لقب أمير النحل

أُضيف بتاريخ الأحد, 07/09/2014 - 14:09

لقب أمير النحل


وَمِنْ أَوْهَامِهِ قَوْلُهُ :

(( وأطلق على أمير المؤمنين علي لقب أمير النحل. جاء في رسائل إخوان الصفا أن فيثاغورث الحكيم قال لتلميذه ديوجانس: (( إذا فارقت هذا البدن حتى تصير (نحلا) في الجو تكون حينئذ سائحا ساكنا عالم الأفلاك غير عائد إلى الإنسيّة ولا قابلا للموت)). فالنحل إذن هو كناية عن النفوس المؤمنة.)).1

وَقَوْلُهُ :

(( نشر الدكتور وولف مقالة مجهولة المؤلف ، كتبت بصيغة سؤال وجواب . جاء في السؤال رقم(50) : لماذا نسمي مولانا علي باسم أمير النحل؟.

الجواب : لأن المؤمنين الصادقين هم مثل النحل الذين يشتارون العسل من أحسن الأزهار ولهذا سُمِّي أمير النحل . إن لقب أمير النحل هو في الأساس للحكيم فيثاغورث لأنّ أتباعه عندما تفارق نفوسهم هذا البدن تصير نحلاً في الجو ثم تصعد إلى عالم الأفلاك غير عائدة للإنسية ولا قابلة للموت. قصارى القول: نستطيع التأكيد أن أبا سعيد الطبراني كان رجلاً صوفياً ذا نزعة أفلوطينية حديثة.استمد فكره من مصدرين هامين من فكر الخصيبي ومن رسائل إخوان الصفا ومن الداعية الإسماعيلي النسفي وكان مثل سلفه (الجلّي) والناس من بعدهم عيال عليهم في التفكير العرفاني ولكن فكره غير ملزم لأبناء المذهب العلوي. وإنما الملزم هي تعاليم الإمام جعفر الصادق (رضوان الله عليه) التي ساهم أبو سعيد في تفسيرها. وله أجر المجتهد.)).
2


بَيَانُ الوَهْمِ

إِنَّ زَعْمَهُ أَنَّ العَلَوِيّيْنَ يُطْلِقُونَ لَقَبَ أَمِيْرِ النّحْلِ عَلَى الإِمَامِ عَلِيٍّ، بِنَاءً عَلَى القَولِ فِي رَسَائِلِ إِخْوَان الصّفَا ، وَعَلَى مَقَالِ مَجْهُولٍ نَشَرَهُ أَحَدُهُم.

لَهُوَ ظُلْمٌ لِنَفْسِهِ ، وَاعْتِدَاءٌ عَلَى العِلْمِ ، وَسُوءٌ فِي الأَدَبِ ، وَجَهْلٌ بِالتّحْقِيْقِ وَالتّأْلِيْفِ وَتَجْهِيْلٌ للعَلَوِيّيْنَ ، وَتَهَاوُنٌ بِالدِّيْنِ ، وَتَقَحّمٌ فِي أُمُوْرِ المُسْلِمِيْنَ بِغَيْرِ تَبَيُّنٍ وَلا تَبْيِيْنٍ ، وَاللهُ يَعْفُو عَنِ الجَمِيْع ، إِنّهُ حَلِيْمٌ كَرِيْم .

فَمِنَ المَشْهُورِ قَولُ أَمِيْرِ المُؤمِنِيْنَ : (( أَنَا يَعْسُوبُ المُؤمِنِيْنَ ، وَالمَالُ يَعْسُوبُ الظَّلَمَةِ )). 3

  وَرُوِيَ : (( أَنَا يَعْسُوبُ المُؤمِنِيْنَ ، وَالمَالُ يَعْسُوبُ الفُجَّارِ )). 4

وَاليَعْسُوبُ فِي اللُّغَةِ :

