ج6: ما القول في المختار الثّقفيّ ؟!..

أُضيف بتاريخ الأثنين, 30/03/2015 - 14:19

السائل: غانم في 08\01\2015م

بسم الله الرحمن الرحيم
فضيلة سيدي الشيخ سلام عليكم ورحمة من لدنه وبركاته عندي سوال لفضيلتكم:
ماهي مكانة المختار الثقفي الذي طالب بالثأر لسيدنا الحسين عندنا نحن المسلمين العلويين ؟
وشكرا لغيرتكم وحرصكم على أن ننهل المعرفة الحق والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بَيَانُ الإِجَابَةِ عَنِ السُّؤَالِ

 

الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِيْنَ، وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى خَاتَمِ النَّبِيِّيْنَ وَآلِهِ وَأَصْحَابِهِ الطَّاهِرِيْن.

أَمَّا بَعْدُ: فَالسَّلامُ عَلَيْكُم وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُه.

الكُتَّابُ فِي أَمْرِ المُخْتَارِ الثَّقَفِيّ، فَرِيْقَانِ:

  • أَحَدُهُمَا: يُعَظِّمُهُ وَيَشْهَدُ لَهُ بِالقَدْرِ الرَّفِيْعِ.
     
  • وَالآخَرُ: يَتَّهِمُهُ بِالخِيَانَةِ وَطَلَبِ المُلْكِ.

وَحُجَّةُ مَنْ يُعَظِّمُهُ: أَنَّهُ خَرَجَ يَطْلُبُ ثَأْرَ الإِمَامِ الحُسَيْنِ ، وَأَنَّ الإِمَامَ عَلِيَّ بنَ الحُسَيْنِ ، دَعَا لَهُ، وَدُعَاؤهُ دَلِيْلٌ عَلَى أَنَّهُ مِنَ الأَخْيَارِ.

وَمِمَّا جَاءَ فِي هَذَا، مَا قَالَهُ الشَّيْخُ جَعْفر بن نَمَا، فِي كِتَابِهِ ( شَرْح الثَّأْر ):

(( اعْلَمْ أَنَّ كَثِيْرًا مِنَ العُلَمَاءِ لا يَحْصُلُ لَهُمُ التَّوْفِيْقُ بِفِطْنَةٍ تُوْقِفُهُم عَلَى مَعَانِي الأَلْفَاظِ... وَلَو تَدَبَّرُوا أَقْوَالَ الأَئِمَّةِ فِي مَدْحِ المُخْتَارِ لَعَلِمُوا أَنَّهُ مِنَ السَّابِقِيْنَ المُجَاهِدِيْنَ الَّذِيْنَ مَدَحَهُمُ اللهُ تَعَالَى  فِي كِتَابِهِ المُبِيْن، وَدُعَاءُ زَيْنِ العَابِدِيْنَ للمُخْتَارِ، دَلِيْلٌ وَاضِحٌ وَبُرْهَانٌ لائِحٌ عَلَى أَنَّهُ عِنْدَهُ مِنَ المُصْطَفَيْنَ الأَخْيَارِ، وَلَوْ كَانَ عَلَى غَيْرِ الطَّرِيْقَةِ المَشْكُورَةِ وَيَعْلَمُ أَنَّهُ مُخَالِفٌ لَهُ فِي اعْتِقَادِهِ، لَمَا كَانَ يَدْعُو لَهُ....وَإِنَّمَا أَعْدَاؤهُ عَمِلُوا لَهُ مَثَالِبَ لِيُبْعِدُوهُ مِنْ قُلُوبِ الشِّيْعَةِ...)) 1

وَقَسَمَ السَّيِّدُ الخوئِيّ مَا جَاءَ فِيْهِ مِنَ الأَخْبَارِ عَلَى مَادِحَةٍ وَذَامَّةٍ، وَضَعَّفَ الأَخْبَارَ الذَّامَّةَ الَّتِي نُسِبَتْ إِلَى الأَئِمَّةِ، وَمِنْهَا قَولُ الإِمَام الصَّادِق : كَانَ المُخْتَارُ يَكْذِبُ عَلَى عَلِيِّ بنِ الحُسَيْن.

