زواج المسلمين (زواج العلوي بسنيّة أو السُنّي بعلوية) في المجتمعات العربية والإسلامية ما بين الشرع والعادات، والمسؤوليات الواجبة على العلماء والأهل والأفراد...

أُضيف بتاريخ الجمعة, 29/04/2011 - 18:16

المرسل: أبو اسكندر \ 28\04\2011م

بسم الله الرحمن الرحيم

شيخنا الفاضل العالم الشيخ حسين المظلوم حفظكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد..
عطفاً على سؤال الأخ أحمد والذي سأل عن قول الدين في شرعية ( زواج العلوي بسنيّة أو السُنّي بعلوية ) وقد أتى جواب سيادتكم من الناحية الدينية -حسب سؤال السائل- وليس لقائل في جوابكم مقال.
ولكن وإتماماً للفائدة من الموضوع أستدرك فأقول:
إذا تناولنا مسألة الزواج هذه من غير الناحية الدينية الشرعية ، فمثلاً من الناحية الإجتماعية أو البيئية .. وهنا أسأل:
هل مجتمعاتنا العربية والإسلامية مهيّأة لمثل هكذا أنواع من الزيجات بشكل يُريح الزوجين ويمنحهما وأهلهما وأولادهما لاحقاً مستقبلاً ناجحاً وحياةً هانئة؟
أثير هذا الموضوع في منتديات كثيرة على الأنترنيت وذكر المتحاورون شواهد ودلائل من الواقع تثبت فشل الكثير من هكذا زيجات مختلطة بين أبناء المذاهب والطوائف المختلفة، وذكروا أسباباً كثيرة لهذا ومن أبرز الأسباب: قلّة الوعي الكافي وعدم تقبّل الفكرة من الطرفين أو من أحدهما إن كان من الأهل أو الأقرباء والأصدقاء فتكون النتيجة مؤلمة على مستقبل هذا الزواج ...

سيدي الكريم هذه العادات المُفرّقة وهذه الرواسب التي تُعاني منها مجتمعاتنا وكما ذكرتم سيادتكم أنها ليست من الدين في شيء ، وإذا كان الطرفان ليسا على قدر كافي لتقبّل الفكرة وعلى قدر غير كافي من الوعي الديني والإنفتاح الإجتماعي، فهل ننصح في هذا الظرف بمثل هذه الزيجات؟
وهل من نصيحة تقدّم للشباب والأهل في هذا المجال؟
وهل من عملٍ ما يتوجّب على رجال الدين أن يقوموا به لإصلاح هذا المجتمع وتخليصه من رواسبه وعاداته السيئة وحتى لا نترك فرصة للمستعمر ببث التفرقة من جديد؟
أعلى الله مقامكم سيدي الفاضل ودمتم سالمين غانمين. 1

أخوكم الأصغر
أبو اسكندر

الجـواب

بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء وسيد المرسلين محمد وآل بيته المعصومين


أما بعد
الأخ الفاضل السيد أبو اسكندر
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

  بخصوص الأحوال الشخصية كالزواج والطلاق وما يتعلق بهما وحولهما فإنه يتم تناول هذه المسائل من الناحية الشرعية عملاً بما أمر الله به وخوفاً من الوقوع في المحظور، فلا علاقة للجانب الاجتماعي فيما أحله الله، فالجانب الشرعي من عند الله، أما الجانب الاجتماعي فمن تفاوت طبيعة الناس ويخالطه بعض التسريبات الغربية وما يكتسبه الإنسان من العادات الموروثة والمستوردة والتي يتنافى بعضها مع هذا الدين الحنيف ، فما صح في الشرع ولم يصح في المجتمع والبيئة وجب العمل بمضمون الشرع ولا يُنْسَخ بسبب العادات الغريبة.

  أما سؤالك عن مجتمعاتنا العربية والإسلامية هل هي مهيأة لمثل هذه الزيجات، فأقول أنها ليس فقط مهيأة وكأن الأمر لم يحدث، بل جرت الكثير من الزيجات ومن قرون عديدة ونجح الكثير منها وولدّت أواصل القربى بين أبناء المذاهب، أما الفشل الذي يتحدث عنه البعض فلا علاقة له باختلاف المذهب بل هو مرتبطٌ باختلاف العقول وتفاوت التفكير بدليل أنّ الكثير من الزيجات من بين أبناء المذهب الواحد تفشل فما علاقة المذهب هنا؟ بل الأمر يرتبط بعدم فهم الأطراف لبعضها البعض وللإختلاف في وجهات النظر، وأحياناً تكون الأسباب مادية أو خيانة زوجية، إلى أخر ما هنالك من إشكاليات أدّت إلى الانفصال.

  وبالنسبة إلى سؤالك الثاني فأقول:
إنّ الزواج لا يكون إلا عن قناعة ولا يصح إلا برضى الطرفين وبعقد شرعي، فإن كان أحدهما غير مقتنع بهذه الفكرة فأنصحه أن لا يُقدم عليها قبل أن يُصوّب تفكيره ويتخلص من الخلل الذي أصاب عقله الذي سجنه في أوكار التعصب، فالمسلمون أخوة على اختلاف مذاهبهم ولا يجوز أن يَغرقوا في أوْحَال التعصب المَقيت الذي نهى الله عنه، ويجب التخلص من العادات السلبية التي تسود بعض مجتمعاتنا لندخل في رحاب الإسلام الجامع لكل أبنائه.

  هناك الكثير من المسؤوليات الواجبة على العلماء والأهل والأفراد:

  • فعلى العلماء محاربة التعصّب والتزمّت البغيضين، وأن يُبرزوا للناس مَحاسن الإسلام الجامع، ومَساوئ التعصب المُفرّق والمُدَمّر، بما يملكون من قدرة فعالة على: الخطابة والكتابة والتوجيه الإيجابي، ويجب أن يستغلوا كل الفرص والإمكانات المتوفرة لتخليص مجتمعاتنا من هذه الآفات.
  • وعلى الأهل أن ينأوا بأبنائهم عن هذه المخاطر، ويُعلموهم قبول الآخر، ويُجنّبوهم تناول سموم الفرقة والتشرذم.
  • وعلى الأفراد أن يُصغوا إلى منطق العقل، ولا يقبلوا من العادات إلا ما وافق الشرع الشريف.

أسأل الله أن يجمع شمل المسلمين ليعودوا أمة واحدة كما كانوا في عهد نبيهم الصادق الأمين(ص) والحمد لله رب العالمين..

حسين محمد المظلوم
29\4\2011