حديث الكِساء

أُضيف بتاريخ الأربعاء, 10/11/2010 - 18:02

أتى هذا الكاتب على ذكر فرقة أطلق عليها إسم ( أصحاب الكِساء ) وهذا الإسم لم نسمع به إلا من خلاله، وراح يذكر عقائدهم بعد أن عرّف بأنّهم ( من الشيعة الغلاة ) فقال أنهم يقولون:

أنّ أصحاب الكِساء خمسة وهم النبي محمد، وعلي بن أبي طالب، وفاطمة، والحسن، والحسين. فهؤلاء الخمسة كساهم الله، أي تلبّسهم وحلّ فيهم، وهم جميعاً سواء.

إلى ما هنالك من الخرافات المنقولة التي مللنا من سماعها.
وقال أيضاً على سبيل التمويه: ( ولذلك أطلقوا عليهم إسم العليائية والعلياوية ) .

فأقول:
إنّ الفرقة العلياوية أتى على ذكرها صاحب كتاب "الملل والنحل" وبِغَضّ النظر عمّا إذا كانت موجودة على أرض الواقع أم فقط في خيال الشهرستاني وأمثاله فإنّ عقائدها تختلف مع هذه الفرقة التي ذكرها هذا الكاتب، والذي غيّر إسمها وأطلق عليها إسم ( أصحاب الكِساء ) وذلك لغاية تحريف معنى الحديث، ولينقل للناس أمراً يهمّه وهو أنّ القائلين بحديث الكِساء الوارد ذكره في بعض الإصحاحات وغيرها من الكتب المعتبرة، يعتقدون هذا الإعتقاد الذي ذكره من حلول الباري في هؤلاء الخمسة، والذي يؤكد مقصده هذا، قوله أنّهم (من الشيعة الغلاة)، إيهاماً للناس بأنّ الشيعة كلهم غلاة، فلو قال أنّهم (من غلاة الشيعة) لاختلف الأمر، فغلاة الشيعة إن كانوا موجودين فعلاً كما ذكر المؤرخون فقد انقرضوا كما أثبت ذلك المحققون في كتبهم.

  وفي الختام نقول :
أنّه لا يوجد من فرق الإمامية الإثني عشرية من يقول ويعتقد بأنّ الله حلّ في هؤلاء الخمسة أو تلبّسهم (والعياذ بالله) لأنّ الله سبحانه وتعالى منزّه بذاته وصفاته التي ليست غير ذاته عن الحلول والأفول، والطلوع والنزول، وصفات العمق والعرض والطول. وكذلك لا يوجد منهم من يقول بأنّهم كلهّم واحد كما ادّعى هذا الناقل عن أصحاب الأغراض والأهواء من دون تمحيص، وكذلك لا وجود لفرقة بهذا الإسم على الإطلاق (أي أصحاب الكساء).

أمّا العليائية أو العلياوية فالفضل في وجودها يعود إلى خيال الشهرستاني وغيره من الذين اختلقوا هذه الفِرَق لأهداف لا تخفى على المُنصفين من أهل النظر والخبر.

وأمّا حديث الكساء فهو ثابتٌ وصحيحٌ رواه المُحققون من علماء الفريقين وهو يدل على عصمتهم عليهم السلام كما أثبتنا ذلك سابقاً.
وأمّا الذي كساهم بكِسائه دون سواهم فهو الرسول الأكرم ص وآله كما روى ذلك مسلم في صحيحه والترمذي وغيرهم الكثير...

وإنّ هذا الكاتب دابه تشويه الحقائق، وتحريف الثوابت، ونقلها بصورة مشوّهة كما يحلو له، وذلك لغاية الطعن بالقائلين بها... كقوله أنّ الإمام الصادق عليه السلام تبرّأ من خصائص مذهب الرافضة (ويُريد بهم الشيعة) في الغيبة والرجعة والبداء، والتناسخ والحلول والتشبيه.
فهذا كلام معلول ترفضه أهل العقول لافتقاره إلى الدليل المنقول.
فكيف يتبرّأ الإمام ع من خصائص هو الذي أوضحها لشيعته ومواليه، ومعالم صرّح بها لمحبيه وتابعيه؟ وأمَرَهم بالتمسك بها حيث يقول: ( ما عبد الله بشيء مثلُ البداء ) .
وقال ع : ( ما عُظّم الله بمثل البداء ) .
وقال ع : ( إنّ لصاحب هذا الأمر غيبة، المتمسك فيها بدينه كالخارط للقتاد ) "القتاد: شجر ذو شوك صلب" ، ثم قال هكذا بيده "أي أشار بيده تمثيلاً لخرط القتاد) فأيّكم يمسك شوك القتاد بيده؟ ثم أطرق ملياً، ثم قال: ( إنّ لصاحب هذا الأمر غيبة، فليتقِ الله عبدٌ وليتمسك بدينه ) .
وقال ع : ( إن بلغكم من صاحب هذا الأمر غيبة فلا تنكروها ) .
وعنه أيضا ع أنّه قال: ( من أقرّ بسبعة أشياء فهو مؤمن، وذكر منها الإيمان بالرجعة ) . 1

إلى ما هنالك من الأحاديث الكثيرة الواردة عنه وكلها تدل على حقيقة الرجعة والغيبة والبداء ، فمن أين لهذا المتقوّل أن ينسب إلى الإمام الصادق ما لم يقله.

  • 1 كل أحاديث الرجعة والغيبة والبداء منقولة عن كتاب الكافي للثقة الكليني الجزء الأول.