المُقَدِّمَةُ

أُضيف بتاريخ الجمعة, 15/10/2010 - 17:00

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ .

الحَمْدُ لله ِ ، الَّذِي شَرَّفَنَا بِوَلايَةِ أَهْلِ بَيْتِ النُّبُوَّةِ ، وَمَعْدِنِ الرِّسَالَةِ، وَوَفَّقَنَا للأَخْذِ عَنْهُمْ ، وَالاِقْتِدَاءِ بِهِمْ ، فِي كُلِّ مَسْأَلَةٍ وَمَقَالَةٍ ، وَأَنْقَذَنَا بِسُمُوِّ فَضْلِهِمْ ، مِنْ كُلِّ غَيٍّ وَضَلالَةٍ ، وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ ، عَلَى المَبْعُوْثِ للهِدَايَةِ وَالدَّلالَةِ ، وَآلِ بَيْتِهِ ، مَنْبَعِ الخَيْرِ وَالأَصَالَةِ .

لَقَدْ أَطَلَّتِ العَلَوِيَّةُ ، عَلَى النُّفُوْسِ البَشَرِيَّةِ ، المُسْتَعْبَدَةِ لِغَيْرِ اللهِ، فَأَشْعَرَتْهَا بِوُجُوْدِهَا الحَقِيْقِيِّ ، وَقِيْمَتِهَا الكُبْرَى ، وَدَفَعَتْهَا نَحْوَ الحُرِّيَّةِ المَنْشُوْدَةِ ، فِي مَقَامِ العَبْدِيَّةِ الصِّرْفَةِ ، وَأَسْرَجَتْ مِصْبَاحَ عَقْلِهَا، بِمِنْهَاجِهَا المُسْتَقِيْمِ ، فَرَأَتِ السَّبِيْلَ إِلَى الإِنْسَانِيَّةِ الكَامِلَةِ .

نَعَمْ ، لَقَدْ أَطَلَّتِ العَلَوِيَّةُ ، عَلَى الدُّنْيَا فَأَبْهَجَتْهَا ، وَعَلَى القُلُوْبِ فَطَهَّرَتْهَا ، وَعَلَى النُّفُوْسِ فَصَقَلَتْهَا ، وَعَلَى العُقُوْلِ فَأَسْرَجَتْهَا ، لأَنَّهَا بَزَغَتْ فِي بَيْتِ اللهِ ، وَنَمَتْ فِي حِجْرِ رَسُوْلِ اللهِ ( ص ) .

إِمْتَازَتْ مِنْ غَيْرِهَا ، مِنَ المَنَاهِجِ ، بِأَنَّهَا وَضَعَتْ نَفْسَهَا فِي خِدْمَةِ الإِسْلامِ ، وَأَذَابَتْ وُجُوْدَهَا فِي وُجُوْدِهِ ، فَكَانَتْ وَقُوْداً لَهُ ، وَحَيَاةً لأَبْنَائِهِ .

أَمَّا : الأُمَوِيَّةُ ، وَشَقِيْقَاتُهَا ، فَقَدِ اخْتَصَرَتِ الإِسْلامَ بِأَشْخَاصِهَا المُخْتَصَرَةِ ، فَأَظْهَرَتْهُ مَعْكُوْساً وَمَبْتُوْراً ، بَلْ : كَادَ يَغِيْبُ ، لَوْلا سَنَاءُ العَلَوِيَّةِ ، البَاقِي بِبَقَاءِ الحَقِّ .

إِنَّ العَلَوِيَّةَ : تَارِيْخٌ مَدِيْدٌ بِالفَضَائِلِ العَظِيْمَةِ ، وَحِقْبَةٌ مَلِيْئَةٌ بِالعَطَايا الكَرِيْمَةِ ، ظَهَرَتْ فِي قَوْلِ أَمِيْرِ المُؤمِنِيْنَ (ع):

