زواج أم كلثوم ابنة أمير المؤمنين + صلح الإمام الحسن المجتبى عليه السلام مع معاوية...

أُضيف بتاريخ الأربعاء, 22/06/2011 - 03:00

المرسل: علوية حتى النخاع \15\06\2011

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اسعد الله أوقاتكم شيخنا الفاضل وسدد خطاكم
أريد أن أسأل هذه المرة عن أمور تاريخية أي بعض ماورد في التاريخ الاسلامي على أنها أحداث حدثت لنرى موقفنا منها بعد إذن سماحتكم ..
  • أولها: قصة زواج أم كلثوم بنت الامام علي عليه السلام من عمر بن الخطاب
    فقد وردت هذه الحادثة في كتب الفريقين سنة وشيعة مع تشكيك الشيعة بها وبصحتها وبصدق رواتها وصحة اسانيدها وتصديق السنة لها وتوثيقها ..!
    فما رؤيتكم حول هذه الحادثة وهل نراها حقيقة تاريخية غير قابلة للشك أم خبر مرشح للتكذيب أو التصديق..؟!
  • أما الثانية فهي: عن صلح الامام الحسن المجتبى عليه السلام مع معاوية بن أبي سفيان
    فالبعض يصف هذا الصلح بأنه تنازل من الحسن عليه السلام عن الخلافة لمعاوية ويرى في ذلك ابطال لدعوى الامامة والخلافة ؟
    والبعض يراه معاهدة صلح أو اتفاقية مشروطة تبطل بعدم تنفيذ شروطها وهذه الاتفاقية اقتضتها الظروف السياسية والأمنية والاجتماعية في تلك الفترة وحسب ماتقتضيه مصلحة الاسلام والمسلمين بالدرجة الاولى! تماماً كما اقتضت مصلحة الاسلام عقد صلح الحديبية زمن الرسول الاكرم عليه وآله الصلاة والسلام مع المشركين .
    وبين هذا القول وذاك ما نظرتنا كعلويين لهذا الصلح وظروفه وهل نجد فيه أي تعارض مع قضية الامامة والخلافة الالهية كما يزعم البعض وخاصة ان الامامة لا يمكن ان تبطل بمجرد الابتعاد عن الحكم فجميع أئمتنا عليهم السلام لم يتسلموا زمام االسلطة -ماعدا أمير المؤمنين عليه السلام- لكنهم مارسوا دورهم الفاعل كحجج لله على أرضه؟!
    وكل التقدير والشكر لكم ولجهودكم الكريمة في خدمة الدين وأهله شيخنا الفاضل .. 1
  • الجـواب

    بسم الله الرحمن الرحيم
    والصلاة والسلام على محمد وآل بيته المعصومين.

    الأخت الكريمة علوية حتى النخاع تحية طيبة وبعد:

      أما موضوع زواج أم كلثوم من عمر بن الخطاب فلم يثبت بالدليل القطعي، وجوابنا هذا يأتي من خلفية تاريخية لا مذهبية، فلو صحّ بالدليل القاطع فلا مشكلة حوله على الصعيد المذهبي، وأظن أنّ البعض أثار هذه القضية مذهبياً وهذا خطأ كبير، بل من الواجب بحثه تاريخياً ليس إلا، هل حدث ذلك أم لم يحدث وما الدليل في حال ثبت، وأنا من خلال بحثي في أكثر المصادر التاريخية لم يثبت عندي هذا الحَدَث.

      أما قضية صلح الإمام الحسن فقد تناولتها في أكثر من موضع وهي كالتالي:

      إنّ صلح الإمام الحسن ومعاوية أمر دقيق السلك، خفيّ المسلك تأوّله جاهلون، وحرّفه متعصبون، وهو جَلي لمن أراد أن يَعي في قوله حين عتب على ذلك الصلح: [والله لو وجدت أنصاراً لقاتلت معاوية ليلي ونهاري.]، وقوله في المدائن في خطابه التاريخي: [علة مصالحتي لمعاوية علة مصالحة رسول الله لبني ضمرة، وبني الأشجع، ولأهل مكة حين انصرف من الحديبية، أولئك كفار بالتنزيل ومعاوية وأصحابه كفار بالتأويل.]

