كيفية تعيين الإمام

أُضيف بتاريخ الأربعاء, 03/11/2010 - 17:50

إنّ من أبرز المواضيع والقضايا المُختلف عليها بين المسلمين هو موضوع الإمامة والخلافة، وهل يتم تعيين الإمام على الأمة بالنص الإلهي أم بالإختيار؟

  • قال قسم: إنّها بالنص من الله ورسوله، واستدلوا على ذلك بأن النبي لم يمت حتى أوصى، وأوجب الوصية على كل مسلم.
  • وقال آخرون: إنها بالرضى والإجماع، واستدلوا على ذلك بأنّ النبي مضى ولم يُوصِ بل أشار إشارات وأومأ إيماءات وعرّض تعريضات ولم يُخصّص أحداً فرجّحوا الإختيار.

ولفهم هذه القضية فهماً واضحاً لا بد لنا من طرح بعض النقاط الهامة كمقدمة للبحث:

  • أولاً: ثبت لدينا بأن الإمامة أصل من أصول الدين بدليل آيتي الإبلاغ والإكمال.
  • ثانياً: صحّ عند الجميع بأن الله لم يقبض نبيه (ص) حتى أكمل له الدين، وإنّ أمر الإمامة كما تقدّم من كمال الدين وتمام النعمـة فكيف يُعقل أن يُكمل الفروع ولا يُكمل الأصول؟ ويُبيّن الأحكام ولا يُبيّن العقائد؟
  • ثالثاً: اتضح لنا من كتاب الله بأنّ الإمامة عهد الله لقوله: ﴿ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ﴾ . وبأنّ الله جعل إبراهيم إماماً بعد النبوة والخلة لقوله تعالى: ﴿ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا﴾ فثبت بأن الجاعل هو الله، ولما تحقّقنا من ذلك علمنا بأنّ الإمامة نص من الله وتعيين وليست بالإختيار والرضى.

ثم إننا لو رجعنا إلى كلمة الإمام الرضا عليه السلام لعبد العزيز بن مسلم لَــلَاحَ لنا وجه الصواب بهذا الخصوص، فقد قال على سبيل السؤال: ( هل يعرفون قدر الإمامة ومحلها من الأمة فيجوز فيها اختيارهم؟ )
ثم أبان عن محلّها وأوضح بأنّ وظائفها كوظائف النبوة، والنبوة كما ثبت إجماعاً نصٌّ من الله ، وكذلك يجب أن تكون الإمامة نصّاً من الله بلا فرق بين الأمرين لخطورتهما وعلوّ قدرهما.
ومن واجبات النبي(ص) أن يوصي بها لعلو شأنها، ولأنه لا يُعقل أن يَترك أُمَّتَه من دون راعٍ يَرعى شؤونها أو إمامٍ تقتدي به ويرجع الناس إليه في المُعضلات والمُشكلات. وكيف يترك أُمَّته إهمالاً وهو خاتم الأنبياء ورسالته آخر الرسالات السماوية.

وبالإضافة إلى ما تقدم فقد صرّح الكتاب الكريم بأنّ كليم الله موسى عليه الصلاة والسلام حينما ذهب لميقات ربه استخلف على قومه أخاه هارون مع أنّ غيبته عنهم ليست نهائية ولا حتى طويلة الأجل. فكيف يترك رسول الله أُمَّتَهُ من دون أن يَستخلف على قومه أحداً وقد كان يوشك أن يُدعى فيجيب؟

كل هذه التساؤلات تؤكد لنا بأنّ الإمامة نصٌّ من الله وليست بالاختيار.

ثم أنّ التسلسل التدريجي الوارد في كتاب الله فيما يتعلق بالولاية يؤكد لنا بأن الإمامة التي هي عين الولاية نصّ إلهي لقوله تعالى: ﴿ إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ﴾ المائدة \55.
فقد نص الله سبحانه وتعالى بعد ولايته وولاية رسوله على ولاية من يُقيم الصلاة ويُؤتي الزكاة وهو راكِعٌ، ولم يكن هذا غير الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام بإجماع المُفسّرين والمُحَدّثين، ولا يخفى بأن كلمة ﴿ إِنَّمَا﴾ من أقوى أدوات الحصر.

وفي الختام أقول بأنّ صفات الإمام ووظائفه التي أتى على ذكرها الإمام الرضا عليه السلام لا تنطبق بكمالها إلا على أمير المؤمنين عليه السلام، والأدلة على ذلك لا تحصى.
فإذا وُجد الفاضل فلا تجوز إمامة المفضول عقلاً ولا نقلاً، ولا يُمَيّز بينهما إلا الأفضل والأكمل وقد فعلها رسول الله(ص) في مواطن كثيرة.
وإنّ التقييم التفصيلي بين الأشخاص ليس من طاقة العاجزين عن تقييم أنفسهم ولهذا ثبت لنا بأنّ الإمامة بالنص الإلهي لا بالاختيار البشري.