رُواة السيرة النبوية الشريفة كثيرون.. وفيما يتعلق بالسيدة الكبرى خديجة رضي الله عنها فهناك الكثير من الغموض.. وتمَسّكنا برواية الخصيبي ليس عن هَوًى بل عن تحقيقٍ وتدقيقٍ...

أُضيف بتاريخ الأربعاء, 19/10/2011 - 06:41

المرسل: علوية حتى النخاع 13\10\2011م

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وآله..
فضيلة الشيخ سلام الله ورحمته عليكم
عند بيانكم لرواية الشيخ الخصيبي (قده) في إثبات أن السيدة خديجة كانت لاتزال على قيد الحياة وقت الهجرة، ورد في ذهني استفسار ألا وهو: هل هاجرت السيدة خديجة بعد هجرة النبي الأكرم صلوات الله عليه وآله ..؟
لاننا نقرأ عن لحاق الإمام علي عليه السلام به مع الفواطم ولم تذكر خديجة عليها السلام بينهن - على الأقل ضمن ماقرأت - ؟
فهل من الممكن توضيح ماكان من أمر السيدة خديجة عليها السلام بعد الهجرة النبوية .؟
وجزاكم الله خيراً
والسلام عليكم ورحمة الله .. 1
الجـواب

بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على محمد وآله.

الأخت الكريمة تحية طيبة

  إنّ الكُليات الأساسية في السيرة النبوية وردت في كتاب الله تعالى مشفوعة بتفسير المعصومين لتلك الآيات.
والجزئيات التفصيلية لتلك السيرة الشريفة وردت إلينا من طريق المعصومين بواسطة الرجال الصادقين، وقسمٌ آخر من طريق الصحابة بواسطة التابعين وتابعي التابعين.
ورُواة هذه السيرة الشريفة كثيرون على مختلف مذاهبهم، ومن هنا نلاحظ التضارب الشديد في بعض الجزئيات.
وقد لعبت السياسة دوراً أساسيا في تلك الأحداث فنفت وقائعاً ثابتةً وصنعت أخرى من نسج الخيال.
لذلك فإنه يتعذر الوصول إلى قضية كاملة إلا بعد عناءٍ طويلٍ.

  وفيما يتعلق بالسيدة الكبرى خديجة بنت خويلد رضي الله عنها فهناك الكثير من الغموض ليس على صعيد واحد بل على عدة صعد.

  • فقد اختلفوا في زواجها قبل الرسول وعدمه، ويا ليتهم وقفوا هنا بل اختلفوا في عدد تلك الزيجات، فمنهم من قال أنها تزوجت مرة واحدة، ومنهم من قال مرتين: من أبي هالة النباش بن زرارة وأنجبت منه ولداً أسمته هندا، ومن عتيق بن عابد المخزومي ورزقت منه بنتاً أسمتها هنداً أيضا.
    أما الشيخ الخصيبي فقد حسم القضية ونفى زواجها بالمُطلق بحديثٍ مُعتبر رواه عن الثقة الجليل جعفر بن محمد بن مالك الفزاري الكوفي رضي الله عنه، عن الثقة عبد الله بن يونس السبيعي، عن سيدنا المفضل بن عمر سلام الله عليه، عن المولى الصادق. ومن طريقٍ ثانٍ مفتاحه الوَلي الطاهر محمد بن إسماعيل الحَسني ثقة الإمام العسكري والمُحَدّث الصادق المَعروف أن كُلّ رواياته كانت مُباشرةً عن الإمام.
  • واختلفوا في كيفيّة زواجها من النبي، فراحَ كلٌ يَروي ما صَحّ عنده حتى أوردوا لنا العجب العجاب من تواسط خديجة وغير ذلك، أمّا شيخنا الخصيبي فقد حَسَم كُلّ جَدلً يتعلق بهذا الأمر بحديثٍ مُعتبرٍ مَفاده: أنّ خديجة عَرَضت عليه الأمر دون توَسُّطِ أحَدٍ فشاور عَمّه وتم الأمر .
  • واختلفوا في تحديد عمرها عند زواجها.
  • واختلفوا في عدد أولادها.
  • واختلفوا في تاريخ وفاتها، فمنهم من أكد أن وفاتها قبل وفاة أبي طالب، ومنهم من نفى ذلك وقال بعد وفاته، وهكذا إلى ما لا نهاية.
  • أما القضية الوحيدة التي لم يختلفوا حولها فهي عدم زواج النبي من غيرها في حياتها.
  وبالنسبة إلى السؤال المطروح فحوله الكثير من الغموض فلم نعثر على أي مصدر يروي لنا شيئاً يتعلق بها بعد الهجرة، وهذا لا يَنفي ما أثبتناه عن الخصيبي من أنّها كانت ليلة الهجرة في زاوية الدار ، فالذي نفى ذلك يستطيع نفي ما يَعقبُه، والله أعلم.

  وتمَسّكنا برواية الخصيبي ليس عن هَوًى بل عن تحقيقٍ وتدقيقٍ، فرجَالُه من الثقات الميامين الذين تشرّفوا بلقاء الإمامين العسكريين عليهما السلام، وَرَوُوا عنهما من دون وسيط.
فهو لم يَصنَعِ الحَدَث بل رواهُ عن رجالٍ صادقين، لم يلتفتوا إلى المَوضوعات، بل رووا ما رووه بكُل أمانة حتى انتهى سندهم بالإمام المعصوم.

حسين محمد المظلوم
14\10\2011