      فالإمام الحسن عليه السلام لم يُسالم معاوية رضاً به، ولا ترك القتال جُبناً عن القتال، ولا تجافى عن الشهادة طمعاً في الحياة، ولكنه صالح حين لم يبقَ في ظرفِه احتمالٌ لغير الصلح، وإنّه لو برز إلى ميدان الحرب مستميتاً لاستجاب بين يديه خواص شيعته المُخلصين لأهدافه السامية المُنصَبّة في مصلحة الأمة، فإنّما كانوا ينتظرون منه كلمته الأخيرة لخوض غمرات الموت، فقد قال في بعض أجوبته لمن اعترض عليه: [ما أردت بمصالحتي معاوية إلا أن أدفع عنكم القتل.] لأنهم لو قُتلوا معه لَقُتِلَ الإسلام برُمّته وانمَحت آثاره إذ أنهم من خيرة ونُخبة حملته، القائمين به، وأجلّة أصحاب الرسول صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين عليه السلام.

      فهذا الصلح ليس تنازلاً عن مبادئ وقيم بل تنازل عن إمارة لم تكن تساوي عند أمير المؤمنين شسع نعل إلاّ أن يُقيم حقاً ويهدم باطلاً وحديثه مع العباس مشهور.

    فقد اقتضت المصلحة العامة ذلك، والإمام المعصوم أدرى بمصالح المسلمين من أنفسهم، والخلافة شيء والإمامة الكلية شيء ثانٍ، يجتمعان في الإمام ويفترقان في غيره، أي أنّ الإمام يجمع بين الخلافة الزمنية والإمام الروحية وغيره يكون له الخلافة الزمنية دون سواها.

      وبالفعل فإن هذه المُصالحة كانت عبارةً عن معاهدةٍ انتهت بنقض معاوية لها، وهذه بنودها:

    1. تسليم الأمر إلى معاوية على أن يعمل بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسيرة الخلفاء الصالحين.
    2. أن يكون الأمر للحسن من بعده فإن حدث به حدث فلأخيه الحسين وليس لمعاوية أن يعهد به إلى أحد .
    3. أن يترك سب أمير المؤمنين والقنوت عليه بالصلاة وأن لا يذكر علياً إلا بخير.
    4. استثناء ما في بيت مال الكوفة وهو خمسة آلاف ألف فلا يشمله تسليم الأمر وعلى معاوية أن يحمل إلى الحسين كل عام الفي ألف درهم وأن يفضل بني هاشم في العطاء والصلات على بني عبد شمس وأن يفرق في أولاد من قتل مع أمير المؤمنين يوم الجمل وأولاد من قتل معه بصفين ألف ألف درهم وأن يجعل ذلك من خراج دار الجرد.
    5. على أن الناس آمنون حيث كانوا من أرض الله في شامهم وعراقهم وحجازهم ويمنهم وأن يؤمن الأسود والأحمر وأن يحتمل معاوية ما يكون من هفواتهم وأن لا يتبع أحداً بما مضى وأن لا يأخذ أهل العراق باحنة. وعلى أمان أصحاب علي حيث كانوا وأن لا ينال أحداً من شيعة علي بمكروه وأن أصحاب علي وشيعته آمنون على أنفسهم وأموالهم ونسائهم وأولادهم وأن لا يتعقب عليهم شيئاً، ولا يتعرض لأحد منهم بسوء ويوصل إلى كل ذي حق حقه، وعلى ما أصاب أصحاب علي حيث كانوا...وعلى أن لا يبغي للحسن بن علي ولا لأخيه الحسين ولا لأحد من أهل بيت رسول الله غائلة سراً ولا جهراً ولا يخيف أحداً منهم في أفق من الأفاق.

    فهذه هي معاهدة الصلح التي وقعت بين الإمام الحسن ومعاوية، ومن قراءة موادّها يتبيّن لنا خلفيّة الأمر وغايته، وفي كل الأحوال فهذه المعاهدة أو هذا الصلح لا يَمَسّ بقدسية الإمامة، ففي المنهاج العلوي يجوز للإمام أن يَستعمل التقية دون النبي.

      فهذا ما رأيت بيانه في هذا الخصوص، والقضية متشعبة وتحمل الكثير من القضايا العامة والخاصة، وغايتنا الجلاء باختصار دون الخوض في التفاصيل الجزئية ما دمنا فهمنا الكُليّة المطلوبة. 2

    والحمد لله رب العالمين

    حسين محمد المظلوم
    21\6\2011