(علوم: الفلك، الحروف، الأرقام، الفراسة) .. هذه العلوم وغيرها معدنها ومنبتها بيت الحكمة وأهل العصمة.. أهل البيت عليهم السلام هم أساتذة البشر..

أُضيف بتاريخ الخميس, 15/09/2011 - 16:42

المرسل: فاطمة \03\09\2011م

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله كما هو أهله وصلى الله على محمد وآل بيته الغرّ الميامين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله الذي هداني إلى هذا المنبر الكريم الذي يشع بنور العترة الطاهرة كما حمده العارفون وكما ينبغي له...
حضرة العالم الجليل
لطالما تطالعنا الكتب القديمة والحديثة بشتى انواع العلوم في مجالات مختلفة ومنها على سبيل المثال لا الحصر علم الفلك وما يتصل به، علم الحروف والأرقام، علم الفراسة........
ولطالما علمت وتيقّنت أن العلوم الصحيحة الحقّة مهما تنوّعت وفي مختلف العصور والأزمنة (وإن كنت لا اعرف كيف ...) إنما ترجع إلى آل البيت الطاهر علينا من ذكرهم السلام ....
سؤالي عن العلوم التي ذكرتها ( علم الفلك ،علم الحروف والأرقام، علم الفراسة) هل يمكن ان تبين لنا هذه العلوم في مدرسة أهل البيت علينا من ذكرهم السلام ؟
هل يوجد كتب يمكن أن نقرأها عن هذا الموضوع ؟
دمتم بخير
والحمد لله رب العالمين 1
الجـواب

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآل بيته المعصومين وأصحابه المنتجبين.

  غير خاف على أهل البصيرة والبصر بأنّ موالينا أهل العصمة عليهم السلام هم معدن العلوم، وأساتذة البشر من دون أدنى شك أو نزاع.
وهذه بديهية غنية عن استحضار الدليل النقلي أو البرهان العقلي.
فقد صانوا العقل البشري من الانحراف والضياع في حركة تفسيره للمظاهر الوجودية والإشارات العلمية والحقائق الحياتية، فغدوا الأساس والميزان في واقع العلوم وسائر الفنون.

  إنّ كافة العلوم المتداولة بين العلماء وأرباب الفنون مشتقة من نور كلامهم السابق وهذا لا خلاف فيه، ومن يتمعن في أجوبتهم واحتجاجاتهم التي كانت تذهل العقول يتبين له ذلك جلياً.

  نعم إنّ أهل البيت هم أساتذة البشر وكيف لا يكون ذلك وهم ومن دون شك خلفاء الرسول وورثة علمه الذي لم يقتصر على معرفة الشرائع بل تعدّاها إلى كل علم يحتاجه الإنسان على صعيد المادة والروح وغيرهما.

  ولو عُدنا إلى مقدمة ابن أبي الحديد في وصف أمير المؤمنين والغور في محيط علمه الجامع لرأينا أنّ الجميع عيال عليه ومرجعهم إليه، ويُلخّص هذه الحقيقة قول الخليل بن أحمد الفراهيدي رحمه الله واضع علم العروض: احتياج الكل إليه واستغنائه عن الكل دليل على انه إمام الكل في الكل.
والقريب من هذا المعنى قول ابن سينا : علي في الناس كالمعقول في المحسوس.
وكما قال أحد العلماء فإنّ هذا التشبيه لا ينحصر في خصوصية أمير المؤمنين بل يتعدى إلى سائر الأئمة عليهم السلام.

  وبالعودة إلى أصل السؤال فمما لا شك فيه إن هذه العلوم وغيرها معدنها ومنبتها بيت الحكمة وأهل العصمة، ومن يُراجع ما ورد عن المعصومين في الكتب الحديثية يتيقن ذلك، وعلى سبيل المثال لا الحصر فها هو كتاب البحار الذي يحوي في طياته مئات الأخبار الدالة على هذه العلوم بإجمالٍ وتفصيلٍ وتحديداً في أجزائه 54-63، وكذلك فكتاب توحيد المفضل تناول الكثير من جزئيات علم الفلك.

  فعلمي الحروف والأعداد يرتبطان ببعضهما ارتباطاً وثيقاً والتفصيل يطول وليس هنا محله.

  أما علم الفراسة فلا يمكن اكتسابه نظرياً بل علمياً وهي تحصل – الفراسة – نتيجة مجاهدة روحية في دائرة العبادة الخالصة وفق الشريعة الغراء على مذهب المعصومين، فمن أخلص لله رفعه عن الغواية الإبليسية وهَيَّئه لمواجهة الكمالات، قال رسول الله صلى الله عليه وآله: اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله.

فالفراسة تحصل وفق سلوك عرفاني مَحض قوامه الشريعة السمحة ومنهج المعصوم بواسطة التأدب بآدابه قولاً وفعلاً، وهنا لا بد من توضيح التالي: إنّ كُلّ عرفاني صوفي، وليس كل صوفي عرفاني. والصوفية التي تُخالف الشريعة الإسلامية فهي زندقةٌ صَرفةٌ وأوهامٌ خاليةٌ من جوهر الحقائق، والصوفية الحقيقة هي الزهد في الحَرام والرُّغبة في الحلال ومراقبة الله في حالتي الخوف والرجا والسِرّ والعَلانية من دون انقطاع..

  وختاماً أقول: على العاقل أن يَطلب ما يُكمل به ذاته ويُجوهر صفاته، فالعلوم كثيرة وأجلّها: العلم بالله، والعلم بمُحبيه، والعلم بفرائضه والحفظ لها حتى تُؤَدّى كما أوضح الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم.

حسين محمد المظلوم
13\9\2011