الصلاة الصحيحة هي التي تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ.. أهمية الصلاة في الأديان السماوية فهي في الذروة في كل دين.. ولا يُستعاض عن الصلاة بأي عبادة غيرها.. أما الذكر فإنه لا يُغني عن الصلاة..

أُضيف بتاريخ الخميس, 26/05/2011 - 15:08

المرسل: أبو اسكندر \21\05\2011م

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم سيدي الفاضل الشيخ حسين محمد المظلوم ورحمة الله وبركاته..
الآية 45 من سورة العنكبوت قوله تعالى بسم الله الرحمن الرحيم
﴿ اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾ ..
سيدي الفاضل: كثير من المصلين نراهم لم تنهاهم صلاتهم عن الفحشاء والمنكر! فما هو السبب وهل يُؤجرون في صلاتهم؟
وكثيرون من غير المُصلّين -وحتى من غير المسلمين ومن غير المتديّنين أصلاً- ينتهون عن الفحشاء والمُنكر! ويتمتعون بأخلاق عالية، فما هو السبب؟ وهل يؤجرون في أعمالهم مع تخلّفهم عن الصلاة؟
ما هي أهميّة الصلاة في الأديان؟ وما حكم من لا يُؤدّيها؟ وهل يمكن الإستعاضة عنها بأي شيء آخر؟
في أي عمر يُصبح الصغار -بناتا وصبيانا- مُكلفون شرعاً بإقامة فريضة الصلاة وألا يُستحب تعويدهم على إقامتها قبل سن التكليف؟
وما المقصود بقوله تعالى ﴿ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ ﴾ فهل ذكر الله أكبر من الصلاة أم من ماذا؟ وهل يُغني عن الصلاة؟ وما هو ذكر الله وهل له صيغة معينة أو وقت معيّن في غير أوقات الصلاة مثلاً؟
نطمع بكرمكم سيدي الفاضل في تبيان معاني هذه الآية الكريمة بما ترونه مناسباً لمقام السؤال وشكراً جزيلاً لكم.
أخوكم الأصغر
أبو اسكندر 1
الجـواب

بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على محمد وآله

الأخ الفاضل السيد أبو اسكندر الموقر
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

  إنّ الذين لا تنهاهم صلاتهم عن الفحشاء والمنكر هم الذين عناهم الله بقوله تعالى: ﴿ فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ [4] الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ [5] الَّذِينَ هُمْ يُرَاؤُونَ [6] وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ [الماعون : 7] ﴾ فصلاة هؤلاء خاليةٌ من حضور القلب والإقبال على الله بقلبٍ صادقٍ ونفسٍ طاهرةٍ.

فالعبادة يجب أن تكون خالصة لوجه الله خاليةً من المراء، لأن المراء من صفات المنافق الذي يُظهر خلاف ما يُبطن، فصاحب هذه الصفة لا يُثاب على صلاته لقول رسول الله صلى الله عليه وآله (وكم من مُصلّي وصَلاته تلعنه).

  فالصلاة الصحيحة هي التي تنهى عن الفحشاء والمنكر، وهي صِلة بالله تعالى، وحضورٌ في حضرة جلاله وجماله، قال رسول الله صلى الله عليه وآله: (لا صلاة لمن لم يطع الصلاة، وطاعة الصلاة أن ينتهي عن الفحشاء والمنكر)، وقال صلى الله عليه وآله: (إنه من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر لم يزدد من الله إلا بعداً).

  وأما سؤالك عن غير المصلين الذين ينتهون عن الفحشاء والمنكر ويتمتعون بأخلاق عالية فإنّهم يُثابون على ذلك عدلاً من الله وفي الوقت عينه يُعاقبون على تركهم الصلاة.

أما السبب في تحليهم بهذه الصفات مع عدم تديّنهم فهذا يعود إلى الفطرة التي فطر الله الخلائق عليها والواجب عليهم تنميتها بصحّة الاعتقاد وصحيح العبادة والتحلي بمكارم الأخلاق، لأنّ عدم ذلك يُزيل الأثر الطيّب من الطينة الطيّبة التي لا يخلو منها مخلوقٌ وهذا ثابتٌ في حديث الطينتين وعركهما عرك الأديم.

فما يصدر عن المؤمن من الأفعال الذميمة فهو من طبيعة الطينة الخبيثة، وما يصدر عن الكافر من الأفعال الحميدة فهو من طبيعة الطينة الطيبة، فيُثاب أو يُعاقب كُلٌّ على ما كسب أو اكتسب ويوم الفصل تعود الأصول إلى منشئها.

  أما سؤالك عن أهمية الصلاة في الأديان السماوية فهي في الذروة في كل دين ومُقدّمَة لسائر العبادات المشروعة على ألسن الرسل، وحكم تاركها حكم الفسوق، لأنّ الفاسق هو الخارج عن الطاعة، قال الإمام الصادق عليه السلام: (الصلوات الخمس المفروضات من أقام حدودهن وحافظ على مواقيتهن لقي الله يوم القيامة وله عنده عهد يُدخله به الجنة، ولمن لم يُقم حدودهن ولم يُحافظ على مواقيتهن لقي الله ولا عهد له إن شاء عذبه وإن شاء غفر له).

ولا يُستعاض عن الصلاة بأي عبادة غيرها، وكيف يُستعاض عن الأعلى بالأدنى فهي عامود الدين فمن أقامها أقام الدين ومن هدمها هدم الدين وإن قُبلت قُبِلَ ما سواها وإن رُدّت رُدّ ما سواها.

والصبي يُؤمَر بالصلاة إذا أتم السابعة ويُستحب قبل سن التكليف إن أدرك ذلك.

  أما سؤالك عن تمام الآية ﴿ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ ﴾ .

فذكر الله ليس أكبر من الصلاة، بل هو أكبر ما في الصلاة، وهو جزءٌ منها، بل أفضل أجزائها، فالصلاة المقبولة التي تنهى عن الفحشاء والمنكر لها فوائد كبرى غير ما تقدّم وأهمها: ذكر الله وتوحيده وتذكّر رحمته التي وسعت السموات والأرض.

أما الذكر فإنه لا يُغني عن الصلاة، لأنّ الصلاة أقوالٌ وأفعالٌ، والذكر هو جملة الأقوال، أما الأفعال فهي القيام والركوع والسجود والجلوس بين السجدتين، وهي لا تصح إلا بكمالها.

وذكر الله يُستحب في سائر الأوقات إلاّ أنّه لا يُغني عن الصلاة المفروضة في أوقات مخصوصة.

والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله.

حسين محمد المظلوم
24\5\2011