وَمِنْهَا أَنَّ المُخْتَارَ أَرْسَلَ إِلَى زَيْن العَابِدِيْن بِهَدَايا، فَلَمْ يَقْبَلْهَا الإِمَامُ .

وَمِنْ كَلامِ السَّيِّدِ الخوئي بَعْدَ هَذَا: (( هَذِهِ الرّوَايَاتُ ضَعِيْفَةُ الإِسْنَادِ جِدًّا.)) 2

وَمُلَخَّصُ مَا قَالَهُ: ذَهَبَ بَعْضُهُم إِلَى أَنَّ المُخْتَارَ لَمْ يَكُن حَسَنَ العَقِيْدَةِ، وَأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ النَّارَ، وَلَكِنَّهُ يَخْرُجُ مِنْهَا بِشَفَاعَةِ الحُسَيْنِ ، وَكَانَ المَجلِسِيّ يَمِيْلُ إِلَى هَذَا الرَّأْي، وَاسْتَنَدَ القَائِلُ بِذَلِكَ إِلَى رِوَايَتَيْنِ، وَهُمَا ضَعِيْفَتَانِ.

إِنَّ خُرُوجَ المُخْتَارِ طَالِبًا ثَأْرَ الإِمَامِ الحُسَيْنِ لا شَكَّ فِي أَنَّهُ كَانَ مَرْضِيًّا عِنْدَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَالأَئِمَّةِ...

إِنَّ مَا نَسَبَهُ بَعْضُهُم إِلَى المُخْتَارِ أَنَّهُ دَعَا إِلَى إِمَامَةِ مُحَمّد بن الحَنَفِيّةِ، هُوَ قَولٌ بَاطِلٌ.3

وَالفَرِيْقُ الَّذِي يَتَّهِمُهُ بِسَبَبِ مَا أَشَرْتُ إِلَيْهِ مِنَ الرّوَايَاتِ، وَمِنْهَا أَنَّهُ نُسِبَ إِلَيْهِ تَجْوِيْزُهُ تَسْلِيْمَ الإِمَام الحَسَن بَعْدَ أَنْ جُرِحَ، إِلَى مُعَاوِيَة. 4

وَمِنْهُ فِي كِتَابِ الفَرقِ بَيْنَ الفِرَق، فَقَدْ جَاءَ فِيْهِ أَنَّ المُخْتَارَ تَكَهَّنَ وَادَّعَى نُزُولَ الوَحْي عَلَيْهِ. 5

وَعَلَّلَ الشَّيْخ مُحَمّد السَّنَد الطُّعُونَ عَلَى المُخْتَارِ بِأَسْبَابٍ مِنْهَا القُصُورُ عَنْ فَهْمِ مَعَارِفِ أَهْلِ البَيْتِ. 6

وَقَالَ السَّيِّدُ مُحسن الأَمِيْن:

(( المُخْتَار الثّقَفِيّ كَانَ طَالِبَ مُلْكٍ، لا غَالِيًا فِي التّشَيُّعِ، وَقَيَّضَهُ اللهُ تَعَالَى للأَخْذِ بِثَأْرِ الحُسَيْنِ فَاسْتَعَانَ بِالشِّيْعَةِ عَلَى ذَلِكَ.)) 7

وَلِذَلِكَ فَالقَولانِ مُحْتَمَلانِ حَتَّى تُحَقَّقَ الأَخْبَارُ وَالرّوَايَاتُ، تَحْقِيْقًا يَبُتُّ هَذَا الأَمْرَ.


وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ [ سورة يوسف 76 ]

ثُمَّ الحَمْدُ للهِ وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ وَآلِهِ وَأَصْحَابِهِ. 

كَاتِبُهُ 
تَمَّام أَحْمَد
2\3\2015

 

  • 1بحار الأنوار مج18\775.
  • 2معجم رجال الحديث 18\97.
  • 3معجم رجال الحديث 18\98 ـ 100.
  • 4بحار الأنوار مج18\278. وضعفها السيد الخوئي.
  • 5الفرق بين الفرق 46.
  • 6الغلو والفرق الباطنية 285.
  • 7أعيان الشيعة 1\95.