زيد بن حارثة.. التبنّي المُحرّم والمُلغى في الإسلام هو أن يقصد الإنسان إلى ولد معروف النسب فينسبه إلى نفسه، كما كان سائداً في الجاهلية.. التبني صحيحٌ إذا كان عبارةً عن رعايةٍ وعطاءٍ وتربيةٍ لا تُلغي أصل المرء ولا تُعطيه ما ليس له..

أُضيف بتاريخ الأحد, 22/04/2012 - 03:27

المرسل: نور الدين علي \08\03\2012م\

السلام عليكم سيدنا أفادنا الله بعلمكم و أطال المولى بعمركم لنستفيد منكم.
هل شيخنا التبني محلل أم محرم و قواعده و تأكيداته من القرآن الكريم والأحاديث عن أئمة النور و الهدى.
وأدامكم الله و حفظكم 1
الجـواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآل بيته المعصومين وأصحابه المنتجبين.

  الأخ الكريم السيد نور الدين علي المحترم.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

  قال تعالى: ﴿ وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءكُمْ أَبْنَاءكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُم بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ * ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوا آبَاءهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً ﴾ [الأحزاب : 4-5]

  التَبَنّي أن يَقصدَ الإنسان إلى ولدٍ معروفِ النسبِ فينسُبَه إلى نفسِهِ، وهذا الأمرُ كان سائداً في الجاهليةِ، وكانوا يُرتّبون على الولد المُتبنّى أحكام الولد الصلبي من التوارث وحُرمة الزواج وغير ذلك، وقد حرّمَهُ وألغاهُ الإسلام.

  والآية الكريمة تُؤكّد على وجوبِ نِسبة الدّعي المُتبَنّى إلى أبيه الذي أولده حقيقةً، ويكون التبنّي هنا بمعنى الرعاية والتربية وغير ذلك، ولا تُحْرَم على المُتبنّى ابنة أو أخت من تَبَنّاه، وكذلك فإنّ زوجة المُتبنى لا تُحرم على من تبنّاه بعد طلاقِها منه.

  وقد أجمعَ المُفسرون على نزول هذه الآية في زيد بن حارثة ومُلَخَّصُها:
إنّ زيداً سُبيَ في الجاهلية، فاشتراه رسول الله صلى الله عليه وآله، وبعد الإسلام جاء والده حارثة بن شراحيل الكلبي إلى مكة، وطلب من الرسول أن يَبيعه ابنه زيداً أو يَعتقه، فقال الرسول صلى الله عليه وآله: هو حرٌ فليذهب حيث يشاء، فأبى زيدٌ أن يُفارق رسول الله صلى الله عليه وآله، فغضب أبوه حارثة وقال: يا مَعشر قريش اشهدوا أنّ زيداً ليس ابني.
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: اشهدوا أنّ زيداً هو ابني.

  فهذا التبنّي لا يلغي نسبة زيد إلى أبيه حارثة، بل بَقيَ يُطلق عليه ويُعرف به، كما أنّ هذا التبنّي لا يُعطيه الحق في إرث النبي، ولا يُوجب حُرمة التزاوج، بدليل أنّ النبي تزوج زوجة زيد، زينب بنت جحش، بعد أن طلّقها زيد.

  فالتبنّي على هذا الأساس صحيحٌ، وهو عبارةٌ عن رعايةٍ وعطاءٍ وتربيةٍ لا تلغي أصلَ المَرءِ ولا تُعطيه ما ليس له.

  وفي حال لم يُعرف اسمُ المُتبَنى فإنّ الله أمرَ أن يدعوه أخاً أو مولى، والمولى هنا بمعنى الصاحب أو الصديق، والبعض فسّرها بمعنى الغلام المُعتق والمُحرّر، وكل هذا التأكيد كي لا يُنسب المرء لغير أبيه الذي أولده.

حسين محمد المظلوم
20\4\2012