نقد استعمال الاصطلاح

أُضيف بتاريخ الأحد, 11/04/2021 - 15:52

نقد استعمال الاصطلاح

وَمِنْ أَوْهَامِهِ قَوْلُهُ :

(( لا يصحُّ ، والحالة هذه، أن يُحسَب المنتجَب معبِّراً عن فئة بعينها ، كما يزعمُ البعضُ ؛ نعم لقد تلاقى المنتجب مع فئة من العارفين ، صدروا عن منبعٍ واحدٍ هو الإمامية الاثنا عشرية ، ولكنَّ كلاً من هؤلاء عبّرَ عن أحواله الخاصة .. ومن الصعب أن أصفّيَ هذه الخصوصية في الأحوال ولكنني سأحاول اقتحام الصعوية عندما أبحث التصوف ..)) 1

بَيَانُ الوَهْمِ

لَمْ نُحَقِّقْ مَا نَسَبَهُ المُؤَلّفُ إِلَى المُنْتَجَب، وَإِنّمَا ذَهَبْنَا إِلَى بَيَانِ غَلَطِهِ فِي تَفْسِيْرِ مَا نَسَبَهُ إِلَيْهِ، فَلَيْسَ بِبَعِيْدٍ أَنْ يَكُونَ بَعْضُهُ لِشَاعِرٍ يُوَالِي أَهْلَ البَيْتِ وَإِنْ ذَهَبَ بِهِ المُؤَلّفُ مَذَاهِب شَتّى .

قَالَ ـ عُقْبَ أَبْيَاتٍ نَسَبَهَا إِلَى المُنْتَجَب ـ :

(( يلاحظ المدقِّقُ بهذا الترتيب بالإضافة إلى النسق الغنوسطيّ ، العقلية التي يرتِّبُ بها الشاعر . وهي تشبه عقلية الاسماعيلية، في ما قدمته من جديد إلى التشيع فتجاوَبَ مع التصوف ...)) 2

وَقَالَ عُقْبَ بَيْتَيْنِ نَسَبَهُمَا إِلَيْهِ أَيْضاً  ـ :

(( المنتجب في ولايته شيعي اتّفق في تعابيره مع بعض مصطلحات التصوف ..)) 3

وَقَالَ فِي خَلْطِهِ الغَرِيْبِ ـ :

(( فصلتُ هذه المسائل في الوجه النظري ، فلنعد إليها لنخرجها عمليّاً من شعر المنتجب ..

1ـ فأمّا عن الاختلاط بالعجم ومضاهاتهم في التّصوير الشعري ، فقد ذكرت في الناحية الاجتماعية أن المنتجب عرض لأعيادهم وصوّر مهرجانهم مستخدماً التعابير الأعجمية ذاتها، ملبساً صيغَه أكلّة الزيتون ...... ويكرر المنتجب لفظة العجم في شعره تأكيداً على ذلك الاختلاط والتنافس والمضاهاة ، فإذا نظم مدائحه حسب للعجم حسابهم فهم معايشون مخالطون ....)) 4

أَقُولُ : مَنْ تَأَمّلَ مَا نُسِبَ إِلَى المُنْتَجَبِ عَرَفَ أَنَّ بَعْضَهُ مَأْخُوذٌ مِنْ كَلامِ أَهْلِ البَيْتِ وَمَا لَمْ يَكُنْ مِنْ كَلامِهِم احْتَمَلَ أَمْرَيْنِ :

  1. أَحَدهمَا : أَنْ يَكُونَ شِعْراً مَحْضاً ،
     
  2. وَالآخر : أَنْ يَكُونَ مَنْحُوْلاً .

وَمَا ظَنَّهُ المُؤَلّفُ مِنَ التّصْوِيْر الشّعْرِي، فَإِنّمَا هُوَ سَقَطٌ لا أَسَاسَ لَهُ، لأَنَّ اسْتِعْمَالَ هَذِهِ الكَلِمَةِ عِنْدَ أَهْلِ البَيْتِ لا يَقْتَضِي اخْتِلاطَ العَرَبِ بِالعَجَمِ، وَإِنّمَا تُسْتَعْمَلُ عَلَى مَعْنَى الإِعْجَامِ ، وَمِنْهُ قَولُ الإمَام الصّادِق الّذي نَقَلَهُ الشّيْخُ المُفِيْدُ فِي كِتَابِ الاخْتِصَاصِ :

(( وَالمُؤمِنُ عَرَبِيٌّ : لأَنّهُ أَعْرَبَ عَنّا أَهْل البَيْتِ ، وَالمُؤمِنُ أَعْجَمِيٌّ : لأَنّهُ أَعْجَمَ عَنِ الدَّلامِ فَلَمْ يَذْكُرْهُ بِخَيْرٍ ...)). 5

وَمِنْهُ تَعْرِفُ وَهْمَ المُؤَلّفِ فِي قَوْلِهِ :

(( لا ينسى في نشوة تيهانه أن يقرن العجم بالعرب ليتيه عليهما معاً :

فها أنا أرض لغيري سما               أتيه على عجمها والعرب .

