نقد الاستدلال بجملة ( عربية الألفاظ )

نقد الاستدلال بجملة ( عربية الألفاظ )

وَمِنْ أَوْهَامِهِ قَوْلُهُ :

(( قال يصف قصيدته التاسعة :

عربية الألفاظ منتجبية            حيا بها الخلصاء من اخوانه .

في البيت ثلاثة موارد يرد منها  المتذوق الى ثلاثة منابع للذوق المنتجبي : الاول ينبع من قوله (( عربية الألفاظ )) ، العبارة توحي بعروبة الاصلين، أصل القصيدة، وأصل الشاعر، وذلك يعني العلم بخصائص الحرف العربي، فهو فقيه بلغته ، عميق الادراك لمدلولات الفاظها،واسع الاطلاع على أحكامها الدقيقة ، ونقيها المصفى وعربيها المؤثر الموحي ، واجمالا تشير العبارة إلى خصائص أمته وإدراك مميزاتها الثقافية المركبة .)) 1

بَيَانُ الوَهْم

إِنَّ الاِسْتِدْلالَ عَلَى عُرُوْبَةِ شَاعِرٍ بِكَلِمَةِ (( عَرَبِيّةِ الأَلْفَاظِ )) لَيْسَ مِنَ التَّحْقِيْقِ فِي صَغِيْرٍ وَلا كَبِيْرٍ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ عَرَبِيًّا أَمْ لَمْ يَكُنْ فَلَيْسَ فِيْهَا دَلِيْلٌ عَلَى عُرُوْبَةٍ وَلا شَاهِدٌ عَلَى عُجْمَةٍ. وَلَوْ كَانَ تَأْلِيْفُ رَجُلٍ فِي عُلُومِ العَرَبِيّةِ، أَوِ اسْتِعْمَالُهُ لِكَلِمَةِ  (( عَرَبِيّة الأَلْفَاظ )) يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ عَرَبِيًّا، لَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ سِيْبَويْه عَرَبِيًّا بَحْتًا، وَهَذَا مِمّا لا يُؤْبَهُ لَهُ،  فَإِنَّ فِي المُؤَلّفَاتِ العَرَبِيّةِ كُتُبًا لِمُؤَلِّفِيْنَ مِنْ أُصُولٍ غَيْرِ عَرَبِيّة . 2

قَالَ رَسُول اللهِ : (( إِنَّ العَرَبِيّةَ لَيْسَتْ بِأَبٍ وَالِدٍ، وَلَكِنّهَا لِسَانٌ نَاطِقٌ ...)) 3

عَلَى أَنَّ اسْتِدْلالَ المُؤَلِّفِ فِي قَوْلِهِ :

(( (( عربية الألفاظ )) ، العبارة توحي بعروبة الاصلين، أصل القصيدة، وأصل الشاعر، وذلك يعني العلم بخصائص الحرف العربي، فهو فقيه بلغته.)).

غَلَطٌ شَنِيْعٌ، وَذَلِكَ لأَنَّ القَصِيْدَةَ الّتِي نَسَبَهَا إِلَى المُنْتَجَب لَيْسَتْ عَلَى مَا زَعَمَ فِي أَلْفَاظِهَا، بِقَوْلِهِ :

(( والمنتجب ينقلُ هذه العادة أميناً فيفرد قصيدةً خاصةً لها، ويتناول بها الأعياد العربية أولاً، فالفارسية والنصرانية ثانياً...)) 4

وَمِن تِلْكَ القَصِيْدَة الّتِي نَسَبَهَا إِلَى المُنْتَجب :

يأتي بذكر المهرجان  وإنّه       عيدٌ يقومُ الوقتُ في ميزانه

يتلوه آذارٌ وسابع عشره       تتراكضُ الأفراح في ميدانه

وقرينه ميقاتُ أنسٍ جدّة       في الرابع الميمون من نيسانه

فانعمْ بآذريونه وبآسه       وبَهاره والنور من حَوْذانه 5

فَكَيْفَ تَكُونُ عَرَبِيّةَ الأَلْفَاظِ مُوْحِيَةً بِأَصْلِ الشّاعِرِ وَالقَصِيْدَةِ ، وَالمِهْرَجَانُ وَآذَار وَنَيْسَان وَالآذَرْيُون وَالآس، لَيْسَتْ بِالعَرَبِيّةِ الصَّحِيْحَةِ، وَفِي أُصُوْلِهَا اخْتِلافٌ .

