مناظرة تؤيد ما تقدم

أُضيف بتاريخ الأربعاء, 03/11/2010 - 17:50

في احتجاج الطبرسي عن يونس بن يعقوب قال: كنت عند أبي عبد الله(ع) مع جماعة من أصحابه فيهم حمران بن أعين ومؤمن الطاق وهشام بن سالم والطيار وجماعة من أصحابه فيهم هشام بن الحكم وهو شاب فقال أبو عبد الله : يا هشام.
قال : لبيك يا ابن رسول الله.
قال:ألا تخبرني كيف صنعت بعمرو بن عبيد وكيف سألته.
قال هشام:جعلت فداك يا ابن رسول الله، إني أجلّك وأستحييك، ولا يعمل لساني بين يديك.
فقال أبو عبد الله (ع): إذا أمرتكم بشيء فافعلوه.

قال هشام: بلغني ما كان فيه عمرو بن عبيد وجلوسه في مسجد البصرة، وعظم عليّ ذلك فخرجت إليه، ودخلت البصرة يوم الجمعة وأتيت مسجد البصرة فإذا أنا بحلقة كبيرة، وإذا بعمرو بن عبيد عليه شملة سوداء مؤتزرٌ بها من صوف وشملة مرتديها، والناس يسألونه فاستفرجت الناس فأفرجوا لي، ثم قعدت في آخر القوم على ركبتي ثم قلت:
أيها العالم أنا رجلٌ غريب،أتأذن لي فأسألك عن مسألة؟
قال: إسأل. قلت له: ألك عين؟ قال: يا بني أي شيء هذا مـن السؤال، وكيف تسأل عنه؟
فقلت: هـــذه مسألتي. فقال: يا بني، سَلْ وإن كانت مسألتك حمقى.
قلت: أجبني فيها. قال: سل. فقلت: ألك عين؟ قال: نعم. قلت: فما تصنع بها؟ قال: أرى بها الألوان والأشخاص.
قلت: ألك أنف؟ قال: نعم. قلت: فما تصنع به؟ قال: أشم به الرائحة.
قلت: ألك لسان؟ قال: نعم؟ قلت: فما تصنع به؟ قال: أتكلم به.
قلت: ألك أذن؟ قال: نعم. قلت: فما تصنع بها؟ قال: أسمع بها الأصوات.
قات: ألك يدان؟ قال: نعم. قلت فما تصنع بهما؟ قال: أبطش بهما، وأعرف بهما اللين من الخشن.
قلت: ألك رجلان؟ قال: نعم. قلت فما تصنع بهما؟ قال: أنتقل بهما من مكان إلى مكان.
قلت: ألك فم؟ قال: نعم. قلت: فما تصنع به؟ قال: أعرف به المطاعم والمشارب على اختلافها؟
قلت: ألك قلب؟ قال: نعم. قلت: فما تصنع به؟ قال: أمَيّز به كل ما ورد على هذه الجوارح.
قلت: أفليس في هذه الجوارح غنى عن القلب؟
قال: لا
قلت: وكيف ذلك وهي صحيحة سليمة؟
قال: يا بني إنّ الجوارح إذا شكت في شيء شمّته أو رأته أو ذاقته ردّته إلى القلب، فيتيقن بها اليقين ويبطل الشك.
قلت: فإنّما أقام الله القلب لشك الجوارح؟
قال: نعم.
قلت: إذاً لا بد من القلب وإلا لم تستيقن الجوارح.
قال: نعم.
قلت: يا أبا مروان إنّ الله تبارك وتعالى لم يترك جوارحك حتى جَعَل لها إماماً يُصحّح لها الصحيح ويَنفي ما شكّت فيه، ويَترُكُ هذا الخلق كله في حيرتهم وشكهم واختلافهم لا يقيم لهم إماماً يردّون إليه شكّهم وحيرتهم! ويُقيمُ لك إماماً لجوارحك تَرُدُّ إليه حيرتك وشكّك.
قال: فسكت ولمْ يقل شيئاً...

ومن خلال هذه الحجة البليغة والمناظرة القيّمة نتيقن بأنّ الله أجل وأعظم من أن يَترك الناس هملاً بعد قبض نبيه. وهو اللطيف بعباده والصادق في ميعاده.