وقد لا نعدم اللمحات القومية العابرة لديه ؛ فهو معتزّ بقصيدته لأنها عربية الألفاظ ، وهو حريص على نعت العرب بما هو أعلى . . . وقد يكون الاصطلاحُ اللغويّ قاده إلى ذلك دون قصد المفاخرة ..)) 6


بَيَان الوهم

لا دَلِيْل عَلَى اسْتِعْمال الاصْطِلاح اللّغويّ فِي هَذه الأَبْيَات، فَقَدْ يَكُونُ المُرَادُ بِالعَرَبِ وَالعَجَمِ هُنَا : الإِعْرَابُ عَنْ أَهْلِ البَيْتِ وَالإِعْجَامُ عَنِ الدّلامِ ، أَي : الإِبَانَة بِالرِّوَايَةِ عَنْهُم ، وَالسُّكُوْت عَنْ ذِكْرِ أَعْدَائِهِم ، وَلَيْسَ فِيْهِ اعْتِزَازٌ بِالقَوْمِيّةِ ، وَلا مَيْلٌ إِلَى الشّعُوبِيّةِ، وَيُؤَيّدُ هَذَا قَوْلُهُ : (( فها أنا أرض لغيري سما )). وَهُوَ مِنْ قَوْلِ الإِمَام الصّادِق :

(( المُؤمِنُ عَلَوِيٌّ لأَنّهُ عَلا فِي المَعْرِفَةِ .)). 7

وَهُوَ السُّمُوُّ الّذِي أَرَادَهُ الشّاعِرُ . وَقَدْ يَكُونُ المُرَادُ بِالعَجَم : اسْتِعْجَامُ الشَّرِّ، وَبِالعَرَبِ : النُّبُوَّةُ وَالكِتَابُ وَمِنْهُ فِي عِلَلِ الشّرَائعِ وَفِي بِحَارِ الأَنْوَار ـ قَولُ الإِمَام  الصّادق :

(( وَالمُؤمِنُ عَجَمِيٌّ : لأَنّهُ اسْتَعْجَمَ عَلَيْهِ أَبْوَابُ الشّرِّ ، وَالمُؤمِنُ عَرَبِيٌّ :لأَنَّ نَبِيّهُ عَرَبِيٌّ، وَكِتَابَهُ المُنْزَل بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ 195 [سورة الشعراء]  ..)) 8

وَقَدْ يُرَادُ بِالعَرَبِ : أَهْلُ البَيْتِ، وَشِيْعَتُهُم ، وَقَدْ يُرَادُ بِالعَجَمِ : أَعْدَاؤهُم ، وَمِنْهُ قَولُ الإِمَامِ الكَاظِمِ :

(( النّاسُ ثَلاثَةٌ : عَرَبِيٌّ، وَمَوْلَى، وَعِلْجٌ ، فَأَمّا العَرَبُ فَنَحْنُ، وَأَمّا المَوْلَى فَمَنْ وَالانَا، وَأَمّا العِلْجُ فَمَنْ تَبَرّأَ مِنّا وَنَاصَبَنَا .)) 9

وَقَولُ الإِمَام الصّادِق : (( نَحْنُ قُرَيْش ، وَشِيْعَتُنَا العَرَبُ ، وَعَدُوُّنَا العَجَمُ .)) 10

فَلا وَجْهَ لِدَعْوى المُؤَلّفِ أَنَّهُ يُرِيْدُ اخْتِلاطَ العَرَبِ بِالعَجَم .

وَكَثِيْراً مَا يَتَوَهَّمُ فِي تَفْسِيْرِهِ، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ :


 


  • 1فن المنتجب العاني وعرفانه 121 ـ 122 .
  • 2فن المنتجب العاني وعرفانه، ص: 109.
  • 3فن المنتجب العاني وعرفانه،ص: 115.
  • 4فن المنتجب العاني وعرفانه، ص: 123.
  • 5الاختصاص ، ص : 145.
  • 6فن المنتجب العاني وعرفانه123 ـ 124.
  • 7علل الشرائع 2\177، وفي بحار الأنوار مج26\113.
  • 8علل الشرائع 2\177، وفي بحار الأنوار مج26\113.
  • 9بحار الأنوار مج26، ص: 116.
  • 10بحار الأنوار مج26، ص:116.