(( أَمِيْرُ النّحْلِ وَذَكَرُهَا ، وَاسْتُعْمِلَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الرَّئِيْسِ الكَبِيْرِ وَالسَّيِّدِ وَالمُقَدَّمِ ، وَأَصْلُهُ فَحْلُ النَّحْلِ ، كَالعَسُوبِ كَصَبُورٍ ، وَهَذِهِ عَنِ الصّاغَانِيّ ، وَاليَاءُ زَائِدَةٌ ؛ لأَنّهُ لَيْسَ فِي الكَلامِ فَعْلُولٌ غَيْر صَعْفُوق . جَمْعُهُ يَعَاسِيْبُ . وَفِي حَدِيْثِ عَلِيٍّ : (( أَنَا يَعْسُوبُ المُؤمِنِيْنَ ، وَالمَالُ يَعْسُوبُ الكُفَّارِ . وَفِي رِوَايَةٍ ((المُنَافِقِيْنَ )).. أَي يَلُوذُ بِي المُؤمِنُونَ وَيَلُوذُ بِالمَالِ الكُفَّارُ أَوِ المُنَافِقُونَ كَمَا يَلُوذُ النَّحْلُ بِيَعْسُوْبِهَا وَهُوَ مُقَدَّمُهَا وَسَيِّدُهَا .)). 5

وَفِي مُعْجَم مَجْمع البَحرين :

(( فِي حَدِيْثِ عَلِيّ (عليه السلام) : ((كُنْتُ للمُؤمِنِيْنَ يَعْسُوباً)) اليَعْسُوبُ : أَمِيْرُ النّحْلِ وَكَبِيْرُهم وَسَيّدُهُم، تُضْرَبُ بِهِ الأَمْثَالُ لأَنّهُ إِذَا خَرَجَ مِنْ كورِه تَبِعَهُ النّحْلُ بِأَجْمَعِهِ، وَالمَعْنَى : يَلُوذونَ بِي كَمَا تَلُوذُ النّحْلُ بِيَعْسُوبِهَا وَهُوَ مُقَدّمُها وَسَيِّدُهَا . وَمِثْلُهُ مَا وَرَدَ فِي الخَبَرِ عَنِ النّبِيِّ (ص وآله) قَالَ لِعَلِيّ (( أَنْتَ يَعْسُوبُ المُؤمِنِيْنَ وَالمَالُ يَعْسُوبُ الكُفّارِ ))، وَمِنْ هُنَا قِيْلَ لأَمِيْرِ المُؤمِنِيْنَ عَلَيْه السّلام (( أَمِيْر النّحْل )) ....)) .6

وَغَايَةُ مَا يُقَالُ فِيْه أَنّهُ تَشْبِيْهٌ للمُؤمِنِيْنَ بِالنّحْلِ، وَلأَمِيْرِهِم بِاليَعْسُوبِ قَالَ المَعرّي فِي رِسَالَتِهِ الصّاهل وَالشّاحج :

(( وَلَعَلّكَ لَحِقَكَ حَسَدٌ للدِّيْكِ لَمَّا سَمِعْتَ قَولَ القَائِلِ :

كَأَنَّ الدِّيْكَ دِيْكَ بَنِي نُمَيْرٍ   أَمِيْرُ المُؤمِنِيْنَ عَلَى السَّرِيْر .

فَهَذَا تَشْبِيْهٌ، لا فَخْرَ للدِّيْكِ بِهِ . أَلَيْسَ (( عَليٌّ )) رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَدْ مَرَّ بِـ (( عَبد الرّحمن بن عتَّابٍ)) وَهُوَ مَقْتُولٌ ، فَقَالَ : هَذَا يَعْسُوبُ قُرَيْش ؟. فَأَيُّ فَخْرٍ لليَعْسُوبِ بِذَلِكَ ؟
  وَفِي حَدِيْث آخَر : (( فَعِنْدَهَا يَضْربُ يَعْسُوب الدّيْن بِذَنَبِهِ فَتَجْتَمِع إِلَيْه فِرَقُ المُسْلِمِيْنَ كَمَا تَجْتَمِعُ قزَعُ الخَرِيْف )) وَإِنّمَا اليَعْسُوبُ ذَكَرُ النّحْلِ، وَقَدْ يُسَمَّى ذَكَرُ الجَرَادِ يَعْسُوباً وَكَذَلِكَ بَعْضُ الجِعْلانِ . وَلا فَضِيْلَةَ للشّيءِ مِنْ أَحْنَاشِ الأَرْضِ وَقَعَ بِهِ التّشْبِيْه ...)) .
7

وَفِي هَذِهِ التّسْمِيَةِ مِنْ قَولِهِ تَعَالَى :  وَأَوْحَىٰ رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ  . [سورة النحل]

