ذكاء الفتاة العلوية + العبادات وفق النهج العلوي: المعاملات، الصلاة، الدعاء، التوسّل...

أُضيف بتاريخ الثلاثاء, 03/05/2011 - 04:19

المرسل: علوية حتى النخاع \ 01\05\2011م

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بداية أشكركم جزيل الشكر شيخنا الفاضل على اجابتكم الوافية والشافية عن أسئلتي السابقة  والتي استفدت منها خير استفادة فجزاكم الله عنا كل خير وسدد خطاكم
اسمحوا لي أن أخصص اسئلتي هذه المرة لما يتعلق بالعبادات وفق النهج العلوي
فلا شك ان الاختلافات بين المذاهب قد طالت حتى العبادات واختلفت الروايات والاجتهادات وهذا أدى ربما لوجود بعض العادات الدخيلة في عباداتنا فكان لابد أن نسلط الضوء عليها

وأبدأ السؤال بما يتعلق بالصلاة من وضوء ودعاء وقنوت وما الى ذلك
»   اولاً هل صحيح أنه لا تجوز الصلاة الا على الأرض أو مانبت منها من غير المأكول والملبوس يعني أنه لاتجوز الصلاة على سجادة الصلاة دون وجود أثر ما من الأرض !
»   ثانياً بالنسبة للدعاء والتوسل نحن نعرف أن توجهنا في أي دعاء يكون لله سبحانه وتعالى مع اختلاف الوسيلة في هذا التوجه لقوله تعالى " وابتغوا اليه الوسيلة" ووفق منهجنا يجوز التوسل بالانبياء والأولياء والصالحين قربى لوجه الله تعالى فماهي أصول هذا التوسل ! بمعنى أرجو أن توضح لنا مدى صحة استخدام هذه المصطلحات في الدعاء عند البعض كالقول : يامحمد أو ياعلي دون القول ياالله مع العلم أن النية ولاشك اعتبارهم وسيلة للتقرب الى الله سبحانه وتعالى وأن القصد لله وحده دون سواه فهل في هذا شرك بالله كما يدعي البعض والعياذ بالله ؟؟ أترك لكم مهمة توضيح هذا الامر شيخنا الكريم وذكر القواعد والاصول الصحيحة للتوسل ..
»   وهل لنا أن نستفيد منكم أيضاً بمعرفة بعض الأسباب التي تؤدي الى حجب الدعاء بنظركم؟
»   كما أرجو أن تعطينا فكرة عن القنوت وهل له أدعية خاصة وهل هو واجب في الصلاة أم مستحب ..
»   بقي أن أسألكم أن هناك أدعية واردة عن أئمة اهل البيت عليهم السلام فهل يجوز قراءة الأدعية من الكتاب أثناء الدعاء وخاصة بالنسبة للأدعية الطويلة في حال عدم حفظها؟


أكثرت من الأسئلة فاعذرونا على الاطالة وبارك الله بجهودكم الطيبة وجزاكم عنا كل خير بحق محمد وآل محمد صلوات الله عليهم أجمعين . 1
الجـواب

بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على محمد وآله

الأخت الفاضلة (علويةٌ حتى النخاع)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

لا تتصوّري مدى سروري لهذه المسائل الواردة منكنّ بالذات، لأنّ الفتاة العلوية اليوم هي الأم المُرَبّية في الغَد، وهي الأقرب إلى أبنائها والأكثر تأثيراً على توجّهاتهم وتفكيرهم، فهي مدرستهم الأولى التي يَنهلون منها النمير العَذب بحيث تترسّخ في وجدانهم وتنمو مع نمو عقلهم ليقابلون في الخارج ما اكتسبوه من هذا الداخل الصادق.

والسبب الثاني لسروري هو: تفنيد مزاعم الخَرّاصين الذين يَفترون قائلين أنّ المرأة العلوية جاهلةٌ ويَنعتونها بأقبح الصفات، وفي الحقيقة فـهُم يُلصقون بها ما انطبَعَ في ذَواتهم النّافرة ونفوسهم الحائرة التي لم تنعم بسَمَاحة الإسلام، فالمرأة العلوية: شُعلة وقادة من الذكاء لو أتيح لها المجال في الماضي المُؤلم والذي لم يَتسنّ حتى لأكثر الرجال، والبعض سيزعم أنّ في قولي مُبالغة، وهنا أحيلهم إلى نابغةٍ علويةٍ وهي فتاةُ غسّان وأخواتها، بنات العلاّمة الأوحَد الإمام الشيخ سُليمان الأحمد وغيرهن الكثيرات. 2

أتمنى لك التوفيق والزيادة ودعوة المصونات لطلب العلم حباً به أولاً، ودحضاً للمفتريات ثانياً.

