تعريف الإمامة

أُضيف بتاريخ الأربعاء, 03/11/2010 - 17:50

الإمامة مصدر أمّمتُ الرجل أي جعلته أمامي أي قدّامي، ثم جُعلت عبارة عن رئاسة عامة تتضمن مصالح العباد في الدارين.

وقال بعضهم: الإمام من يُؤتمّ به أي يُقتدى، سواء كان أنساناً يُقتدى بقوله وفعله أو كتاباً أو غيرهما.

وفي الكليات: كل من إئتم به قوم فهو إمام لهم.

وفي التعريفات: الإمام هو الذي له الرياسة العامة في الدنيا والدين.

والإمام يعني المثال، ويعني المقصود، والإمام بمعنى الطريق الذي يُؤَمُّ ويُتّبعُ ويُهتدى به.

وعرّف علماء الكلام الإمامة بقولهم: إنها رياسة عامة دينية مشتملة على ترغيب عموم الناس في حفظ مصالحهم الدينية والدنياوية وزجرهم عما يضرّهم بحسبها(قواعد العقائد- نصير الدين الطوسي).

وقد وردت كلمة إمام، وإماماً، وإمامهم، وأئمة في كتاب الله إثني عشر مرة وتفصيل ذلك قوله تعالى:

  1. ﴿ فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُّبِينٍ﴾ الحجر/79.
  2. ﴿ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُّبِينٍ﴾ يس/12.
  3. ﴿ وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَىٰ إِمَامًا وَرَحْمَةً﴾ هود/17.
  4. ﴿ وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَىٰ إِمَامًا وَرَحْمَةً﴾ الأحقاف/12.
  5. ﴿ يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ﴾ الإسراء/71.
  6. ﴿ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا﴾ الفرقان/74.
  7. ﴿ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ﴾ البقرة/124.
  8. ﴿ وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا﴾ الأنبياء/73.
  9. ﴿ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ﴾ القصص/5.
  10. ﴿ وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا﴾ السجدة/24
  11. ﴿ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ﴾ التوبة/12.
  12. ﴿ وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُنصَرُونَ﴾ القصص/41.

وعلى هذا الأساس الواضح فقد دلّت هذه الآيات بمجموعها على أنّ الأئمة إمامان:

  • إمام يدعو إلى الله.
  • وإمام يدعو إلى النار.

لقول مولانا جعفر الصادق عليه السلام:
إنّ الأئمة في كتاب الله إمامان . قال الله تبارك وتعالى: ﴿ وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا﴾ لا بأمر الناس، ويُقدمون أمر الله قبل أمرهم، وحكم الله قبل حكمهم.
وقال تعالى : ﴿ وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ﴾ . يُقدّمون أمرهم قبل أمر الله، وحكمهم قبل حكم الله، ويأخذون بأهوائهم خلاف ما في كتاب الله عزّ وجلّ. (أصول الكافي).

فالإمامة هي كمالٌ للنبوة وتمامٌ لها، وهي نيابَةٌ عامّة للرسول الكريم وامتدادٌ للنبوة وعهدِ الله.
وأبلغ ما قيل فيها ما رُويَ عن الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام وذلك عندما سأله عبد العزيز بن مسلم (وهو من أصحابه) عن اختلاف الناس في الإمامة فقال له:

إنّ الله جل وعز لم يقبض نبيه(ص) حتى أكمل له الدين وأنزل عليه القرآن فيه تبيان كل شيء، وبيّن فيه الحلال والحرام والحدود والأحكام وجميع ما يحتاج إليه الناس جملاً، فقال : ﴿ مَّا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِن شَيْءٍ﴾ الأنعام\38. وأنزل عليه في حجة الوداع وهو آخر عمـره عليه السلام: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا﴾ المائدة\3.
وأمرُ الإمامة من كمال الدين، ولم يمض (ص) حتى بيّن لأمته معالم دينه وأوضح لهم سبلهم وتركهم على قصد الحق وأقام لهم عليّاً عليه السلام عَلماً وإماما، وما ترك شيئاً مما تحتاج إليه الأمة إلا وقد بيّنه. فمن زعم أن الله لم يكمل دينه فقد ردّ كتاب الله، ومن ردّ كتاب الله فقد كفر، هل يعرفون قدر الإمامة ومحلّها من الأمة فيجوز فيها اختيارهم).

إنّ الإمامة خُصّ بها إبراهيم الخليل(ع) بعد النبوة والخلة مرتبة ثالثة وفضيلة شرّف بها وأشاد بها ذكره، فقال جـلّ وعزّ: ﴿ وَإِذِ ابْتَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا﴾ ، قال الخليل سروراً بها: ﴿ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ﴾ البقرة/124.
فأبطلت هذه الآية إمامة كل ظالم إلى يوم القيامة وصارت في الصفوة. ثم أكرمها الله بأن جعلها في ذرية أهل الصفوة والطهارة، فقال: ﴿ وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلًّا جَعَلْنَا صَالِحِينَ﴾ الأنبياء\72.
﴿ وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ﴾ الأنبياء\7
3.
فلم تزل ترثها ذريته عليه السلام بعضاً عن بعض قرناً فقرناً حتى ورثها النبي(ص) فقال الله: ﴿ إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَـٰذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا﴾ آل عمران\68.
فكانت لهم خاصة فقلّدها النبي(ص) عليّاً عليه السلام فصارت في ذريته الأصفياء الذين أتاهم العلم والإيمان وذلك قوله : ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَىٰ يَوْمِ الْبَعْثِ فَهَـٰذَا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلَـٰكِنَّكُمْ كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ الروم\56. على رسم ما جرى وما فرضه الله في ولده إلى يوم القيامة، إذ لا نبي بعد محمد(ص) فمن أين يختار هؤلاء الجُهّال الإمامة بآرائهم.

إنّ الإمامة منزلةُ الأنبياء وإرثُ الأوصياء.

إنّ الإمامة خلافة الله، وخلافة رسوله(ص)، ومقامُ أمير المؤمنين(ع) وخلافة الحسن والحسين عليهما السلام. ( تحف العقول- ابن شعبة- الباب التاسع).