قبول التوبة رحمة من الله يَمُنُّ بها على من يشاء من عباده شرط أن تكون هذه التوبة صادقةً قلباً وقالباً.. ترك الذنب والاستغفار اسمٌ واقعٌ لمعانٍ ست.. ما هو حدّ الإستغفار.. لا يجوز للمؤمن أن يَقنُطَ من رحمة الله التي يختص بها من يشاء..

أُضيف بتاريخ السبت, 01/03/2014 - 11:58

المرسل: علي في 16\02\2014م

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أرجو المساعدة فانا في أتعس حال بسبب ارتكابي واحده من الكبائر قبل سنين ولم اعرف وقتها إنها من الكبائر وفعلتها بسبب غياب الناصح والمرشد إلى طريق الله وعندما وتركته بسبب علمي بعد فوات الأوان وتبت إلى الله و لا اعلم هل لي من توبة اجرمت بحق نفسي بسبب جهلي فأرشدوني إلى طريق التوبة. 1
الجـواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآل بيته المعصومين وأصحابه المنتجبين.

  إنّ الله سبحانه وتعالى لا يَفتحُ بابَ رحمةٍ ليُغلقه بوجهِ أحدٍ من عِباده، وقبولُ التوبة رحمةٌ من الله يَمِنُّ بها على من يشاء من عبادِه شرطَ أن تكون هذه التوبة صادقة قلباً وقالباً، فكيفَ لمن يَرتكِبُ الذنبَ بجهالةٍ فهو مَشمولٌ بهذه الرَحمة أكثرَ من غيره، لقوله تعالى: ﴿ إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوَءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُوْلَـئِكَ يَتُوبُ اللّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً ﴾ [النساء:17].
  وقال تعالى: ﴿ وَإِذَا جَاءكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَن عَمِلَ مِنكُمْ سُوءاً بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِن بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾ [الأنعام:54].
  فمن تاب وأصلح كما أمرَ الله تعالى فهو مُستحقٌ لمغفرةِ الله وَعْدٌ مِن الله حقاً، وقال تعالى مؤكداً ذلك: ﴿ ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُواْ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابُواْ مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُواْ إِنَّ رَبَّكَ مِن بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾ [النحل:119].
  وآياتٌ كثيرةٌ في الكتابِ تُؤَكّد هذه الحقيقة، فلا يجوز للمؤمن أن يَقنطَ من رحمة الله التي يختصُ بها من يشاءُ، أو أن يقول إنّ الله لن يغفر لي، فعليهِ أن يتوبَ توبةً صادقةً ويُصلحَ ما أفسدَ ليَستحق مغفرةَ الله التي وَعَدَ بها فهو لا يُخلف الميعاد.

  وقد أبانَ أميرُ المؤمنين عليه السلام عن التوبةِ التي توجِبُ المغفرة حينَ سأله كُميل بن زياد النَّخْعِيّ رضي الله عنه قائلاً: يا أميرَ المؤمنين، العبدُ يُصيب الذنبَ فيستغفرُ الله عنه، فما حَدُّ الإستغفار؟
قال: يا ابن زياد التوبةُ، قلتُ: فقط؟
قال: لا، قلتُ: فكيف؟
قال: إنّ العبدَ إذا أصابَ ذنباً يقول: أستغفر الله بالتحريك.
قلتُ : وما التحريك؟
قال :الشفتانِ واللسانِ، يُريد أن يُتْبِعَ ذلك بالحقيقة.
قلتُ: وما الحقيقة؟
قال: تصديقٌ في القلبِ وإضمارُ أن لا يعودَ إلى الذنبِ الذي استغفرَ مِنه.
قال كميل: فإذا فعلتُ ذلك فأنا من الُمستغفرين؟ قال: لا.
قال كُميل: فكيف ذلك؟ قال: لأنك لم تَبلُغ إلى الأصلِ بعد.
قال كُميل: فأصلُ الاستغفار ما هو؟
قال: الرجوعُ إلى التوبةِ من الذَنْبِ الذي استغفرتَ منهُ، وهي أوّل درجة العابدينَ، وتركُ الذنبِ والإستغفارُ اسمٌ واقعٌ لمعانٍ سِت:

  • أولها: الندمُ على ما مَضى.
  • والثاني: العَزمُ على تركِ العودةِ أبداً.
  • والثالث: أن تُؤدّي حَق المخلوقين التي بينك وبينهم.
  • والرابع: أن تُؤدّي حق الله في كُل فرض.
  • والخامس: أن تُذيبَ اللحم الذي نَبَتَ عليه السحت والحرامُ، حتى يرجع الجلد إلى عَظمِهِ ثم تنشأ فيما بينهما لحماً جديداً.
  • والسادس: أن تُذيقَ البَدَنَ آلمَ الطاعةِ كما أذقتَهُ لَذّاتِ المعاصي.

  وفوق كل ذي علم عليم.

حسين محمد المظلوم
26\2\2014



هنا إعلان هذا الموضوع على صفحتنا في الفايسبوك.