وجوب سلوك سبيلهم

أُضيف بتاريخ الأربعاء, 03/11/2010 - 17:50

إنّ الأدلة الكتابية والنصوص النبوية التي تحض على وجوب سلوك سبيلهم غزيرة وكافية، ووفيرة ووافية، وشهيرة وهادية، ونحن نأتي ببعضها، لمن أراد أن يتمسك بفرضها، وليكون تمسكه بولايتهم عن يقين راسخ، وليس عن تقليد سالخ، لأن الله جل وعلا ذمّ التقليد في عدة آيات من كتابه لأسباب أهمها:

  • أنّ المُقلِّد ربما زالت ثقته بالمقلَّد فيزول بذلك ما اعتقده عن تقليد، وبهذا المعنى قيل (من دخل بآراء الرجال خرج بآرائهم).
  • إنَّ المُقلِّد لم يستقر في قلبه ما أخذه من غيره من دون بحثٍ ومن كان كذلك فهو مُعَرَّضٌ لأعاصير الشكوك.
  • أنّ القضايا الأصولية في غاية الدقة والإنسان مسؤول عنها أمام الله ولهذا فلا يجوز أخذها تقليداً والوقوف.

ولا أعني بما تقدم تحريم التقليد بصورة كُليّة، بل يجب على المُكلّف أن يستعين بالتقليد كمرحلة أوّلية على البحث لتكون المعارف التي تلقاها تقليداً منطلقاً للبحث عنها وتحقيقها، لتنقل فيما بعد إلى اليقين الثابت بواسطة ترسيخها بالأدلة الكاملة والحجج الشاملة فيجوز التقليد ابتداءً ولا يجوز بقاءً.

فالتقليدُ جائزٌ في الأحكام التعبدية والمسائل العملية، وإنّ استنباط هذين الفرعين مَنوط بالفقهاء والعارفين بأصول الإجتهاد الموصوفين بالعدالة والرشاد.

أما المُكلفين المُبتدئين فلا بدّ لهم في الفروع من تقليد الأعلم لأنّ ذلك لهم أسلم كي يكون عملهم مُحكم، إلا أن يرتقوا إلى مرحلة الفهم الصحيح والعقل الرجيح.

أما الاعتقادات الإيمانية والأصول اليقينية فإن أخذها لا يجوز إلا من كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وما صحّ من سنة رسول الله(ص) ونهج الأئمة المعصومين(ع).

وبعد هذا أقول بأنّ الباحث لإثبات أمرٍ ما لا يخرج عن وجوه نذكر أبرزها:

  • إما أن يكون بحثه بهدف طلب الحقيقة كي يأتي اعتقاده صحيحاً، فيستحضر الأدلة البعيدة ويجمعها بعد تفرّقها ويستنطق صمتها ليستقر يقينه في النهاية. ولسنا بهذا الصدد، لأن الولاية راسخة في قلوبنا ولا نحتاج إلى دليل لإثباتها لأنها ثابتة.
  • وإما أن يكون بحثه وجمعه للأدلة لغاية إقناع الطرف الثاني بها.
  • وإما أن يكون بحثه لدفع اتهام الآخرين القائلين بأنّ اعتقاده اعتباطي من دون دليل، فيضطر إلى جمع الأدلة وإفحامهم بها كي يدفع عن نفسه تهمة الاعتقاد الفاسد.
  • وإما أن يكون بحثه لجهة إعلان معتقده للرأي العام لسبب أو لآخر، وهذا الأمر يتطلب البيّنة المُلازمة للدعوة أصلاَ وفرعاً.
  • وإما أن يكون بحثه وجمعه للأدلة على سبيل إعانة من يريد إعتقاد الأمر ولم يتمكن من استحضار الدليل.

وسنبحث من وجوه الأدلة الوجه الثالث والخامس لحاجتنا إليهما.

وبعد هذه المقدمة المختصرة نبدأ بسرد بعض الأدلة المشتهرة الدالة على وجوب اتباع العترة الطاهرة: