ضرب الزوجة في القرآن الكريم، مباح أم واجب، متى ولماذا، ما المراد منه؟ هل الزوجة مكسر عصى الزوج؟

أُضيف بتاريخ الأربعاء, 18/05/2011 - 15:13

المرسل: zaynab \أيار\16\2011م

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سيدي الشيخ سؤال لكم لطالما حيّر الكثيرات من النساء ... إلا أنه لم يحيّر أغلب الرجال لأنهم يعتقدون أنهم على حق وعلى صواب فيما يفعلونه ( ألا وهو ضرب الزوج لزوجته ) فيأتي في بعض الاحيان رجل ما في حال حصلت مشاكل زوجية في البيت فيضرب زوجته بحجة لم يعد يتحمل وبذريعة أنه اتى الأمر في القرآن الكريم ضرب الزوج لزوجته في حال استعصت الأمور في البيت ( وليس الكل بالطبع هذه الحالة ) .

فمتى يضرب الزوج زوجته وفي أي حالات؟
وهل لمجرد ذكر ضرب الزوجة في القرآن يحق له ضربها؟ فيهينها فيؤثر على نفسيتها مما يحصل فيما بعد نتيجة الاهانات انها لا تشعر بلذة العطاء في البيت كما يجب أو كما كانت عليه أو كما يحبه وتعود الآخرون عليها في البيت .. وربما يصل الضرب لدرجة أن يُحدث عاهة عند الزوجة (يحصل هذا لعله قليل ولكنه يحصل على كل حال ) هذا السؤال سُئِلت عنه وبدوري أسأله لكم يا سيدنا الشيخ ..
وتقبلوا فائق احترامي وتقديري لكم يا سيدي الشيخ
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته 1

الجـواب

بسم الله الرحمن الرحيم

الأخت المحترمة زينب
تحية طيبة وبعد

قال تعالى: ﴿ وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً ﴾ [النساء:34]

  الأخت الكريمة إنّ الله سبحانه وتعالى أبَاح في هذه الآية الضرب ولم يُوجبه، بمعنى أنه مُباحٌ وليس واجباً كما يَفتري البعض ويتعدّى حدود الله، وتركُ المُباح لا يُعَدُّ ذنباً أو مَعصيةً، بل ذلك يكون في ترك الواجب، هذا من جهة.

ومن جهة ثانية، فإنّ الله أباح الضرب في المرحلة الثالثة، خوفاً من الوصول إلى المرحلة الرابعة، وهي الطلاق، فاختيار أدنى الشَرَّين أفضل، ولا تعني هذه الإباحةُ إهانةً للمرأة، بل إصلاحاً لها خوفاً من نشوزها، كما دَلّت الآية.

  فإذا خاف الرجلُ نشوز زوجته، أيّ: التمرّد والعداوة والعصيان، فعليه أن يُذكّرَها بحقه عليها، شرطَ أن يكون غير مُقَصِّرٍ بأيّ حقٍ من حقوقها. ويجب أن يكون هذا التذكير: بالوعظ الهادف إلى الصلاح، والكلمة الطيبة من دون تحقيرٍ أو سبابٍ، كما يحدث غالباً، فإن لم تُصْلِحْ أمرها فيَهجُرها، وإن أبَتْ الرُجوعَ إلى ما أمر الله تعالى فيَحق له ضربها ضرباً غير مُبرح، أي لا يَبلغ الكَسْرَ والجَرْحَ، ولا الضربَ البالغَ، فإن فاءَتْ إلى رُشدِها، لا يجوز له أن يُؤذيها بعد ذلك.

  نـلاحـظ:

  • إنّ الله أباحَ الضربَ ولم يُوجبه.
    وإن ترك المُباح ليس ذنباً بل تركه في هذه الحالة جائزٌ، لقول الإمام الصادق في جوابه لإسحاق بن عمّار حين سأله عن حق المرأة على زوجها الذي إذا فعله كان مُحسناً فقال: (يُشبعها ويَكسوها، وإن جَهِلت غَفر لها)، وقال في حديث آخر: (اتقوا الله في الضعيفَيْن)، يعني بذلك: اليتيم والنساء، وأحاديث كثيرة تدل على استحباب العفو.
  • وإنه تعالى لم يبح الضرب ابتداءً بل في أخر المراحل تجنباً للطلاق.
  • وليس المراد منه الإهانة بل الإصلاح.
  • ولم يبيح الضرب المؤذي العنيف.

  وبالنتيجـة فإنه من الواجب على المؤمن، أن يتّقي الله في عباده، ويَكظم غيظه عند الغضب، وأن يَحلم قدر ما يستطيع، فالزوجة شريكة في الحياة يسوءها ما يَسوء زوجها، ويسرّها ما يسرّه، فلا يحق له أن يجعلها مَكسر عصا متى يشاء، فهي ليست عبداً له، بل لله، ولها حقوق عليه كما له، فليتّق الله في عباده.

حسين محمد المظلوم
17\5\2011