الاستعانة المطلقة لا تكون إلا بالله.. الاستغاثة تكون بالأنبياء والأوصياء.. الدعاء يشترط الاستكانة والخضوع.. النداء باسم النبيّ أو الإمام المعصوم فهو للتقرّب منهما إلى الله تعالى.. إن الأنبياء والأوصياء والأولياء هم الوسيلة إليه تعالى...

أُضيف بتاريخ الخميس, 12/07/2012 - 16:02

المرسل: أبو اسكندر \27\04\2012م

بسم الله والحمد لله وصلى الله على سيدنا محمد وآله ومن والاه..
السلام عليكم فضيلة الشيخ حسين محمد المظلوم ورحمة الله وبركاته
سيدي الفاضل: الإستعانة، الإستغاثة، التوسّل، النداء، طلب الدعاء، الشفاعة، إلى ما هنالك، ما هي معاني هذه الألفاظ وهل يجوز طلبها من غير الله سبحانه وتعالى، وهل تُطلب من الأموات والأحياء، كالأنبياء والأوصياء والأولياء الصالحين والوالدين وغيرهم..
هل من ضرورة لوجود واسطة بين العبد وخالقه، ولماذا؟
كثيرون يجري على لسانهم نداء: يا محمد، يا عيسى، يا مريم، يا صدّيق، يا عمر، يا علي، يا حسين، يا عباس، يا وليّ الله الفلاني..... فهناك من يعيب هذه النداءات ويُرَتّب عليها ما يُرتّب، وهناك من لا يرى فيها أي عيب.. فهل لهذه النداءات أصول وآداب معيّنة إن كان في القول أو في النيّة...
هذا موضوع أخذ ورد ما بين المتصارعين والمُفتين والمُفتنين في المنتديات الإلكترونية فمنهم من يجيز ومنهم من يُكفّر ومنهم ومنهم.. فهل تكرّمتم علينا سيدي الفاضل بشرح وافٍ مفيد عن هذا الموضوع وما قول الدين الإسلامي فيه..
فضلكم سابق ودائم عظّم الله أجركم ونحن لكم من الشاكرين والسلام عليكم سيدي. 1
الجـواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين الملك الحق المبين والصلاة والسلام على محمد وآل بيته المعصومين وأصحابه المنتجبين والتابعين لهم بإحسان إلى يوم القيامة والدين.

  الأخ الكريم السيد أبو إسكندر الموقر.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

  الاستعانة المطلقة لا تكون إلا بالله لقوله تعالى إياك نعبد وإياك نستعين.
والاستغاثة تكون بالأنبياء والأوصياء لقوله تعالى: ﴿ وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِّنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَذَا مِن شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِن شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِينٌ ﴾ [القصص:15]
والدعاء يشترط الاستكانة والخضوع، والفرق بينه وبين النداء هو أنّ النداء رفع الصوت بما له معنى، أما الدعاء فيكون برفع الصوت وخفضه وأصله طلب الفعل.
والشفاعة معروفة وقد أتينا عليها في مسائل سابقة. 

  وفي كل الأحوال فطلب الفعل لا يكون إلا من الله سبحانه وتعالى لأنه القادر على ذلك ووليه، وفي منهاجنا فإنّ الأنبياء والأوصياء والأولياء هم الوسيلة إليه، ولكن الفاعل هو الله تبارك وتعالى بشفاعة الأنبياء والصالحين، وهذا لا يعني التوسّط بل هو وسيلة من وسائل القبول. قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ﴾ [قـ:16]

  والذين رفضوا ذلك وأنكروه أشد إنكار هم ابن تيمية ومن قلّده، وفي عصرنا الحالي فهم الوهابيّون الذين يَرَوون في ذلك شركاً وذلك لضيق آفاقهم عن فهم أصول الإسلام.

  أما النداء الذي يجري على ألسن الناس فلا يترتّب عليه ما يُخرج صاحبه عن أصول التوحيد، فالنداء باسم النبيّ أو الإمام المعصوم فهو للتقرّب منهما إلى الله تعالى قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُواْ فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [المائدة:35]

  فالوسيلة في الأصل بمعنى نشدان التقرّب أو طلب الشيء الذي يُؤدّي إلى التقرّب للغير عن مَيلٍ ورغبة، وهي تشمل كُلّ عملٍ أو شيءٍ يُؤَدّي إلى التقرّب إلى الله، وخير دليلٍ خطبة الوسيلة لأمير المؤمنين الواردة في كتاب تحف العقول. 

  فشفاعة الأنبياء والأوصياء والأولياء داخلةٌ في المفهوم الواسع لكلمة الوَسيلة، وكذلك إتّباع النبي والوصي كل ذلك يُقَرّبُ إلى الله، والقَسَم على الله بمقام الأنبياء والأوصياء والصالحين داخلٌ أيضاً في مفهوم الوسيلة.

  فـ التوسّل لا يعني طلب الشيء من شخص النبي أو الوَصي أو الوَلي، بل يعني طلب الشفاعة منهم إلى الله، بمعنى أن يُقسِمَ الطالب بِجَاهِهِم ويَطلب من الله بذلك حاجته.

  فهناك آيات تدل على أنّ التوسّل بمقامِ إنسانٍ صالحٍ عند الله وطلبُ شيءٍ من الله عن طريقِ التوسّل بجاهِ هذا الإنسان لا يُنافي التوحيد لقوله تعالى: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللّهَ تَوَّاباً رَّحِيماً ﴾ [النساء:64]

  وهناك رواياتٌ عديدةٌ في كُتُبِ الفريقَين تُجيز ذلك ولا تَرَى فيه ما يُنافي التوحيد المُبْرِء من الشرك.

حسين محمد المظلوم
11\6\2012