نظرة العلويين للمرأة: قضية المرأة من القضايا البارزة في المجتمع الإنساني.. عالج الإسلام هذه القضية علاجاً جذرياً يتسم بالعدالة والإنصاف.. كانت النظرة إلى المرأة أنها شؤم.. لا يملك الرجل أي حق في ظلم المرأة والاعتداء عليها..

أُضيف بتاريخ الأحد, 24/06/2012 - 13:09

المرسل: ايمان \02\05\2012م

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
فضيلة الشيخ
اود ان اعلم اكثر عن نظرة العلوين للمراة و عن زواج المراة بالرجل . 1
الجـواب
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على محمد وآل بيته المعصومين وأصحابه الميامين.

  الأخت الكريمة الآنسة إيمان.
تحية طيبة وبعد:

  تحدثتُ كثيراً عن هذا الموضوع وفي عدة مواضع وفي أكثر من مناسبة، وهو بيّن وجَلي ولا يحتاج إلى كثير بحث، لأننا نتناوله من حيث الأصل التكويني والفرع الشرعي وبهذا التناول نصل إلى الحقيقة الثابتة التي تلاعب بها العابثون وحرّفها المُنغلقون.

  بداية أقول: إن نظرتنا إلى المرأة هي نظرة إسلامية جامعة، لا يعتريها الغموض ولا يحجبها الانغلاق، فهي كائنٌ حيٌ فاعلٌ في المكان والزمان كالرجل، ولا تفاضل بينهما إلا بالتقوى، لقوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴾ [الحجرات:13]

  فقضية المرأة من القضايا البارزة في المجتمع الإنساني، فقد تناولها الكثيرون على مختلف توجّهاتهم الدينية والفكرية، ولكنّ أكثرها كان تنظيراً فارغاً من أيّ مضمون، لأنّ المَضامين الفاعلة يشترط أن تُلامس الواقع ملامسةً حقيقيةً وتخرُجُ مِن حَيّز الخِطابات والمقالات إلى حَيّز الوجود.

  إنّه تاريخٌ مليءٌ بالظلمِ والقهرِ والحرمانِ، تعُجّ به بُطون الكتبِ والمُجَلداتِ والقصصِ والسِيَرِ المتناقلة على ألسُن الناس على مُختلف مُستوياتهم، وما زال هذا الظلم قائماً في صُوَرٍ مُختلفةٍ، وفي أماكن مُتفرقة غربيّة وشرقيّة.

  لقد عالج الإسلام هذه القضية علاجاً جذرياً يتّسم بالعدالةِ والإنصافِ، ولكي نلمس هذه الايجابية لا بُدّ لنا من استعراضٍ سريعٍ لأوضاعِ المرأة قبل الإسلام.

  كانت النظرة إلى المرأة في الأُمم القديمة التي لم يقم نهجها الاجتماعي في الحياة على أساس القانون أو الدين، بل على أساس الآداب والتقاليد القومية، أنّها ليست إنساناً، بل تُعامل في تلك المجتمعات على أساس أنّها حيوانٌ أهليٌ، فقد كان الرجل يُحافظ عليها ويُدافع عنها ويُعاقب من يَعتدي عليها ليس لإيمانه بإنسانيتها أو اعتقاده أنها عضوٌ من أعضاءِ المُجتمع يتمتع بالحقوق وهو جديرٌ بالاحترام، بل لتكونَ ألعوبةً لشهواتِه القذرة ولاستعبادها واستخدامها في خدمته والقيام بالأعمال المرهقة من دون تقدير لتعبها وعطائها.

  لم يكن يحق لها أن تتزوّج باختيارها وانتخابها الرجل الذي تُريد، وإنّما كان يتمّ ذلك طبقاً لإرادة أبيها، والقضية كانت أشبه بالبيع والشراء.

  وفي المجتمعات الملكية مثل فارس ومصر والهند والصين التي كانت تُحكم بإدارة الملوك وتُدار وفق رغباتهم، وكذلك المجتمعات المُتمدنة مثل الكلدانيين والروم واليونان التي يعيشون في إطار سلطة القانون نجد أن وضع المرأة وإن كان أحسن من وضعها في المُجتمعات الأخر بحيث إنها لم تُحرم من المُلكية بشكلٍ كُلّي، ولكنها لم تكن تحظى مع ذلك بالحريّة الكاملة، وكان لربّ البيت الذي تعيشُ فيه، كالأب أو الأخ الأكبر أو الزوج، السُلطة المُطلقة عليها، بحيث كان بمقدوره أن يُزوّجها مَن يُريد أو يُعطيها عاريةً أو يُؤجّرها أو يَهبها، كما كان بوسعِهِ أن يَقتلها بالأخص في حالِ ارتكابِ الجُرمِ أو يَطردها من البيت.