  أما بالنسبة لما سألتِ عنه فلا بُد من طرح هذه المُقدّمات:

العبادات الشرعية: هي كل ما فيه نيّة القربى إلى الله تعالى، فلا تصح الصلاة أو الزكاة أو الصيام وغيرها من دون نيّة لقول رسول الله (ص) : [النيّة سابقة العمل].

أما المعاملات فلا تشترط النيّة بل موافقتها لكتاب الله كالزواج والطلاق والتجارة والمُزارعة والمُساقاة وغيرها من المعاملات الفردية والجماعية فيجب أن تُراعى فيها النصوص الدينية خوفاً من الدخول في الحرام، فعلى سبيل المثال (التجارة) فإنّها تشترط معرفةً بأصولها لقول رسول الله (ص) [من أتجر من غير فقه اصطدم بالربا]، وأمثلة كثيرة.

والصلاة معراج المؤمن وهي صِلة العبد بالله وانقطاعه عن سواه، وهي مقدمات وأقوال وأفعال معروفة، وقد وضعت كتاباً بهذا الخصوص وسيصدر قريباً إنشاء الله اسمه ( الصلاة معراج المؤمن) تناولت فيه جميع ما يتعلق بهذه العبادة الواجبة من كُليات وجزئيات.

وللصلاة واجبات ومُستحبات، فالواجبات ضرورية ولا يجوز الإخلال بها أو تركها، والمستحبات ليست واجبة يُثاب فاعلها ولا يُعاقب تاركها وهي الزيادة على الفرائض.

  أما سؤالك عمّا يجوز السجود عليه ولا يجوز: فهذه القضايا الفقهية لا يجوز القول فيها إلا بالأثر عن المعصومين وإليك هذين الموردين القطعيين:

قال أمير المؤمنين عليه السلام: [لا يسجد الرجل على صورة، ولا على بساط هي فيه، ويجوز أن تكون الصورة تحت قدميه، أو يطرح عليها ما يُواريها.]
وقال عليه السلام: [لا يسجد الرجل على كدس حنطة (الحَب المحصود المَجموع)، ولا على شعير، ولا على شيء ممّا يُؤكل، ولا على الخبز.]
وبالنتيجة فلا يجوز السجود إلا على الأرض، أو ما أنبتته إلا ما أُكل أو لُبس، والعِلة في ذلك أبانَ عنها الإمام الصادق عليه السلام حيث يقول:
[لأن السجود خضوع لله عزّ وجلّ، فلا ينبغي أن يكون على ما يُؤكل ويُلبس، لأن أبناء الدنيا عبيد ما يأكلون ويلبسون، والساجد في سجوده في عبادة الله عزّ وجلّ، فلا ينبغي أن يضع جبهته في سجوده على معبود أبناء الدنيا الذين اغتروا بغرورها.]
أما السَجّادة المُخصصة للصلاة: فيجوز السجود عليها ولا مانع من ذلك وهي تصنع من مواد خالية من المحظور، وأما الدليل على جواز السجود عليها قول الإمام [لا يسجد الرجل على صورة ولا على بساط هي فيه]، فأجاز السجود على البساط ولم يُجزه على الصورة المرسومة فيه، فالمَنع تعييني وليس مُطلق، والبساط في ذلك الزمن هو ما يُسمّى في عصرنا بالسَجّادة واللفظ يختلف باختلاف لهجات الأقطار.

ومن الأمور المتعلقة بمواضع السجود: طهارتها وإباحتها، والمُراد بالإباحة أن تكون مَملوكة أو مَخصوصة للصلاة كالمساجد أو مأذونة من قِبَل أصحابها.

