اسم الله الأعظم

أُضيف بتاريخ الأثنين, 01/09/2014 - 12:30

اسم الله الأعظم


وَمِنْ أَوْهَامِ المُؤَلِّفِ قَوْلُهُ :

(( ظهرت فكرة اسم الله الأعظم على ألسنة كبار الصوفية في القرن الثالث الهجري، وهذا الاسم هو سريّ . من عرفه سخر الكون وما فيه. وأساس الفكرة ما ذكر على لسان النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) : (( من أحببته كنت له سمعاً وبصراً، فبي يسمع وبي يبصر)). ومعنى هذا أن العبد الصالح إذا توجه بكليته نحو الله لا يكون في لسانه وقلبه ووهمه وسره غير الله فتنزل عليه المشاهدة.)). 1


بَيَانُ الوَهْمِ

  فِي وَهْمِهِ تَقْوِيَةُ الدَّلِيْلِ عَلَى قِلّةِ اطِّلاعِهِ عَلَى المَنْقُولِ عَنْ أَهْلِ البَيْتِ فَلَمْ يَأْخُذِ الخَصِيْبِيّ كَلِمَةَ الاِسْمِ الأَعْظَمِ عَنْ كِبَارِ الصّوفِيّةِ وَلا مِنْ صِغَارِهِم ، وَلَمْ تَظْهَرْ فِي القَرْنِ الثّالِثِ الهِجْريّ ، كَمَا تَوَهّمَ المُؤَلّفُ ، فَهِيَ قَبْلَ ذَلِكَ بِمُدّةٍ ، أَخَذَهَا الخَصِيْبِيّ عَنْ أَهْلِ البَيْتِ ، وَهِيَ مِنَ المَنْقُولِ الثّابِتِ عَنْهُم .

فَفِي الكَافِي وَالتّوْحِيْدِ وَبِحَارِ الأَنْوَارِ :

(( عَنْ أَبِي جَعْفر قَالَ: إِنَّ اسْمَ اللهِ الأَعْظَم عَلَى ثَلاثَةٍ وَسَبْعِيْنَ حَرْفاً ، وَإِنّمَا كَانَ عِنْدَ آصَف مِنْهَا حَرْفٌ وَاحِدٌ ، فَتَكَلّمَ بِهِ فَخُسِفَ بِالأَرْضِ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَرِيْرِ بِلْقِيْس حَتّى تَنَاوَلَ السَّرِيْرَ بِيَدِهِ، ثُمّ عَادَتِ الأَرْضُ كَمَا كَانَتْ أَسْرَعَ مِنْ طَرْفَةِ عَيْنٍ ، وَنَحْنُ عِنْدَنَا مِنَ الاِسْمِ الأَعْظَمِ اثْنَانِ وَسَبْعُوْنَ حَرْفاً وَحَرْفٌ وَاحِدٌ عِنْدَ اللهِ تَعَالَى اسْتَأْثَرَ بِهِ فِي عِلْمِ الغَيْبِ عِنْدَهُ ، وَلا حَولَ وَلا قُوّةَ إِلاّ بِاللهِ العَلِيّ العَظِيْمِ.)). 2

وَفِيْهَا :

(( سَمِعْتُ أَبَا عَبْد اللهِ يَقُولُ : إِنَّ عِيْسَى بنَ مَرْيَم أُعْطِيَ حَرْفَيْنِ كَانَ يَعْمَلُ بِهِمَا، وَأُعْطِيَ مُوْسَى أَرْبَعَةَ أَحْرُفٍ ، وَأُعْطِيَ إِبْرَاهِيْمُ ثَمَانِيَةَ أَحْرُفٍ ، وَأُعْطِيَ نُوْحٌ خَمْسَةَ عَشَرَ حَرْفاً ، وَأُعْطِيَ آدَمُ خَمْسَةً وَعِشْرِيْنَ حَرْفاً ، وَإِنَّ اللهَ تَعَالَى جَمَعَ ذَلِكَ كُلَّهُ لِمُحَمّدٍ وَإِنَّ اِسْمَ اللهِ الأَعْظَم ثَلاثَةٌ وَسَبْعُوْنَ حَرْفاً، أَعْطَى مُحَمّداً اثْنَيْنِ وَسَبْعِيْنَ حَرْفاً وَحُجِبَ عَنْهُ حَرْفٌ وَاحِدٌ .)). 3

وَفِيْهَا :

(( عَنْ أَمِيْرِ المُؤمِنِيْنَ ، قَالَ: رَأَيْتُ الخَِضَْرَ فِي المَنَامِ قَبْلَ بَدْر بِلَيْلَةٍ ، فَقُلْتُ لَهُ :عَلِّمْنِي شَيْئاً أُنْصَرَ بِهِ عَلَى الأَعْدَاءِ ، فَقَالَ : قُلْ : يَا هُوَ يَا مَنْ لا هُوَ إِلاَّ هُوَ ، فَلَمّا أَصْبَحْتُ قَصَصْتُهَا عَلَى رَسُوْلِ اللهِ ، فَقَالَ لِي : يَا عَلِيّ عُلِّمْتَ الاِسْمَ الأَعْظَمَ ، فَكَانَ عَلَى لِسَانِي يَوْم بَدْر ....)).4

وَمِنْ هُنَا جَاءتْ كَلِمَةُ (( الاِسْمِ الأَعْظَم ))، لا كَمَا تَوَهّمَ المُؤَلِّفُ، فَإِنّهُ ذَهَبَ إِلَى مَا يُسْتَعْمَلُ فِي اصْطِلاحِ الصّوفِيّةِ، وَلَمْ يَتَنَبَّهْ لِمَا نُقِلَ عَنْ أَهْلِ البَيْتِ .

