صفات الإمام ووظيفته

أُضيف بتاريخ الأربعاء, 03/11/2010 - 17:50

من أهم الصفات التي يجب أن يتمتع بها الإمام وأبرزها العصمة ، والعلم بجميع ما تحتاج إليه الأمة، وأن يكون أفضل أهل زمانه، وأشجعهم وأزهدهم، وأطوعهم لله تعالى، وأن يكون مُبرّءاً من العيوب المنفّرة، وأن تظهر منه المعاجز التي يعجز عنها غيره.
وبالنتيجة يجب أن تجتمع فيه كل الكمالات التي يشترط اتصاف النبي بها باستثناء الوحي لأنه من أركان النبوة فالنبي يوحى إليه وحياً، والإمام يُلهم إلهاماً، والإلهام ما يُلقى في الروع بطريق الفيض، وقيل: ما وقع في القلب من علمٍ وهو يدعو إلى العمل من غير استدلال بالآية ولا نظر في حجة.

ويلخّص الإمام الرضا صفات الإمام بقوله:

الإمام مُطهّرٌ من الذنوب، مُبرّءٌ من العيوب، مخصوصٌ بالعلم، موسوم بالحلم، نظام الدين وعز المسلمين وغيظ المنافقين، وبوار الكافرين.
الإمام واحدُ دهره،لا يدانيه أحد ولا يعادله عالم ولا يوجد له بدل.
ولا له مثلٌ ولا نظير، مخصوص بالعقل كله من غير طلب منه ولا اكتساب بل اختصاص من المفضل الوهّاب.
والإمامٌ عالم لا يجهل وراعٍ لا يمكر، معدن النبوة لا يُغمز فيه بنسب ولا يدانيه ذو حسب، فالبيت من قريش والذروة من هاشم والعترة من الرسول (ص) شرف الأشراف، والفرع من عبد مناف، نامي العلم، كامل الحلم، مضطلع بالأمر،عالم بالسياسة، مستحق للرئاسة، مفترض الطاعة، قائمٌ بأمر الله، ناصحٌ لعباد الله.

إنّ الأنبياء والأوصياء سلام الله عليهم يوفّقهم الله ويُسدِّدهم ويؤتيهم من مخزون علمه وحِكمته ما لا يؤتيه غيرهم، يكون علمه فوق علم أهل زمانه. وقد قال الله جلّ وعزّ: ﴿ أَفَمَن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لَّا يَهِدِّي إِلَّا أَن يُهْدَىٰ فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ﴾ يونس\35.
وقال تعالى في قصة طالوت: ﴿ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَاءُ﴾ البقرة\247.
وقال في قصة داود عليه السلم: ﴿ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ﴾ البقرة\251.
وقال لنبيه: ﴿ وَأَنزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُن تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا﴾ النساء\113.
وقال في الأئمة من أهل بيته وعترته وذريته: ﴿ أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَىٰ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ﴾ النساء\54.
وإنّ العبد إذا اختاره الله لأمور عباده شـرح صدره لذلك وأودع قلبه ينابيع الحكمة وأطلق لسانه فلا يعييه جواب ولا يجد غير الصواب، فهو موفّقٌ مسدّدٌ مؤيّدٌ، قد أَمِنَ من الخطأ والزلل. خصّه بذلك ليكون ذلك حجة على خلقه وشاهداً على عباده.

فهذه هي صفات الإمام كما وَرَدت عن المعصومين عليهم السلام، أما وظيفته فهي كوظائف النبي(ص) لأنه كما تقدّم فإنّ الإمامة استمرارٌ للنبوة ونيابةٌ عنها وكمالٌ لها، فالمسؤوليات التي تقع على النبي(ص) هي نفسها الواقعة على الإمام والمطلوبة منه، ولكن يمتاز النبي عن الإمام بأنّ النبي يقول ما يقوله ويفعل ما يفعله بوحي من الله تعالى أما الإمام فبتعليم مسبق من النبي(ص).

فإذا عرفنا وظائف النبي عرفنا حكماً وظائف الإمام.
فمن جملة وظائف النبي تفسير كتاب الله وشرح مقاصده وبيان متشابهاته وتقرير قصصه وحكمه وأخلاقه وعقائده وبراهينه، وبيان حكم الله في الموضوعات التي كانت تحدث وتستجد ولم يكن قد نزل فيها حكم مسبق، وصيانة الدين في عقائده وشرائعه ومفاهيمه عن الشبهات المضلَّة والتشكيكات الباطلة التي يثيرها أعداء الإسلام من الكفار والمنافقين، وصيانة المسلمين عن الإنحراف في عقائد الدين وشرائعه ومفاهيمه بمراقبتهم المستمرة على جميع هذه الأصعدة وتصحيح أية أخطاء تظهر في أفعالهم وأفكارهم، وحفظ الوحدة بين أبناء المجتمع الإنساني المتعدد الطوائف /حيث كانت تظهر بين الفينة والأخرى من بعض الأفراد بعض النزعات القبلية والأهواء الجاهلية/، وإدارة أمـور الدولة الإسلامية التي أوجد نواتها النبي(ص) في المجالات السياسية والإقتصادية والأمنية في جميع آفاقها وأبعادها (بداية المعرفة –الشيخ حسن مكي العاملي).

فهذه الوظائف التي كان يتولاها النبي(ص) هي عَينُها التي يتولاها الإمام بعد وفاة النبي. لأنه كما قدّمنا بأن الإمامة هي خلافة عن الرسول(ص).

وأبلغ ما قيل في هذا الخصوص ما روي عن الإمام الرضا عليه السلام في نفس الكلمة التي أبرز فيها صفات النبي. قال:

إنّ الإمام زمام الدين ونظام المسلمين وصلاح الدنيا وعز المؤمنين، الإمام رأس الإسلام النامي وفرعه السامي، بالإمام تتم الصلاة والزكاة والصيام والحج والجهاد وتوفير الفيء والصدقات وإمضاء الحدود والأحكام ومنع الثغور والأطراف.
الإمام يُحلّل حلال الله ويُحرّم حرامه ويُقيم حدود الله ويَذبّ عن دين الله ويدعو إلى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة والحجة البالغة.
الإمام أمين الله في أرضه وخلقه وحجته على عباده وخليفته في بلاده والداعي إلى الله والذابّ عن حريم الله". ( تحف العقول-ابن شعبة-الباب التاسع).

فهذا هو الإمام وهذه هي صفاته التي يجب أن يتصف بها حتى يمكن الرجوع إليه بثقة متناهية ويقين كامل، وهـذه هي الوظائف التي يجب أن يتولاها كي تنتظم أمور الأمة وتتابع سيرها في طريق التكامل، وفي هذا كفاية.