فِي المُعْجم الوَسِيْط :

(( (المِهْرَجَان): احْتِفَالُ الاِعْتِدَال الخَرِيْفِيّ وَهِيَ كَلِمَةٌ فَارِسِيّةٌ مُرَكّبَةٌ مِنْ كَلِمَتَيْنِ : الأُوْلَى : مهر، وَمِنْ مَعَانِيْهَا الشّمْسُ، وَالثّانِيَةُ : جان، وَمِنْ مَعَانِيْهَا الحَيَاةُ أَو الرّوْحُ ...)) 6

وَفِي تَاجِ العَرُوس : (( آذَارُ، بِالمَدِّ : اسْمُ الشّهْرِ السّادِسِ مِنَ الشّهُورِ الرُّوْمِيّةِ...)) 7

وَفِيْهِ : (( نَيْسَانُ، بِالفَتْحِ : سَابِعُ الأَشْهُرِ الرُّوْمِيَّةِ ..)) 8

وَفِي نِهَايَةِ الأَرب :

(( وَأَمّا الآذَرْيُون وَمَا قِيْلَ فِيْهِ ـ فَالآذَرْيُون وَرْدٌ أَصْفَرُ لا رِيْحَ لَهُ ألبَتّة؛ وَهُوَ صِنْفٌ مِنَ الأُقحوان، وَمِنْهُ مَا نُوّارُهُ أَحْمَر. وَقَالَ ابنُ البيطار فِي جَامِعِه : أَنّهُ نُوَّارٌ ذَهَبيّ ، فِي وسطهِ ( رأسٌ صَغِيرٌ) أَسْود، وَاسْمهُ بِالفَارسِيّة : آذَرْكُون، وَمَعْنَاهُ لَونُ النّار .)) 9

وَقِيْلَ فِي الآس : أَنّهَا فَارِسِيّةٌ 10  ، وَقِيْلَ :

(( أَصْلُهَا مِنَ اللُّغَةِ السنسكريتية ، وَتَعْنِي الرّيْحان الطَّيِّب الرّائِحة .)) 11
 

• 1فن المنتجب العاني وعرفانه 196.
• 2قال السيد يوحنا أَهتينين كَرْسِكُّو : (( وللفينلنديين عناية كبيرة بالعلم وفنون الأدب فلا تكاد تخلو لهم قرية من مدرسة ابتدائية أو اعدادية . وأعلى معهد علمي عندهم هو الكلية وكان تأسيسها سنة 1642 في قاعدة البلاد وفيها يُعنون الآن بدراسة اللغة العربية وربما ازدادوا عناية بها إذا تقدموا في العلوم والمعارف وفنون الأدب .)) انظر مجلة المجمع العلمي العربي م3 ج9ـ 10\258، وانظر ترجمة مقالة ( الدروس العربية في فرنسه ) للسيد كليمان هوار في المجلة نفسها م5 ج4 ـ 5 \157، ومقالة الدكتور أحمد كتي (( اللغة العربية في كيرالا )) في المجلة نفسها مج57\181.
• 3الكافي 8\198، وفي دعائم الإسلام 2\155، وفي تفسير الصافي 5\54، وفي بحار الأنوار مج3\310، وفي شرح أصول الكافي 12\369، وفي مرآة العقول 26\214، وفي ألفاظه اختلاف .
• 4فن المنتجب العاني وعرفانه ، ص: 106.
• 5فن المنتجب العاني وعرفانه، ص: 106ـ 107.
• 6المعجم الوسيط 890 .
• 7تاج العروس من جواهر القاموس 6\19.
• 8تاج العروس 9\28.
• 9نهاية الأرب 11\277.
• 10ما أخذه العرب من اللغات الأخرى، د مسعود بوبو، مجلة التراث العربي ،ص:69 ، العددان 71ـ72، تموز 1998.
• 11الألفاظ الفارسية في الشعر الجاهلي، أ. سعد الدين المصطفى، مجلة مجمع اللغة العربية بدمشق، مج82، ج3،ص:582.