" وَلَقَدْ كُنَّا مَعَ رَسُوْلِ اللهِ ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ ، نَقْتُلُ آبَاءَنَا وَأَبْنَاءَنَا وَإِخْوَانَنَا وَأَعْمَامَنَا ، مَا يَزِيْدُنَا ذَلِكَ إِلاَّ إِيْمَاناً وَتَسْلِيْماً ، وَمُضِيّاً عَلَى اللَّقَمِ ، وَصَبَراً عَلَى مَضَضِ الأَلَمِ ، وَجِدّاً فِي جِهَادِ العَدُوِّ ، وَلَقَدْ كَانَ الرَّجُلُ مِنَّا وَالآخَرُ مِنْ عَدُوِّنَا ، يَتَصَاوَلانِ تَصَاوُلَ الفَحْلَيْنِ يَتَخَالَسَانِ أَنْفُسَهُمَا ، أَيُّهُمَا يَسْقِي صَاحِبَهُ كَأْسَ المَنُوْنِ ، فَمَرَّةً لَنَا مِنْ عَدُوِّنَا ، وَمَرّةً لِعَدُوِّنَا مِنَّا ، فَلَمَّا رَأَى اللهُ صِدْقَنَا ، أَنْزَلَ بِعَدُوِّنَا الكَبْتَ وَأَنْزَلَ عَلَيْنَا النَّصْرَ ، حَتَّى اِسْتَقَرَّ الإِسْلامُ مُلْقِياً جِرَانَهُ ، وَمُتَبَوِّئاً أَوْطَانَهُ .
وَلَعَمْرِي ، لَوْ كُنّا نَأْتِي مَا أَتَيْتُمْ ، مَا قَامَ للدِّيْنِ عَمُوْدٌ ، وَلا اِخْضَرَّ للإِيْمَانِ عُوْدٌ .
" .

فَهِيَ عَقِيْدَةٌ إِسْلامِيَّةٌ ، مُحَمَّدِيَّةٌ لِمَنْ قَصَدَهَا ، وَسُلُوْكٌ مُسْتَقِيْمٌ لا يُجَارَى ، وَلَيْسَتْ كَمَا يَفْتَرِي مَنْ تَعَرَّشَ الحِقْدُ بِقَلْبِهِ ، أَنَّهَا مِنْ بَقَايَا العَقَائِدِ الفَاسِدَةِ .

بَلْ ـ هِيَ ـ البَابُ الشَّرْعِيُّ للإِسْلامِ ، لِمَنْ أَرَادَ دُخُوْلَهُ ، وَلَوْلاهَا لَمَا قَامَ الإِسْلامُ ، وَلَمَا عُرِفَتِ الأَحْكَامُ .

إِنَّ العَلَوِيَّةَ : بِوَصْفِهَا نَهْجَاً وَاضِحَاً مُسْتَقِيْمَاً ، تَنَاوَلَتِ القَضَايَا كَافَّةً الدِّيْنِيَّةَ ، وَالعَقْلِيَّةَ ، وَالرُّوْحَانِيَّةَ ، وَالبَدَنِيَّةَ ، وَالطَّبِيْعِيَّةَ ، وَالاِجْتِمَاعِيَّةَ ، وَالسِّيَاسِيَّةَ ، وَالاِقْتِصَادِيَّةَ ، فَلَمْ تَتْرُكْ شَارِدَةً وَلا وَارِدَةً ، إِلاَّ حَقَّقَتْهَا بَحْثاً وَتَمْحِيْصاً إِمَّا : مُجْمَلاً ، وَإِمَّا : مُفَصَّلاً ، حَتَّى عَالَجَتْ مَا حَدَثَ وَمَا سَيَحْدُثُ، لأَنَّ مِنْهَاجَهَا : نَبَوِيٌّ مَعْصُوْمٌ .

وَسَأُثْبِتُ فِي هَذَا الكِتَابِ المُخْتَصَرِ ، بَعْضَاً مِنْ صُوَرِهَا المُضِيْئَةِ، لِتُعْرَفَ جَلِيَّةً ، فَيَتَعَرَّفَ إِلَيْهَا ، مَنْ تَخَلَّى عَنْ عَصَبِيَّتِهِ المَقِيْتَةِ ، وَتَوَجَّهَ إِلَى الحَقِّ ، حَيْثُ مَا كَانَ .