  وفي بعض البُلدان لم يكن للمرأة قرابةً طبيعيةً، والرجال يتزوجون المَحارم من نسائهم.

  وفي بُلدان أخرى لم تكن المرأة تُعَدّ في دائرة القرابة من الوجهة الرسمية والقانونية فتُحرَمُ من الإرث، وفي بعضها الآخر كان للمرأة الواحدة عَددٌ من الرجال، وفي الجاهلية كان بعض العرب يَئِدون بناتهم.

  كانت النظرة إلى المرأة أنها شؤم، وإذا ما صارت موئِلاً للظلم والعدوان فلا يحق لها اللجوء إلى المحكمة وتقديم الشكوى أو الدفاع عن نفسها، كما لم يكن لها حق الشهادة.

  وفي الحَصيلة: كانت النظرة إلى المرأة في هذه المجتمعات أنها عضوٌ ضعيفٌ وناقصُ العضويّةِ تحتاج إلى قيمومة الرجل، فلم يكن لها أيُّ ضربٍ من الاستقلال في الإرادة واتخاذ القرار والتمتع بالحرية في انتخاب العمل.

  لم يكن حظها في المجتمعات الدينية أوفر، فعندما نعود إلى التوراة التي بين أيدينا نجدها تَصِفُ المرأة أنها أكثر مَضاضةً من الموت، وتُسجّل يأسها من كَمَالها، وفي المَجْمَع الكَنَسي الذي عُقِدَ في فرنسا قبل البعثة النبوية بسنواتٍ، وصل المَجْمَع الكنسي المسيحي بعد بحثٍ وافٍ في وضعِ المرأةِ إلى إصدار الحُكم التالي: المرأةُ إنسانٌ بَيْدَ أنها خُلقت لخدمة الرجل.

  فجاء الإسلام بمبادئه العُليا، وقوانينه الدينية الجامعة لمناحي الدنيا والآخرة، وناهض هذه الأفكار بجميعِ قِواه، وقرَّرَ للمرأةِ حقوقاً منطقيّةً، ودافعَ عنها دفاعاً عادلاً، ومن جُملتها على سبيل الذكر لا الحصر:

  • المرأة إنسانٌ واقعيٌ، وهي مخلوقة من زوجٍ إنسانيّ ( الذكر والأنثى ) تتمتع بالخصائص الإنسانية الذاتية، وليس في مفهوم إنسانية الرجل ما يَتميز به عليها.
  • المرأة مثل الرجل عضوٌ كاملُ العضويةِ في المُجتمع، وهي تتمتع بشخصية حقوقية.
  • تحظى المرأة بحق القرابة الطبيعية، وبحق القرابة السببية رسمياً وقانونياً.
  • تتساوى الفتاة في البنوة مع الولد فكلاهما ابن، كما يتساوى أبناء البنت مع أبناء الابن في البنوة، وبذلك تتمتع المرأة مثل الرجل بحق الإرث من ذوي القرابة السببية والنسبية مثل الأب والأم.
  • للمرأة استقلالٌ فكريٌ ولها الحق في أن تتخذ القرارات التي تريد في الحياة، وأن تختار الزوج الذي ترغب به وفي إطار الشرع، كما لها الحق في أن تعيش بحرية من دون ولايةِ أو قيمومةِ الأب أو الزوج، كما لها أن تنتخب العمل الذي ترغب به.
  • ولها استقلالها العمليّ، وجهدها وعملها مُحترمان، فلها الحق في التملك والتصرّف بثروتها كما تريد من دون حاجةٍ إلى قيمومةِ أحدٍ أو تدخُّله، ولها أن تُدافع عن مالها وحقوقها الفردية والاجتماعية، وأن تمارس حقها في الشهادة، ولها الحق في أن تتقاضى أجراً على كل عملٍ تقوم به للزوج باستثناء الواجبات الزوجية.
  • لا يملكُ الرجل أي حقٍ في ظلم المرأة والاعتداءِ عليها، ولها شخصيتها الدينية المعنوية، فهي ليست مَحرومَةً من السعادة الأخرويّة كما يتوهم من ناقض روحيّة الدين وعدالته.
  وبالنتيجة فيُمكن للمرأة أن تتقدّم على ألوف الرجال وتفضلهم في إطار التقوى ومقياس الدين.

  فهذه هي نظرتنا للمرأة، وبالنسبة لموضوع زواجها من الرجل، فقد أوضح الإسلام جُملة حقوقها وواجباتها التي لا تُخفى على أحدٍ ولا حاجة إلى استعراضها.

  ودمتِ بخير

حسين محمد المظلوم
في: 9\6\2012