الفِرْيَة الخامسة والثلاثون
( يبغضون الصحابة بغضاً شديداً، ويلعنون أبا بكر وعمر وعثمان(رض) )
الفِرْيَة السادسة والثلاثون
( يخصون عمر بمزيد من الشتائم والنقمة ويدّعون أنّه هو الشيطان وهو الشجرة المُنهى عنها في القرآن )
إنّ هذه التهمة أُلصقت بكل الفرق الإمامية بمن فيهم هذه الطائفة الإسلامية العلوية والتي نالت القسط الأوفر من الويلات بسببها، والغاية من إطلاقها هو التبرير المُصطنع للمجازر الوحشيّة التي ارتُكبت بحقنا في عصور ماضية، ولهذا أرى أنّه لابدّ من طرح بعض النقاط الهامّة لتكون تمهيدًا لردّنا.
أوّلاً
من المعروف عند أهل التحقيق والتدقيق ومن له نظر في مجريات التاريخ بأنّه ليس كل صحابي معصومًا، وهذه القاعدة لا تتفق مع قول القائلين بعدالة سائر الصحابة، فالصحبة وإن كانت عند البعض فضيلة إلاّ أنّها لا تعصم صاحبها من الخطأ.
- فمن الصحابة من يكون من الصديقين.
- ومنهم من الذين تشتاق إليهم الجنة ويُباهي الله بهم ملائكته.
- ومنهم من يكون في منازل أصحاب اليمين.
- ومنهم دون ذلك.
- ومنهم من ينقلب على عقبيه ويعود مرتداً عن الإسلام.
بدليل ما رواه البخاري في صحيحه عن النبي في حديث الحوض: "أنا فرطكم على الحوض ولأنازعنّ أقوامًا ثم لأغلبن عليهم، فأقول: ياربّ أصحابي! فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك".
ويؤيّد ما قدّمناه قوله تعالى : ﴿ وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئًا ﴾ آل عمران144.
ثانيًا
إنّ الصحابة في النهج الإسلامي العلوي هم الذين وصفهم أمير المؤمنين بقوله(ع):
(لقد رأيتُ أصحاب محمد فما أرى أحداً يشبههم منكم.
لقد كانوا يصبحون شعثاً غبراً، وقد باتوا سجّداً وقياماً.
يراوحون بين جباههم ويَقِفون على مثل الجمر من ذكر معادهم كأنّه بين أعينهم ركب المعزى من طول سجودهم.
إذا ذُكِرَ الله هملت أعينهم حتى تبل جيوبهم، ومادوا كما يَميد الشجر يوم الريح العاصف خوفاً من العقاب ورجاءً للثواب).
ثالثًا
ليس من آداب أهل الولاية العلوية السبّ والشتم، وذلك اقتداءً منهم بقول إمامهم حينما سمع قومًا من أصحابه يسبّون أهل الشام أيام حربهم بصفين: (إني أكره لكم أن تكونوا سبّابين، ولكنّكم لو وصفتم أعمالهم وذكرتم حالهم كان أصوب في القول وأبلغ في العذر...).
فإذا كان العلويون لا يَسبّون أهل الشام مع ما ارتكبوه من المجازر والفظائع فكيف يَصحّ اتهامهم بأنّهم يَسُبّون الخلفاء الثلاث!؟.
رابعًا
لو تأمّل الباحث في قول بعض أعلام السنة لتبيّن له أنهم لا يقولون بتكفير من سبّ الصحابة (ومع هذا فالعلويون لا يتذرعون بهذه الحجة أو بغيرها) لقول إبن الحزم في كتابه الفصل:
(وأما من سبّ أحدًا من الصحابة فإن كان جاهلاً فمعذور.
وإن قامت عليه الحجة فمتمادٍ غير معاند، فهو فاسق كمن زنى أو سرق.
وإن عاند الله تعالى في ذلك ورسوله فهو كافر) .
» وقال أبو الحسن الأشعري: (إنّ من كان في الباطن مؤمنًا وتظاهر بالكفر فهو غير كافر، حتى إذا سبّ الله ورسوله من غير عذر بل حتى إذا خرج لحرب النبي )!.
» وصرّح الغزالي بأنّ سبّ الصحابة ليس بكفر.
» وكذلك سعد الدين التفتازي تناول هذا البحث في كتابه "شرح العقائد النسفية" وخرج بنتيجة أنّ سابّ الصحابة ليس بكافر.
» وأورد الحاكم النيسابوري في مستدركه \ج4\ حديثًا أخرجه عن أبي برزة الأسلمي قال:
أغلظ رجل لأبي بكر الصديق فقلت يا خليفة رسول الله ألا أقتله؟! فقال: ليس هذا إلا لمن شتم النبي (ص).
» وأخرج هذا الحديث أحمد بن حنبل في مسنده عن ثوبة العنبري قال: سمعت أبا سوار القاضي يقول عن أبي برزة الأسلمي قال:
أغلظ رجل لأبي بكر الصديق قال: فقال أبو برزة: ألا أضرب عنقه؟ قال: فانتهره، وقال: ما هي لأحد بعد رسول الله.
1
♦ فإذا كان الخليفة الأوّل لم يُكَفِّر من سبّه وأغلظ في ذلك، ولم يسمح بقتله، كما صرّح مَن ذكرنا من العُلماء فكيف يجوز لهؤلاء القوم أن يُفتوا بهذه الفتاوى الباطلة.
وإذا صحّ زعمهم بأنّ من سبّ صحابيًا يُصبح كافرًا ويجب قتله! فماذا نقول بمعاوية بن أبي سفيان الذي أمَرَ عُمّاله بشتم أمير المؤمنين على رؤوس المنابر؟!. مع العلم واليقين بأنّ من سبّ عليًّا فقد سبّ رسول الله ، كما روي عن عبد الله بن عباس أنّه قال:
أشهد على رسول الله ، سمعته أذناي ووعاه قلبي يقول لعلي بن أبي طالب: (من سبك فقد سبّني، ومن سبّني فقد سبّ الله، ومن سبّ الله أكبّه على منخريه في النار). (يراجع كفاية الطالب).
♦ أما قضية البغض فنحن نُبغض من يُبغض عليًّا وأبناءه المعصومين أكان صحابيًا أم لم يكن، إقتداءً منا بقول رسول الله لعلي: (يا علي لا يحبّك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق).
وأخرج العلامة الحافظ السيّد محمد صالح الكشفي الترمذي بسنده عن عمر بن الخطاب قال: سمعت رسول الله يقول لعلي بن أبي طالب: (من أحبّك يا علي كان مع النبيين في درجتهم يوم القيامة، ومن مات يبغضك فلا يُبالي مات يهوديًا أو نصرانيًا).
- 1 وروى هذا الخبر، الذهبي في تلخيص المستدرك، والقاضي عياض في الشفاء \ج4\ والغزالي في إحياء العلوم \ج2\.
- 5958 مشاهدة