النصيرية

أُضيف بتاريخ الأربعاء, 10/11/2010 - 18:02

  في الصفحة 640 أفرد هذا الكاتب فصلاً مطوّلاً عن العلويين تحت عنوان (النصيرية) قائلاً بأنّهم أقدم فرقة الغُلاة، ثم ناقض نفسه بتأكيده على أنّ نسبتهم إلى رئيسهم المؤسس محمد بن نصير، مع العلم أنّه قد أتى على ذكر عدّة فرق نسب إليها الغلو، وكلها أقدم من السيد أبي شعيب!.
وهذا دليلٌ على أنّ هذا الكاتب لا يعبأ بالمعقول والمنقول همّه إثبات ما دبّجه الحاقدون وروّج له المستشرقون.
والدليل على سفه دعواه قوله (متحدثاً عن النصيرية) : ( ينسبون أنفسهم إلى نصير غلام علي بن أبي طالب ) .
فمن هم الذين قالوا ذلك من علماء العلويين وأين النصّ عليه من كتبهم ومقالاتهم؟
لا بل من أين أتانا بهذا النصير اللاموجود؟ وأين وجده؟
وهذه هي كتب التاريخ برمّتها لم يأتِ أحدٌ على هذا القول من أنّ لأمير المؤمنين غلام اسمه (نصير) وهذا الخلط قد وقع به الكثيرون أمثال عبد الرحمن البدوي و صابر طعيمة وغيرهم من الحاقدين على أبناء هذا الدين الشريف.

  ثم راح هذا الكاتب ينقل من الباكورة السليمانية ما لذّ له وطاب ، وهذه الباكورة كنّا قد تحدّثنا عنها في الجزء الأوّل من هذا الكتاب ولا يخفى على أهل الإنصاف من أنها وُضِعت من قِبل المستشرقين (طلائع الإستعمار) ورَوّج لها أزلامُهم حتى صَارت مُستنداً موثوقاً ومَرجعاً مُعتمداً عند العميان المُقلدين الذين لا هَمّ لهم سوى إثارة النعرات الطائفية البغيضة خدمةً للصهيونية المُلحدة.

  بالإضافة إلى أنّه نقل بعض العبارات من كتاب محمد الطويل ابن الإستعمار وربيبه، وهذا الكتاب أمليَ عليه من قِبلهم وقد تبنّاه على أساس أنّه من أبناء القوم المُفترى عليهم، وهو بالحقيقة أبعد الناس عن المسلمين العلويين. وإنّ واضع الباكورة السليمانية الإستشراقية هو عينه واضع تاريخ العلويين وكلاهما ينهلان من مَعين واحد ويصبّان في مَصب واحد، وهما بعيدان عن الواقع العلوي النقي كابتعاد الظلمة عن النور. ومصدرهما – أي الكتابين – الإستشراق الحاقد، والغاية منهما الطعن بأبناء هذه الطائفة المسلمة.

  هذا ما نفثه عبد المنعم الحفني بحق العلويين في كتابه الذي نتناوله ولو أردنا الوقوف على سائر شطحاته والتواءاته لاحتجنا إلى وضع كتاب مُفرد يتناول كتابه بكامله، أو لو أردنا أن نستعرض متناقضاته التي لا تُحصى لطال بنا المطال ولخرجنا عن غايتنا.

  ولكن لا بأس بأن نتابع معه في كتابه الثاني المليء بالأكاذيب المُتعمّدة وهذا الكتاب الثاني أطلق عليه "موسوعة الفلسفة والفلاسفة" أفرد فيه فصلاً عن المسلمين العلويين، بعنوان (النصيرية) بدأ فيه يُناقض نفسه بنفسه حيث يقول:

النصيرية غلاة الشيعة الذين تابعوا محمد بن نصير غلام علي بن أبي طالب ويَرِدْ اسمه في بعض المصادر ابن نصر وكان يدّعي أنه رسول بعثه أبو الحسن العسكري، وشريعته التي يُبشّر بها تقول بالتناسخ وبإباحة المحارم، وتحلّل نكاح الرجال بعضهم بعضاً ويزعم ابن نصير أنّ ذلك من التواضع والتذلّل وأنّه أحد الطيّبات التي لم يُحرّمها الله وكان يغلو في أبي الحسن ويقول فيه بالربوبية... الخ.

فأقول:

إنّه لأمرٌ عجيب فكيف يصحّ أن يكون محمد بن نصير المتوفي سنة 270 هـ غلاماً لأمير المؤمنين مع وجود الفرق الزمني الكبير بينهما؟
هذا من جهة ومن جهة أخرى فقد أثبت في نص سابق أنّ غلام أمير المؤمنين هو (نصير) مع عدم وجوده.
وأمر آخر لا يقلّ أهمية عن سابقه، فكيف يتّفق قوله الثاني مع الأوّل وهو كما زعم أنّ السيد أبا شعيب كان يدّعي أنّه (رسول بعثه أبو الحسن العسكري)، بينما قال سابقاً أنّه (جحد إمامته وإمامة ابنه وادّعاها لنفسه)، فكيف يكون رسوله ويدّعي ربوبيته مع جحوده لإمامته وولايته؟

لو وقفنا فقط على هذه النقاط لاتّضح لنا تعمّد هذا الكاتب إلى تكفير العلويين حتى لو اضطرّ إلى اختلاق آلاف الأكاذيب. بالإضافة إلى جهله باختيار النصوص، وخلطه بين الصالح والطالح.

  ثم تابع أقواله بنقل جزء من كلام الشهرستاني وبدّل به بما يتّفق مع غايته مع العلم أنّ الشهرستاني مطعون بعقيدته مشكوك بنزاهته، متّهم باختلاق الأكاذيب موصوف بالجهل والخيلاء معروف بالتعصّب الشديد.

  وأمّا هذه السخافات التي نُسبت إلى السيد أبي شعيب فقد كرّرها الكثيرون وتغنّى بها الحاقدون وروّج لها المستشرقون، ومصدرها جميعاً واحد قد امتلأ قلبه حقداً على هذا الإمامي الجليل فراح يُطلق الإتهامات جُزافاً. وحاشا لأيّ من جُلساء الإمام ومواليه أن يعتقد هذه الإعتقادات الشاذّة أو أن يقوم بهذه الأعمال المُنافية لكلّ الشرائع والقِيَم والمبادئ. فكيف يقوم بها مَنْ هو أقرب الناس إلى الإمام العسكري وهو السيد أبو شعيب (رض) .