وُجُوهٌ مِنْهَا فِي مَنَاقِب آل أَبِي طَالب، قَولُ الإِمَام الرّضَا فِي هَذِهِ الآيَةِ:

(( قَالَ النّبِيُّ (ص وآله) : (( عَلِيٌّ أَمِيْرُهَا )) فَسُمِّيَ أَمِيْرَ النّحْلِ، وَيُقَالُ : إِنَّ النّبِيّ (ص وآله) وَجَّهَ عَسْكراً إِلَى قَلْعَةِ بَنِي ثعل فَحَارَبَهُم أَهْلُ القَلْعَةِ حَتّى نَفِدَتْ أَسْلِحَتُهُم ، فَأَرْسَلُوا إِلَيْهِم كوارَ النّحلِ ،فَعَجَزَ عَسْكَرُ النّبِيّ (ص وآله) عَنْهَا ،فَجَاءَ عَلِيٌّ فَذَلَّتِ النَّحْلُ لَهُ ، فَلِذَلِكَ سُمِّيَ أَمِيْرَ النّحْلِ ، وَرُوِيَ أَنّهُ وُجِدَ فِي غَارٍ نَحْلٌ ، فَلَمْ يُطِيْقُوا بِهِ ، فَقَصَدَهُ عَلِيٌّ وَشَارَ مِنْهُ عَسَلاً كَثِيْراً ، فَسَمّاهُ رَسُولُ اللهِ، أَمِيْرَ النّحْلِ وَاليَعْسُوبَ ، وَيُقَالُ : هُوَ يَعْسُوبُ الآخِرَةِ، وَهَذَا فِي الشّرَفِ فِي أَقْصَى ذِرْوَتِهِ ، وَاليَعْسُوبُ ذَكَرُ النّحْلِ وَسَيِّدُهَا وَيتبعُهُ سَائِرُ النّحْلِ.....
  قَال السّروجي :

وَالنّحلُ أَضْحَى لِعَليٍّ طَائِعاً   مُمْتَثلاً لأَمْرِهِ لَمَّا انْزَجَر


وَالصّحِيْحُ أَنّهُ أَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى المَلائِكَة النّحلِيّينَ فَكَانَ أَمِيْرَهُم .
قَال العوني :

 

عَلِيٌّ أَمِيْرُ النّحْلِ وَالنّحْلُ جُنْدُهُ   فَهَلْ لَكَ عِلْمٌ بِالأَمِيْرِ وَبِالنّحْلِ


وَقَال الورّاق :

 

عَلِيٌّ وَبَيْتِ اللهِ آيَة أَحْمد   وَيَعْسُوب دِيْن المُؤمنِ المُتَحَرّم ... )). 8

وَمِنَ التّأْوِيْلِ المَنْقُولِ عَنِ الإِمَام الصّادِق فِي تَفْسِيْر القُمِّيِّ ، وَالصّافي ، وَبِحَارِ الأَنْوار:

(( وَأَوْحَىٰ رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ. قَالَ : نَحْنُ النّحْلَ الّتِي أَوْحَى اللهُ إِلَيْهَا أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا. أَمَرَنَا أَنْ نَتَّخِذَ مِنَ العَرَبِ شِيْعَةً . وَمِنَ الشَّجَرِ. يَقُولُ مِنَ العَجَم . وَمِمَّا يَعْرِشُونَ. يَقُولُ مِنَ المَوَالِي . وَالّذِي يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِّلنَّاسِ.العِلْمُ الّذِي يَخْرجُ مِنّا إِلَيْكُم .)). 9

وَفِيْهَا :

(( مَا بَلَغَ مِنَ النّحْلِ أَنْ يُوْحَى إِلَيْهَا ، بَلْ فِيْنَا نَزَلَتْ ، فَنَحْنُ النّحْل ، وَنَحْنُ المُقِيْمُونَ للهِ فِي أَرْضِهِ بِأَمْرِهِ ، وَالجِبَالُ شِيْعَتُنَا ، وَالشّجَرُ النِّسَاءُ المُؤمِنَاتُ .)). 10

وَفِيْهَا :

