الخروج من عالم الفساد

أُضيف بتاريخ الجمعة, 12/09/2014 - 14:26

الخروج من عالم الفساد


وَمِنْ أَوْهَامِهِ قَوْلُهُ :

(( وبعد أن يتطهر المؤمن في عدة أدوار ينجو من بحر الهيولى، وأسر الطبيعة، والخروج من هاوية الكون والفساد إلى فسحة عالم الروح (الجنة)، والمكوث هناك فرحاً مخلداً فيها أبداً. وكان في دروسه يشرح تعاليم الداعية الإسماعيلي محمد بن أحمد النسفي في كتابه المحصول الذي أصبح مرجعاً هاماً للمذهب العلوي .)) 1


بَيَانُ الوَهْمِ

هَذَا مِمّا شَرَحَهُ إِخْوانُ الصّفَا فِي رَسَائِلِهم ، وَمِنْهُ :

(( وَاعْلَمْ أَنَّ نَفْسَكَ هِيَ إِحْدَى تِلْكَ الصُّوَرِ، فَاجْتَهِدْ فِي مَعْرِفَتِهَا لَعَلَّكَ تُخَلِّصُها مِنْ بَحْرِ الهيُولَى وَهَاوِيَةِ الأَجْسَامِ وَأَسْرِ الطّبِيْعَةِ الّتِي وَقَعْنَا بِهَا بِجِنَايَةِ أَبِيْنَا آدَم، عَلَيْهِ السّلامُ، حِيْنَ عَصَى رَبّهُ فَأُخْرِجَ هُوَ وَذُرّيّتهُ مِنَ الجَنّةِ الّتِي هِيَ عَالَمُ الأَرْوَاحِ ..)) 2

وَعَزوهُ إِلَى أفلاطون :

(( نَحْنُ هَهُنَا غُرَبَاء فِي أَسْرِ الطّبِيْعَةِ وَجوار الشّيْاطِيْن ، أُخْرِجْنَا مِنْ عَالَمِنَا بِجِنَايَةٍ كَانَتْ مِنْ أَبِيْنَا آدَم ....))3

وَالمُؤَلّفُ مُحَالٌ عَلَى مَا أَحَالَنَا عَلَيْهِ مِنَ الكُتُبِ ، وَلَيْسَتْ مِنْ مَذْهَبِنَا ، فَإِنَّ الّذِي نَقُولُهُ هُوَ قَوْلُ أَئِمّتِنَا أَهْل البَيْتِ ، لا قَولُ إِخْوان الصّفَا، فَمِنْ كَلامِ الإِمَامِ الصّادِق فِي بِحَارِ الأَنْوَارِ :

(( وَسَأَل المُفَضّلُ الصّادِق : مَا كُنْتُمْ قَبْلَ أَنْ يَخْلق اللهُ السّمَاواتِ وَالأَرْضَ ؟. قَالَ : كُنّا أَنْواراً حَول العَرْشِ، نُسَبِّحُ اللهَ وَنُقَدِّسُهُ، حَتّى خَلَقَ اللهُ سُبْحَانَه المَلائِكَةَ، فَقَالَ لَهُم : سَبِّحُوا، فَقَالُوا : يَا رَبَّنَا لا عِلْم لَنَا، فَقَال لَنَا : سَبِّحُوا، فَسَبَّحْنَا فَسَبَّحَتِ المَلائِكَةُ بِتَسْبِيْحِنَا، إِلاّ أَنَّا خُلِقْنَا مِنْ نُوْرِ اللهِ، وَخُلِقَ شِيْعَتُنَا مِنْ دُوْن ذَلِكَ النُّوْرِ، فَإِذَا كَانَ يَومُ القِيَامَةِ الْتَحَقَتِ السُّفْلَى بِالعُلْيا، ثُمّ قَرَنَ بَيْنَ أُصْبُعَيْهِ السَّبَّابَةِ وَالوُسْطَى وَقَالَ : كَهَاتَين .

ثُمّ قَالَ : يَا مُفَضَّلُ أَتَدْرِي لِمَ سُمِّيَتِ الشِّيْعَةُ شِيْعَةً ؟. يَا مُفَضّلُ شِيْعَتُنَا مِنَّا، وَنَحْنُ مِنْ شِيْعَتِنَا، أَمَا تَرَى هَذِهِ الشَّمْسَ أَيْنَ تَبْدُو؟ قُلْتُ : مِنْ مَشْرقٍ. قَالَ : وَإِلَى أَيْنَ تَعُوْدُ؟. قُلْتُ : إِلَى مَغْربٍ، قَالَ : هَكَذَا شِيْعَتُنَا، مِنَّا بَدَؤا وَإِلَيْنَا يَعُوْدُوْنَ .))
4

وَلا يَلْزَمُ مِنْ هَذَا القَولِ، وَلا مِمّا يُشَاكِلُهُ، أَنْ يَكُونَ قَائِلُهُ شَارِحًا لِكِتَابِ المَحْصُول كَمَا تَوَهَّمَ المُؤَلِّفُ، وَمِنْ ذَلِكَ قَولُ الإِمَام الجيلاني فِي كِتَابِهِ ( فُتُوحِ الغَيْبِ ) :

(( لا تَطْمَعْ أَنْ تَدْخُلَ فِي زُمْرَةِ الرُّوْحَانِيِّيْنَ؛ حَتَّى تُعَادِي جُمْلَتَكَ، وَتُبَايِنَ جَمِيْعَ الجَوَارِحِ وَالأَعْضَاءِ، وَتَنْفَرِدَ عَنْ وُجُوْدِكَ وَحَرَكَاتِكَ وَسَكنَاتك وَسَمْعِك وَبَصَرك، وَكَلامِكَ وَبَطْشِكَ وَسَعْيكَ، وَعَمَلِكَ وَعَقْلِكَ، وَجَمِيْعِ مَا كَانَ مِنْكَ قَبْلَ وُجُوْدِ الرُّوْحِ فِيْكَ، وَمَا أُوْجِدَ فِيْكَ بَعْدَ نَفْخِ الرُّوْحِ، لأَنَّ جَمِيْعَ ذَلِكَ حِجَابُكَ عَنْ رَبِّكَ عَزَّ وَجَلَّ ....)) 5

وَأَكْثَرُ كَلامِ المُؤَلِّفِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنَ الخَلْطِ وَالخَبْطِ ، وَقَدْ تَرَكْتُ مَا نَبَّهَ عَلَيْهِ مَنْ سَبَقَ مُرَاعاةً للاِخْتِصَارِ، فَقَدْ هَانَ إِبْطَالُ دَعْواهُ  بَعْدَمَا تَبَيَّنَ  [سورة الأنفال 6].

وَلا حَوْلَ وَلا قُوّةَ إِلاّ بِاللهِ العَلِيِّ العَظِيْم .


 


  • 1إخوان الصفا والتوحيد العلوي ص:159.
  • 2رسائل إخوان الصفا 2\21.
  • 3رسائل إخوان الصفاء 4\35، وانظر المظاهر الإلهية في أسرار العلوم الكمالية 89.
  • 4بحار الأنوار،مج11\ 19.
  • 5فتوح الغيب 69.