المِنْهَاجُ العَلَوِيُّ .

أُضيف بتاريخ الجمعة, 15/10/2010 - 17:00

لَقَدْ أَسَّسَتِ العَلَوِيَّةُ ، لِمُعْتَنِقِيْهَا بِإِخْلاصٍ : مِنْهَاجاً لا يَضِلُّ سَالِكُهُ ، وَلا يَظْمَأُ وَارِدُهُ ، وَلا يَفْتَقِرُ لِغَيْرِهِ قَاصِدُهُ ، هَذَا المِنْهَاجُ يُعَدُّ دُسْتُوْراً كَامِلاً ، فِي العَقِيْدَةِ وَالشَّرِيْعَةِ وَالأَخْلاقِ ، يَسْلُكُ بِصَاحِبِهِ إِلَى كَمَالِهِ المَنْشُوْدِ ، وَيُسَهِّلُ عَلَيْهِ الوَفَاءَ بِالعُهُوْدِ ، لأَنَّ أُصُوْلَهُ : أَصِيْلَةٌ ، وَفُرُوْعَهُ : أَثِيْلَةٌ ،وَآدَابَهُ : جَلِيْلَةٌ .

فَالعَلَوِيَّةُ : بَابُ الدُّخُوْلِ إِلَى الإِسْلامِ المُحَمَّدِيِّ ، وَمِنْ غَيْرِهَا ، فَإِنَّ الإِنْسَانَ يَبْقَى قَابِعاً فِي كُهُوْفِ الجَاهِلِيَّةِ الصَّمَّاءِ ، وَلا يَنَالُ مِنَ الإِسْلامِ إِلاَّ اِسْمَهُ ، دُوْنَ مَعْنَاهُ الجَامِعِ كُلَّ الفَضَائِلِ وَالمَعَارِفِ ، فَمَنْ قَصَدَهَا : فَعَلَيْهِ أَنْ يَتَخَلَّى عَنْ مِزَاجِ نَفْسِهِ وَصَنَمِيَّةِ عَقْلِهِ ، وَيُفَرِّغَ قَلْبَهُ مِنَ الشَّوَاغِلِ ، وَيُطَهِّرَهُ مِنَ أَدْرَانِهِ ، لِكَي يُصْبِحَ قَابِلاً للمَعَارِفِ ، وَمُقَابِلاً لأَسْمَى المَوَاقِفِ ، وَمَا اِبْتِعَادُ أَكْثَرِ النَّاسِ عَنْهَا ، إِلاَّ لأَنَّهَا لَمْ تُقَابِلْهُمْ بِمِزَاجِهِمُ الفَاسِدِ ، وَكَيْفَ يَكُوْنُ ذَلِكَ ، وَهِيَ : تُمَثِّلُ الطَّهَارَةَ وَالعِصْمَةَ وَالضِّدَّانِ : لا يَتَّفِقَانِ ، وَلِهَذَا فَقَدْ نَفَرُوا مِنْهَا ، وَاِبْتَعَدُوا عَنْهَا ، وَلَجَأَوا إِلَى مَا يُلائِمُ مُيُوْلَهُمْ ، وَطِبَاعَهُمْ .

وَلِهَذَا : تَرَى أَنَّ السَّالِكِيْنَ إِلَيْهَا ، فِئَةٌ قَلِيْلَةٌ ، صَفَتْ نُفُوْسُهُمْ ، وَطُهِّرَتْ قُلُوْبُهُمْ ، وَاِسْتَنَارَتْ عُقُوْلُهُمْ ، فَهُمْ : لا يُغَيِّرُوْنَ مَبَادِئَهُمْ ، وَإِنْ تَغَيَّرَتْ أَحْوَالُهُمْ ، وَلا يَرْجِعُوْنَ إِلاَّ إِلَيْهَا ، لأَنَّهُمْ : فُطِرُوا عَلَى وَلايَتِهَا ، وَرَسَخَتْ فِي قُلُوْبِهِمْ ، فَأَصْبَحَتْ أَمْكَنَ مِنَ التَّبْدِيْلِ ، فَسَارُوا وَفْقَ أَحْكَامِهَا ، وَلَمْ يُخَالِفُوا نِظَامَهَا ، وَهِيَ : لَمْ تَتَغَيَّرْ ، بِتَغَيُّرِ العُصُوْرِ ، وَلَمْ تَتَبَدَّلْ بِتَبَدُّلِ النُّفُوْسِ ، لأَنَّهَا فَوْقَ الطَّبِيْعَةِ إِذْ هِيَ : بَابُ عِلْمِ الشَّرِيْعَةِ ، وَهِيَ : الثَّابِتَةُ ، و َغَيْرُهَا : المُتَحَوِّلُ ، لأَنَّ جَوْهَرَهَا مُفَارِقٌ لِلأَعْرَاضِ .

وَبَعْدَ هَذَا التَّقْدِيْمِ ، نَنْقُلُ مُخْتَصَراً ، فِيْمَا يَتَعَلَّقُ بِأَقْسَامِ النُّصُوْصِ ، وَكَيْفِيَّتِهَا ، وَأَنْوَاعِ الاِجْتِهَادِ ، وَدَرَجَاتِهِ ، وَمَصَادِرِ التَّشْرِيْعِ ، وَأُصُوْلِهِ ، وَفِقْهِ الحَدِيْثِ ، وَخَصَائِصِهِ ، وَأُصُوْلِ المَعَارِفِ ، وَاِرْتِبَاطِهَا بِبَعْضِهَا ، وَكُلِّيَّاتِ الفُرُوْعِ ، وَعِلَلِهَا ، وَفْقَ المِنْهَاجِ العَلَوِيِّ المَعْصُوْمِ .