  أما سؤالك عن الدعاء والتوسل فهذا بَيَـانه:

التوسل يفيد معنى التقرّب، والوسيلة ما يُتقرب به إلى الغير، وهو جائزٌ شرعاً، ويأتي على نوعين أبان عن الأول أمير المؤمنين عليه السلام بقوله:

[ إنّ أفضل ما توسّل به المتوسلون إلى الله سبحانه وتعالى الإيمان به، وبرسوله، والجهاد في سبيله فإنّه ذروة الإسلام، وكلمة الإخلاص فإنها الفطرة، وإقام الصلاة فإنها الملة، وإيتاء الزكاة فإنها فريضة واجبة، وصوم شهر رمضان فإنه جُنة من العقاب، وحج البيت وإعتماره فإنهما ينفيان الفقر، ويرحضان الذنب، وصِلة الرَحم فإنها مَثراة في المال، ومَنساة في الأجل، وصَدقة السر فإنها تكفر الخطيئة، وصدقة العلانية فإنها تدفع ميتة السوء، وصنائع المعروف فإنها تقي مصارع الهوان.]
فإنّ هذه العبادات والفرائض والأعمال الصالحة هي الوسيلة والقُربى إلى الله جلّ وعلا.
أما النوع الثاني فهو التوسل والدعاء بـ:
  • أسماء الله الحسنى، لقوله تعالى: ( وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ فَادْعُوهُ بِهَا.)
  • وبالقرآن، لقول رسول الله: [واسألوا الله تبارك وتعالى به-القرآن- قبل أن يجيء قوم يسألون به الناس.]
  • وبالنبي، لورود أدعية لأمير المؤمنين يتوسل بالنبي صلى الله عليه وآله.
  • وبالأنبياء، لورود ذلك عن رسول الله حينما دفن فاطمة بنت أسد.
  • وبالأئمة المعصومين، لأن الرسول قرنهم بنفسه وبكتاب الله.
  • وبالأولياء الصالحين، لقربهم من الله وإخلاصهم له.
  • وبالنتيجة فمن يَقبل الله شفاعته يَقبل التوَسُّل به.

وأول من أفتى بحرمة التوسل بغير الله: ابن تيمية الحراني ، وأطلق الكفر على فاعله مُتوهّما شرك ذلك لعدم تفريقه بين الوسيلة والغاية، فمُجيب الدعاء هو الله وليس النبي أو الوصي أو الولي بل هم أسباب القبول لما لهم من مكانة عند الله، وقد قلّد ابن تيمية على هذه الفتوى الباطلة: أبناء المذهب الوهابي، وردّ عليه الكثيرون من عُلماء السنة ذكرت أسماءهم في الجزء الثاني من كتاب ( المسلمون العلويون بين مفتريات الأقلام وجور الحُكّام ).

  أما القواعد والأصول الصحيحة للتوسل فهي:

الطهارة القلبية والجسدية، والنية الصادقة، والإقبال على الله والاستهلال بذكره، والصلاة على رسوله، والترضي على أوليائه، والتوسل به وبكتابه وأنبيائه وأوصيائه وأوليائه، وأن يكون في طلب الخير والمُمكن، بقلبٍ تقيّ، وصَدرٍ نقيّ، وعقل رَضيّ.

  أما أسباب احتجاب الدعاء وحرمان القبول: فظلم العباد، والمَعاصي المَانعة من التوجّه الصادق إلى الله، وأكل الحَرام وفِعله، وأمور كثيرة لا تُحصى، وبالنتيجة: فِعلُ كلّ ما لا يُرضي الله.

  أما القنوت: هو مُطلق الذكر والدعاء، فلا يُشترط فيه قول مَخصوص، ومَحله في الركعة الثانية قبل الركوع، وهو من المُستحبات الأكيدة في جميع الفرائض اليومية ونوافلها، وليس واجباً، ويستطيع المُصلي أن يتوسّل بأدعية المَعصومين، أو يصلِّ على النبي وآله ويدعو بما يشاء أي يَرتجل الدعاء ارتجالاً.

  أما قراءة أدعية المعصومين من الكتاب لعدم حفظها: فهو جائز، ولكن ليس في موضوع القنوت لعدم التمكّن من ذلك، بل يُستحسن أن يكون في موضع التعقيب. والتعقيب هو الدّعاء عقب الصلاة _ بعد التسليم_ وهو مُستحب أيضاً، ويُفضّل قراءة الأدعية الواردة عن أهل البيت عليهم السلام، مع عدم اشتراطه.

  أما قولكِ: أكثرتُ من الأسئلة، فهذا حقكِ، واسألي كما تشائين، أكثر الله من أمثالك. والحمد لله رب العالمين.

حسين محمد المظلوم
2\5\2011م