(( عَنْ مُحَمّد بنِ الفضيل ، قَالَ : سَأَلْتُ أَبَا الحَسَنِ عَنْ قَوْلِ اللهِ تَعَالَى : وَأَوْحَىٰ رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا. قَالَ : مِنْ قُرَيْش ، قُلْتُ : قَوْلُهُ : وَمِنَ الشَّجَرِ. قَالَ : يَعْنِي مِنَ العَرَبِ ، قَالَ : قُلْتُ : وَمِمَّا يَعْرِشُونَ. قَالَ : يَعْنِي مِنَ المَوَالِي . قَالَ : قُلْتُ : قَوْلُهُ : فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا. قَالَ : هُوَ السَّبِيْلُ الّذِي نَحْنُ عَلَيْهِ مِنْ دِيْنِهِ ، قُلْتُ :  فِيهِ شِفَاءٌ لِّلنَّاسِ. قَالَ : يَعْنِي مَا يَخْرجُ مِنْ عِلْمِ أَمِيْرِ المُؤمِنِيْنَ عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِب فَهُوَ الشّفَاءُ ، كَمَا قَالَ : وَشِفَاءٌ لِّمَا فِي الصُّدُورِ [سورة يونس 57].)) 11

وَأَوْرَدَ الشّيخُ المَجلسيّ فِي بَيَانِها :

(( قَدْ عَرَفْتَ فِي كَثِيْرٍ مِنَ الأَخْبَارِ أَنَّ مَا فِي القُرْآنِ مِمّا ظَاهِرُهُ فِي غِذَاءِ الأَجْسَادِ وَنُمُوّ الأَبْدَانِ وَالْتِذَاذِهَا ، فَبَاطِنُهُ فِي قُوْتِ القُلُوْبِ وَغِذَاءِ الأَرْوَاحِ ، وَتَوْقِيْر الكَمَالاتِ ، كَتَأْوِيْلِ المَاءِ وَالنُّوْرِ وَالضِّيَاءِ بِالعِلْمِ وَالحِكْمَةِ ، فَلا غَرْو فِي التّعْبِيْرِ عَنْهُم بِالنّحْلِ ، لِمَظْلُوْمِيّتِهِم بَيْنَ الخَلْقِ وَإِخْفَائِهِم مَا فِي بُطُوْنِهِم مِنَ العِلْمِ الّذِي هُوَ شِفَاءُ القُلُوْبِ ، وَدَوَاءُ الصُّدُوْرِ ، وَغِذَاءُ الأَرْوَاحِ ، فَيَخْرُجُ مِنْهُم شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ مِنْ أَنْوَاعِ العُلُوْمِ وَالمَعَارِفِ وَالحِكَمِ المُتَنَوِّعَةِ الّتِي لا تُحْصَى ، وَكَذَا لا عَجَبَ فِي التّعْبِيْرِ عَنِ العَرَبِ بِـ اَلْجِبَالِ. لِثَبَاتِهِم وَرُسُوْخِهِم فِي الأَمْرِ ، وَكَوْنِهم قَبَائل مُجْتَمِعة، وَكَذَا اسْتِعَارةُ اَلْشَجَرِ. للعَجَم لِكَوْنِهم مُتَفَرّقِيْنَ ، وَلِكَثْرَةِ مَنَافِعِهم ، وَشِدّةِ انْقِيَادِهم وَقَابِلِيّتِهم ، وَكَذَا اسْتِعَارةُ مَا يَعْرِشُونَ للمَوَالِي ، لأَنّهُم مُلْحَقُونَ كَأَنَّهُم مَصْنُوْعُونَ ، وَلِوُجُوهٍ أُخَرَ لا تَخْفَى ،وَكَذَا تَشْبِيْهُ النّسَاءِ بِالشّجَرِ ظَاهِرٌ .

وَيُؤَيِّدُ الوَجْهَ الأَوّلَ مَا رَوَاهُ الكُلَيْنِيّ بِإِسْنَادِهِ ، عَنْ ابنِ أَبِي يَعْفور ، عَنْ أَبِي عَبْد اللهِ قَالَ : اتّقُوا عَلَى دِيْنِكُم وَاحْجُبُوهُ بِالتّقِيّةِ ، فَإِنّهُ لا إِيْمَانَ لِمَنْ لا تَقِيّةَ لَهُ، إِنّمَا أَنْتُم فِي النّاسِ كَالنّحْلِ فِي الطّيْرِ ، لَو أَنَّ الطّيْرَ تعْلَمُ مَا فِي أَجْوَافِ النّحْلِ مَا بَقِيَ مِنْهَا شَيءٌ إِلاّ أَكَلَتْهُ ، وَلَو أَنّ النّاسَ عَلِمُوا مَا فِي أَجْوَافِكُم أَنّكُم تُحِبّونَا أَهْلَ البَيْتِ ، لأَكَلُوكُم بِأَلْسِنَتِهم ، وَلَنَجَلُوكُم فِي السِّرِّ وَالعَلانِيَةِ ، رَحِمَ اللهُ عَبْداً مِنْكم كَانَ عَلَى وَلايَتِنَا.)).
12

