية ضد الفرنسيين، ولا يستطيع متحامل أن ينكر بطولاتهم مع بقية إخوانهم من سائر الطوائف في حرب تشرين التحريرية، وكم قدّموا من الشهداء في سبيل أرضهم العربية.

وهذا الإيمان نابع من صحّة عقيدتهم الإسلامية، وما آثره فيهم إمامهم (ع) بقوله في خطبة الجهاد:

أمـّا بعد فإنّ الجهاد باب من أبواب الجنـّة، فتحه الله لخاصة أوليائه، وهو لباس التقوى، ودرع الله الحصينة، وجنته الوثيقة، فمن تركه رغبة عنه ألبسه الله ثوب الذل، وشمله البلاء، وديث بالصغار والقماءة، وضرب على قلبه بالإسهاب وأديل الحق منه بتضييع الجهاد، وسيم الخسف، ومنع النصف... الخ.