ج16 : في الكلام على إقامة الحدود اختلافٌ نشأ من تفسيرها، والناس في أمرها فريقان... على أنَّ الواجب تهذيب المخطئ وإصلاحه...

أُضيف بتاريخ الأثنين, 31/08/2015 - 08:52

السائل: ربيع معين سليمان الحربوقي في 5\2\2015م
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سؤال مرفوع الى فضيلة الشيخ تمام أحمد حفظه الله:
من اليقيني أن ما أقرّته الشريعة المحمدية الغرّاء قائمٌ إلى يوم القيامة والدين؛ غير أنّ بعض أحكامه قد أُقصِيَت بحكم عامل الزمن مثل أقامة الحد على الزُناة رجماً أو جلداً أو قطع يد السارق وغيرها من الأحكام ؛ والسؤال هو :
إلى أي مدى أو ماهي الأحكام التي يمكن للعباد تغييرها أو تبديلها لتغير أو انتفاء أسبابها الزمنية و الوضعية؟


بَيَانُ الإِجَابَةِ عَنِ السُّؤَالِ

 

الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِيْنَ، وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى خَاتَمِ النَّبِيِّيْنَ وَآلِهِ وَأَصْحَابِهِ الطَّاهِرِيْن.

أَمَّا بَعْدُ: فَالسَّلامُ عَلَيْكُم وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُه.

فِي الكَلامِ عَلَى إِقَامَةِ الحُدُودِ اخْتِلافٌ نَشَأَ مِنْ تَفْسِيْرِهَا، وَالنَّاسُ فِي أَمْرِهَا فَرِيْقَانِ:

  1. مِنْهُم مَنْ يَحْمِلُهَا عَلَى لَفْظِهَا فَيَقُولُ بِقَطْعِ يَدِ السَّارِقِ وَرَجْمِ الزَّانِي عَلَى أَنَّهَا عُقُوبَةُ الجَسَدِ.
     
  2. وَمِنْهُم مَنْ يُفَسِّرُهَا عَلَى أَنَّهَا مِنْ بَابِ التّوبِيْخِ وَالتَّأْنِيْبِ، فَيَذْهَبُ إِلَى أَنَّ المُرَادَ بِالقَطْعِ: مَنْعُ أَسْبَابِ السَّرِقَةِ، وَكَذَلِكَ الضَّرْبُ وَالرَّجْمُ وَمَا شَاكَلَهُ، عَلَى أَنَّ الوَاجِبَ تَهْذِيْبُ المُخْطِئِ وَإِصْلاحُهُ لِمَنْعِهِ مِنَ السَّرِقَةِ وَمِنَ الزِّنَا، كُلٌّ وَمَا يَصْلُحُ فِي زَمَانِهِ.

وَقَبْلَ هَذَا فَإِنَّ إِثْبَاتَ الزِّنَا يَكَادُ يَتَعَذَّرُ لِشِدَّةِ شُرُوطِ إِثْبَاتِهِ التّي تُوجِبُ المُعَايَنَةَ كَمُعَايَنَةِ المِيْلِ فِي المُكْحُلَةِ.

وَمِنَ الآرَاءِ الجَيِّدَةِ فِي هَذَا، قَولُ الشَّيخ مُحَمّد جواد مغنية، رَحِمَهُ اللهُ:

(( جَاءَ فِي رِوَايَاتِ أَهْلِ البَيْتِ أَنَّ عَلَى الإِمَامِ أَنْ يُزَوِّجَ الزَّانِيَةَ رَجُلاً يَمْنَعُهَا مِنَ الزِّنَا.

قَالَ الإِمَامُ البَاقِرُ أَبُو الإِمَام جَعْفَر الصَّادق : قَضَى عَلِيٌّ أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ فِي امْرَأَةٍ زَنَتْ وَشَرَدَتْ أَنْ يَرْبُِطَهَا إِمَامُ المُسْلِمِيْنَ بِالزَّوْجِ كَمَا يُرْبَطُ البَعِيْرُ الشَّارِدُ بِالعِقَالِ.

وَالمُرَادُ بِإِمَامِ المُسْلِمِيْنَ: الدَّوْلَةُ، أَمَّا العِقَالُ فَكِنَايَةٌ عَنِ الزَّوْجِ القَوِيِّ الذّي يَسُدُّ حَاجَتَهَا وَيَمْنَعُهَا مِنَ الزِّنَا.

بِهَذَا المَنْطِقِ المَعْقُولِ يُقْضَى عَلَى الجَرِيْمَةِ وَالفَاحِشَةِ، لا بِالحِكَمِ وَالمَوَاعِظِ وَلا بِالتَّأْنِيْبِ وَالتَّوبِيْخِ.)) 1

وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ [ سورة يوسف 76 ]

ثُمَّ الحَمْدُ للهِ وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ وَآلِهِ وَأَصْحَابِهِ. 

كَاتِبُهُ 
تَمَّام أَحْمَد
1\6\2015

 

  • 1فقه الإمام جعفر الصادق6\253.