وَقَالَ السَّيِّدُ مُحَمّد حُسَيْن الطّبَاطَبائيّ فِي تَفْسِيْره :

(( وَفِي هَذَا المَعْنَى رِوَايَاتٌ أُخَرُ وَهِيَ مِنْ بَابِ الجَريِ ، وَيَشْهَدُ بِهِ مَا فِي بَعْضِ هَذِهِ الرّوَايَاتِ مِنْ تَطْبِيْقِ اَلْنَحْلِ. عَلَى النّبِيِّ (ص وآله) ، وَاَلْجِبَالِ عَلَى قُرَيْش ، وَاَلْشَجَرِ عَلَى العَرَبِ ، وَمِمَّا يَعْرِشُونَ. عَلَى المَوَالِي، وَمَا يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا عَلَى العِلْمِ .)). 13

وَمَا كَانَ هَذَا مَغْمُوراً ، فَيُعْذَر المُؤَلّفُ فِي تَوَهُّمِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُطَّلِعاً عَلَى المَنْقُولِ عَنْ أَهْلِ البَيْتِ فِي تَأْوِيْلِ النّحْلِ وَالجِبَالِ ، مِمّا أَوْرَدَهُ القُمِّيُّ وَالكاشانِي وَالمَجْلسيّ وَالطّبَاطَبائيّ ، أَفَلَمْ يَطّلِعْ عَلَى شَيءٍ مِنْ كُتُبِ الأَدَبِ وَاللُّغَةِ ، وَفِيْهَا مَا عَدّهُ بَعْضُهُم مِنَ النّوادِرِ ، فَأَوْرَدَهُ بِلا تَعَقُّبٍ وَأَنْكَرَهُ بَعْضُهُم ، وَمِنْهُ فِي التّذْكِرَة الحَمْدونِيّة وَفِي الأَغَانِي وَفِي مَعَاهِد التّنْصِيص :

(( قِيْلَ : كَانَ بَشّارُ بنُ بُردٍ جَالِساً فِي دَارِ المَهديّ، وَالنّاسُ يَنْتَظِرُونَ الإِذْن . فَقَالَ بَعْضُ مَوَالِي المَهديّ وَهُوَ المُعَلّى بنُ طريف ، لِمَنْ حَضَرَ : مَا عِنْدَكُم فِي قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ : وَأَوْحَىٰ رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا. فَقَالَ لَهُ بَشّارُ : النَّحْلُ الّتِي يَعْرِفُهَا النَّاسُ ، قَالَ : هَيْهَات يَا أَبَا معَاذ ، النَّحْلُ : بَنُو هَاشِمٍ ، وَقَوْلُهُ :  يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِّلنَّاسِ . يَعْنِي: العِلْمَ ، فَقَالَ لَهُ بَشّار: أَرَانِيَ اللهُ شَرَابَكَ وَطَعَامَكَ مِمّا يَخْرُجُ مِنْ بُطُوْنِ بَنِي هَاشِمٍ ، فَقَدْ أَوْسَعْتَنَا غَثَاثَةً . فَغَضِبَ وَشَتَمَ بَشّاراً ، وَبَلَغَ المَهْديّ الخَبَرُ فَدَعَاهُمَا فَسَأَلَهُمَا عَنِ القِصّةِ ، فَحَدَّثَهُ بَشّارٌ فَضَحِكَ حَتّى أَمْسَكَ عَلَى بَطْنِه ، وَقَالَ للمَوْلَى: جَعَلَ اللهُ طَعَامَكَ وَشَرَابَكَ مِمّا يَخْرُجُ مِنْ بُطونِ بَنِي هَاشِم ، فَإِنّكَ بَارِدٌ غَثّ .)). 14

