تفضيل الصحابة

أُضيف بتاريخ الأربعاء, 10/11/2010 - 18:02

لقد أتانا هذا الكاتب باسم جديد لفرقة جديدة، وهي (التفضيلية) قال:

هم أصحاب الدعوى أنّ علياً هو المفضّل من الصحابة ليحوز الخلافة بعد النبي، فهو أفضلهم، بمعنى الصحابة أصحاب فضل، ويبذهم علي، ولم يكونوا يسبّون الصحابة لذلك، ولا رموهم بالكفر.

وذكر منهم ثلاثة أشخاص قالوا بذلك وهم: أبو الأسود الدؤلي، وتلميذه أبو سعيد يحيى بن معمر، وسالم بن ابي حفصة.

ثم أراد أن يتناكر أفضلية أمير المؤمنين عليه السلام بقول منسوب إليه لم يذكر لنا مصدره، ولن يستطيع ذِكرَهُ لعدم صحّته، والقول المنسوب هو: "لئن سمعتُ أحداً يُفضّلني على الشيخين أبي بكر وعمر – رضي الله عنهما لأحدّنه حدَّ الفرية".
وذكر خطبة أيضاً زعم أنّها للإمام (ع) تثبت ذلك لا حاجة لنا بذكرها وذلك لعدم صحتها ولا فرق بينها وبين هذا القول المنسوب، الذي يتناقض مع الأحاديث المعتبرة، الدالة على أفضلية أمير المؤمنين (ع) على بقية الصحابة.
وهنا نقول تعقيباً على قوله :
أنّه لا شك في أفضلية أمير المؤمنين ع على بقية الصحابة، لا بل إنّه خير البشر بعد النبي (ص وآله) وسنأتي على بيان ذلك من الكتب المعتمدة بعد هذا السؤال والذي نوجّهه إلى هذا الكاتب (الفطن)، وهو:
هل يعتبر ابن تيمية من هذه الفرقة؟
وذلك لقوله بأفضلية علي (ع) حينما سأله أحدهم عن دخول علي (ع) في أهل البيت، فأجاب بقوله: "مما لا خلاف فيه بين المسلمين، وهو أظهر عندهم من أن يحتاج إلى دليل بل هو أفضل أهل البيت وأفضل بني هاشم 1 ، بعد النبي ص وقد ثبت عن النبي ص أنّه أدار كِساهُ على علي وفاطمة وحسن وحسين. فقال: اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيرا.

ونجيب على هذا الكاتب بالقول :
نحن نعلم أنّ إبن تيمية لم يكن من هذه الفرقة، وكيف يكون منها!! وقد أجهد نفسه بإخفاء فضائل أمير المؤمنين (ع) وحاول تفضيل البعض عليه بمزاعم اختلقها مجرّدة عن الصحّة، ولهذا ضربنا به مثلاً، وقدّمنا قوله على غيره، لنوضح لمن أراد الإستيضاح بأنّه:
إذا كان ابن تيمية مع شدّة تعصّبه اعترف بهذه الحقيقة فكيف بغيره من العلماء المنصفين وهم كُثـُر.

  وأمّا بيان أنّ علياً أفضل الصحابة فهو يحتاج إلى مجلدات عدّة لاستيعابه وطلب الدليل على ذلك يُذكّرني بقول أحد الحكماء الكبار: " طلب الدليل على الضُحى رأدَ الضحى يقضي بفقد ضياء عين الطالب " .
ولكن لا بد لنا من ذكر طرف يسير يُغني عن الكثير.
» فقد روى المير السيد علي الهمداني، الفقيه الشافعي، في كتابه "مودة القربى" أخباراً متضافرة في أفضلية الإمام علي ع على جميع الصحابة بل على جميع الأمّة.
قال في المودّة السابعة، عن ابن عباس، إنّ رسول الله ص قال : ( أفضل رجال العالمين في زماني هذا علي ع ) .

» وروى أيضا في المودّة السابعة عن أنس، قال: قال رسول الله ص: ( إنّ أخي ووزيري، وخليفتي في أهلي، وخير من أترك بعدي، يقضي ديني، ويُنجز وعدي، علي بن أبي طالب ) .

» وقال ابن أبي الحديد المعتزلي في مقدمة شرح نهج البلاغة:

وأمّا نحن فنذهب إلى ما ذهب إليه شيوخنا البغداديون، من تفضيله عليه السلام – أي علي – وقد ذكرنا في كتبنا الكلامية ما معنى الفضل، وهل المُراد به الأكثر ثواباً، أو الأجمع لمزايا الفضل والخلال الحميدة، وبيّنا أنّه عليه السلام أفضل على التفسيرين معاً.

» وقال في موضع آخر:

وقع بيدي بعد ذلك كتاب لشيخنا أبي جعفر الإسكافي ذكر فيه إنّ مذهب بشر بن المعتمر، وأبي موسى، وجعفر بن مبشر، وسائر قدماء البغداديين، أنّ أفضل المسلمين علي بن أبي طالب، ثم ابنه الحسن ثم ابنه الحسين، ثم حمزة بن عبد المطلب، ثم جعفر بن أبي طالب... الخ.

» وروى عن أبي جعفر افسكافي قوله: ( ولكننا ننكر تفضيل أحد من الصحابة على علي بن ابي طالب ع ) ، ومن المعروف أنّ أبا جعفر الإسكافي من أفاضل علماء السنة، وشيخ المعتزلة.

» وروى أيضاً المير السيد علي الهمداني الشافعي، في المودة السابعة أيضاً:
عن أحمد بن محمد الكرزي البغدادي، أنّه قال: سمعت عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: " سألت أبي عن التفضيل؟ فقال: أبو بكر وعمر وعثمان. فقلت: يا أبتِ أين علي بن أبي طالب . قال: هو من أهل البيت، لا يُقاس به هؤلاء !!.

» وقد تواترت الأحاديث في كون علي خير البريّة فمن أراد التوسّع فليراجع:
"جواهر العقدين"   و "مناقب الخوارزمي"   و "أنساب الأشراف"   و "فرائد السمطين"   و "ترجمة الأمير من تاريخ دمشق"   و "غرر البهاء الضوي"   وغيرها...

» ومن ذلك ما رواه ابن مردويه بإسناده عن ابن عباس قال:
نزلت هذه الآية في علي: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ﴾ البيّنة\7.

» وكذلك روى ابن مردويه في كتابه قال: حدّثنا أبو بكر أحمد بن كامل، وأحمد بن محمد بن عمرو بن سعيد الأخمس، قال حدّثنا عبيد بن كثير العامري، قال حدثنا محمد بن علي الصيرفي، قال حدثنا إبراهيم بن إسماعيل اليشكري، عن شريك، عن الأعمش، عن أبي وائل، عن حُذيفة اليماني (رض) قال:
قال رسول الله ص وآله: ( علي خير البشر فمن أبى فقد كفر ) .
وقد ورد هذا الحديث في عدّة مصادر.

  • 1 من الأحاديث المتواترة قول رسول الله ص وآله:
    ( إنّ الله اصطفى من ولد إبراهيم إسماعيل، واصطفى من ولد إسماعيل بني كنانة، واصطفى من بني كنانة قريشاً، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم ) .
    من تأمّل في هذا الخبر، وتأمّل في قول ابن تيمية يتبيّن له اعتراف ابن تيمية بأفضلية أمير المؤمنين عليه السلام.
The website encountered an unexpected error. Please try again later.