قَالَ السَّيِّدُ الطّبَاطَبائيّ فِي تَفْسِيْرِهِ :

(( مَا مَعْنَى الاِسْمِ الأَعْظَم ؟. شَاعَ بَيْنَ النّاسِ أَنّهُ اسْمٌ لَفْظِيٌّ مِنْ أَسْمَاءِ اللهِ سُبْحَانَهُ، إِذَا دُعِيَ بِهِ اسْتُجِيْبَ، وَلا يَشُذُّ مِنْ أَثَرِهِ شَيءٌ، غَيْرَ أَنّهُم لَمَّا لَمْ يَجِدُوا هَذِهِ الخَاصَّةَ فِي شَيءٍ مِنَ الأَسْمَاءِ الحُسْنَى المَعْرُوْفَةِ، وَلا فِي لَفْظِ الجَلالَةِ، اعْتَقَدُوا أَنّهُ مُؤَلَّفٌ مِنْ حُرُوْفٍ مَجْهُوْلَةٍ، تَأْلِيْفًا مَجْهُولاً لَنَا، لَوْ عَثَرْنَا عَلَيْهِ أَخْضَعْنَا لإِرَادَتِنَا كُلَّ شَيءٍ .

وَفِي مَزْعَمَةِ أَصْحَابِ العَزَائِمِ وَالدّعواتِ أَنَّ لَهُ لَفْظًا يَدُلُّ عَلَيْهِ بِطَبْعِهِ لا بِالوَضْعِ اللُّغَوِيِّ، غَيْرَ أَنّ حُرُوْفَهُ وَتَأْلِيْفَهَا تَخْتَلِفُ بِاخْتِلافِ الحَوَائِجِ وَالمَطَالِب، وَلَهُم فِي الحُصُولِ عَلَيْهِ طُرُقٌ خَاصّةٌ يَسْتَخْرِجُونَ بِهَا حُرُوْفَهُ أَوّلاً ثُمّ يُؤَلِّفُوْنَهَا وَيَدْعُونَ بِهَا عَلَى مَا يَعْرِفُهُ مَنْ رَاجَعَ فَنَّهُم...))
5

وَمِنْهُ :

(( وَمِنَ المُسْتَحِيْلِ أَنْ يَكُونَ صَوْتٌ أَوْجَدْنَاهُ مِنْ طَرِيْقِ الحَنْجَرَةِ أَوْ صُوْرَةٌ خَيَالِيّةٌ نُصَوِّرُهَا فِي ذِهْنِنَا بِحَيْثُ يَقْهَرُ بِوُجُودِهِ وُجُوْدَ كُلِّ شَيءٍ ، وَيَتَصَرّفُ فِيْمَا نُرِيْدُهُ عَلَى مَا نُرِيْدُهُ فَيُقَلِّب السّمَاءَ أَرْضًا وَالأَرْضَ سَمَاءً، وَيُحَوِّل الدُّنْيَا إِلَى الآخِرَةِ، وَبِالعَكْسِ، وَهَكَذا، وَهُوَ فِي نَفْسِهِ مَعْلُولٌ لإِرَادَتِنَا .

وَالأَسْمَاءُ الإِلَهِيّةُ وَاسْمُهُ الأَعْظَمُ خَاصّةً، وَإِنْ كَانَتْ مُؤَثِّرَةً فِي الكَوْنِ وَوَسَائِط وَأَسْبَابًا لِنُزُولِ الفَيْضِ مِنَ الذَّاتِ المُتَعَالِيَةِ فِي هَذَا العَالَمِ المَشْهُوْدِ، لَكِنّهَا إِنّمَا تُؤَثِّرُ بِحَقَائِقِهَا لا بِالأَلْفَاظِ الدّالّةِ فِي لُغَةِ كَذَا عَلَيْهَا ، وَلا بِمَعَانِيْهَا المَفْهُوْمَةِ مِنْ أَلْفَاظِهَا المُتَصَوِّرَةِ فِي الأَذْهَانِ، وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ هُوَ الفَاعِلُ المُوْجِدُ لِكُلِّ شَيءٍ بِمَا لَهُ مِنَ الصِّفَةِ الكَرِيْمَةِ المُنَاسِبَةِ لَهُ الّتِي يَحْويْهَا الاِسْمُ المُنَاسِبُ ، لا تَأْثِيْرُ اللَّفْظِ أَوْ صُوْرَةٌ مَفْهُوْمَةٌ فِي الذِّهْنِ أَوْ حَقِيْقَةٌ أُخْرَى غَيْرُ الذَّاتِ المُتَعَالِيَةِ.))
6


 


 

  • 1 إخوان الصفا والتوحيد العلوي 144 .
  • 2الكافي 1\286 ،وفي بحار الأنوار مج11\ 491، وفي بصائر الدرجات1\408، وفي تفسير الصافي 4\67، وفي كشف الغمة2\724، وفي إلزام الناصب 1\16، وفي مرآة العقول 3\35، وفي شرح أصول الكافي 5\317.
  • 3الكافي 1\ 286، وفي بحار الأنوار مج11\ 491، وفي بصائر الدرجات1\409، وفي شرح أصول الكافي 5\318 ، وفي مرآة العقول 3\37.
  • 4 التوحيد 89، وفي بحار الأنوار مج1\561، وفي مجمع البيان 9 ـ 10\860، وفي الميزان في تفسير القرآن 20\547. وانظر مهج الدعوات 193. ومناقب آل أبي طالب 2\528. ومكارم الأخلاق 336.
  • 5الميزان في تفسير القرآن 8\ 371 .
  • 6الميزان في تفسير القرآن 8\ 372 .