وَأَوْرَدَهُ الأبشيْهيّ فِي المُسْتَطْرف ، وَلَمْ يَنْسبْهُ . 15

وَفِي المُحَرّر الوَجِيْز :

(( وَذَهَبَ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الجَهَالَةِ إِلَى أَنَّ هَذِهِ الآيَةَ إِنّمَا يُرَادُ بِهَا أَهْلُ البَيْتِ مِنْ بَنِي هَاشِم، وَأَنّهُمُ النّحْلُ، وَأَنّ الشّرَابَ القُرْآنُ وَالحِكْمَةُ، وَقَدْ ذَكَرَ بَعْضُهم هَذَا فِي مَجْلِسِ أَبِي جَعْفر العبّاسي ...)) 16

وَعَزَاهُ القرطبي فِي الجَامِع إِلَى ابنِ عطيّة، وَقَالَهُ الصّفدي بِلا نِسْبَةٍ، وَعَزَاهُ العَامليّ فِي الكشكول إِلَى الصّفديّ .17

وَفِي الكَشّاف :

(( وَمِنْ بِدَعِ تَأْوِيْلاتِ الرّافِضَة أَنَّ المُرَادَ بِالنّحْلِ عَلِيٌّ وَقَوْمُهُ، وَعَنْ بَعْضِهِم أَنّهُ قَالَ عِنْدَ المهْديّ : إِنّمَا النّحْلُ بَنُو هَاشِم..)) 18

وَفِي هَذَا التّجْهِيْلِ تَحَامُلٌ عَلَى أَهْلِ البَيْتِ ، فَمَنْ أَنْكَرَ تَأْوِيْلَهُم تَبَعاً لِمَذْهَبٍ فِي الاِعْتِقَادِ ، فَلِكُلٍّ شَأْنٌ ، وَمَنْ أَنْكَرَ صِحَّتَهُ فِي عِلْمِ البَيَانِ فَلَيْسَ مُصِيْباً ، لأَنّهُم لَمْ يُبْطِلُوا تَفْسِيْرَ الوَحْي بِالإِلْهَامِ ، وَمِنْهُ فِي مسْندِ الإِمَامِ البَاقِر :

(( عَنْ مُحَمّد بن يُوسف عَنْ أَبِيْه ، قَالَ : سَأَلْتُ أَبَا جَعْفر عَنْ قَوْلِ اللهِ : وَأَوْحَىٰ رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ قَالَ : إِلْهَامٌ .)) 19


 


  • 1إخوان الصفا والتوحيد العلوي ص159.
  • 2إخوان الصفا والتوحيد العلوي ص167.
  • 3بحار الأنوار ، مج11\533.
  • 4ينابيع المودّة للقندوزي ص 29ـ 625 ، وفي بحار الأنوار مج14\702.
  • 5تاج العروس من جواهر القاموس 2\ 232.
  • 6معجم مجمع البحرين 873 ـ 874.
  • 7رسالة الصاهل والشاحج 251.
  • 8مناقب آل أبي طالب لابن شهر آشوب 1ـ 2\ 566ـ 567، وبعضه في بحار الأنوارمج15\40.
  • 9تفسير القمي 1\389، وفي تفسير الصافي 3\144، وفي بحار الأنوار مج10\ 429. وفي الميزان في تفسير القرآن 12\ 329، والبرهان في تفسير القرآن 4\ 462.
  • 10بحار الأنوار مج10\ 429. والبرهان في تفسير القرآن 4\ 463.
  • 11بحار الأنوار مج10\431.
  • 12بحار الأنوارمج10\430.
  • 13الميزان في تفسير القرآن 12\ 329.
  • 14التذكرة الحمدونية 3\280، وفي الأغاني 3\109، وفي معاهد التنصيص على شواهد التلخيص 1\292 ، وبعضه في مناقب آل أبي طالب لابن شهر آشوب1\566، وفي بحار الأنوار مج15\40. وفي البرهان في تفسير القرآن 4\463.
  • 15المستطرف 2\170.
  • 16المحرر الوجيز 8\463.
  • 17انظر الجامع لأحكام القرآن 12\368، و الغيث المسجم 1\446، والكشكول للعاملي 2\73.
  • 18الكشاف 2\592.
  • 19مسند الإمام الباقر 3\ 176، وفي تفسير العياشي 2\284ـ 285. وفي البرهان في تفسير القرآن 4\463.