26. الحل في الولاية

أُضيف بتاريخ الأحد, 31/10/2010 - 10:46
الملاحظة السادسة والعشرون

فصل ( نظرات في التقريب بين المذاهب الإسلامية)

هنا لا بد من توضيح بعض النقاط الأساسية تعقيباً على ما ورد في هذا الفصل:

أولاً:

من غير المقبول مناقشة القضايا المقدسة لأنها من الثوابت التي لا يجوز التخلي عنها أو التلاعب بها، وهي ليست ملكاً فردياً يحق للإنسان التصرف به.

ثانياً:

إن التقريب بين المذاهب واجب على العلماء إنما يكون برفض التعصب المقيت والتجني السافر، وليس بالتخلي عن الهوية والتنازل عن الثوابت.

ثالثاً:

إنّ الوحدة الإسلامية من القضايا الجوهرية، وهي غاية ولكن ذلك لا يكون بإلغاء الأخر بل بفهمه.
ولا يكون بدمج المذاهب لامتناع ذلك بل يكون بتجنب طرح القضايا الخلافية، والتلاقي فيما اتفق عليه المسلمون.
وفي يقيني أنّ الوحدة قائمة لكن بعض المسلمين لا يتعاطى معها، أو يتجاهل وجودها لغاية في نفسه.
وأعني بقيامها اتفاقهم على كُليات الأصول والفروع وأكثر الجزئيات، ولكن بعضهم يتحرك بتوجيه خارجي لإثارة النعرات والبعض الآخر ما زال يعيش في أوكار التعصب فيخدم الخارج من حيث يدري أو لا يدري.

رابعاً:

إن لم يكن المذهب عين الدين فلا يوجد مسلمٌ على وجه البسيطة، ولسنا الآن بصدد البحث عن مذاهب الآخرين ولكن لا بد من الحديث عن مذهبنا الذي يجمع أصوله وفروعه وكلياته وجزئياته حديثُ الثقلين، وهذا الحديث الجامع لما يعلم وما يعرف ثابت بدليليّ الكتاب والسنة الشريفة، وهو عين الدين.
فقول البادياني عَمَّنْ نقل يتناقض مع نهج المعصومين، وهو كلامٌ خطيرٌ يؤدّي إلى التشكيك في أصول المذهب الذي بُنِيَت دعائمه على معرفة الحقيقة.

خامساً:

يدعو البادياني إلى التصوّف عوضاً من اعتناق المذهب ويرى أنه يُلبّي حاجات العصر ومتطلباته مُعللاً ذلك بقوله: ( أنه يورد أتباعه مرحلة من السلوك الروحاني والإشراق الرباني ).
وهذا الكلام مرفوض جُملةً وتفصيلاً، فالمذهب المعصوم يمتلك كل هذه الخصائص وغيرها وهو ليس بحاجة إلى الخارج لأنه كاملٌ بالكتاب الكريم والسُنَّة النبّوية وحديث المعصومين، فلم يَدَعْ شاردة ولا واردة إلا وجَلاّها وزال عنها مُعَمَّاها، ثم إنّ هذا الكلام يَدلُّ على نقصٍ في المذهب لا نراه مُطلقاً، وأعجب كيف رآه الشيخ محمد البادياني!.

ثم إلى أيّ طريقة صوفية يدعو البادياني؟ وهي كثيرة فإذا أراد أن يكون صوفياً فليكن لوحده ومن ينسجم معه.
فالعلويون ليسوا بحاجة إلى اقتراحاته ولا اقتراحات شيوخه الذين نقل عنهم هذه الأوهام.
فمذهبنا صورة الإسلام وجوهره، وكمال الإيمان ومصدره، وهو يُغني عن كل شيء ولا شيء يُغني عنه فلا أثر بعد عين ولا خبر بعد نظر، وهل يُستبدَل الأدنى بالأعلى!؟.

سادساً:

إنّ دعوة البادياني إلى اعتناق الصوفية لمحاربة الوهابية أمرٌ مضحك وغريب في الوقت نفسه، وله نقول:
اعتنق الصوفية أنت ومن معك واذهب لحَرب الوهابية لوحدك فليس لنا مصلحة في ذلك.
نحن لا نحارب أحداً ولا نعتدي على أحدٍ فإن تعرضنا لتجني من الوهابية وغيرها فنرد ونواجه بالأدلة النقلية والحجج العقلية.
أما أن نكون جبهة في مقابل الوهابية لمصلحة الآخرين فهذا شيء غير مقبول ومن يدعونا إليه فهو في هذا أحمق.

يُشدد البادياني على ضرورة التقريب بين المذاهب وصولاً إلى الوحدة الإسلامية، ويستعرض أدلته ومن ثم يدعو إلى محاربة الوهابية عوضاً من الدعوة إلى الحوار البناء.

إنّ منطقنا هو العلم، وسبيلنا الحوار، فإن أبى الطرف الثاني فلنا بيتنا وله بيته، قال تعالى:
وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَاراً أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاء كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءتْ مُرْتَفَقاً [الكهف : 29] .