الصحابة

أُضيف بتاريخ الأربعاء, 10/11/2010 - 18:02

أمّا قوله: " بمعنى الصحابة أصحاب فضل ويبزّهم علي " .

فقوله "يبزّهم علي" ، فلا خلاف في ذلك فأمير المؤمنين أرفعهم قدراً وأعظمهم شأناً، وقد أتينا على إثبات ذلك.

أمّا القول بأنّهم كلهم أصحاب فضل فهذا التعميم يتناقض مع آيات الكتاب الكريم، فبعض الصحابة هم أهل للفضيلة وبعضهم خالف الرسول في حياته، وبعضهم انقلب على عقبه بعد وفاته، ونثبت بعض الآيات الدالة على ذلك ومن أراد التوسّع فليراجع ما أثبته المفسرون:
قال تعالى: ﴿ وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِّنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُواْ عَلَى النِّفَاقِ لاَ تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ ﴾ التوبة\101.
وقال تعالى: ﴿ وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْواً انفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِماً قُلْ مَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ مِّنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ﴾ الجمعة\11.
وقال تعالى: ﴿ وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ ﴾ آل عمران\144.

وقال التفتازاني وهو من علماء السنّة:

ما وقع بين الصحابة من المُحاربات والمُشاجرات على الوجه المسطور في كتب التواريخ والمذكور على ألسنة الثقات يدلّ بظاهره على أنّ بعضهم قد حاد عن طريق الحق! وبلغ حدّ الظلم والفسق وكان الباعث له الحقد والعناد والحسد واللداد وطلب المُلك والرئاسة والمَيل إلى اللذات والشهوات، إذ ليس كل صحابي معصوماً ولا كل من لقيَ النبي ص بالخير موسوماً. إلا أنّ العلماء لحسن ظنّهم بأصحاب رسول الله ص، ذكروا لها محامل وتأويلات بها تليق...
وأما ما جرى بعدهم من الظلم على أهل بيت النبي ص فمن الظهور بحيث لا مجال للإخفاء ومن الشناعة بحيث لا استباه على الآراء، إذ تكاد تشهد به الجماد والعجماء، ويبكي له من في الأرض والسماء، وتنهدّ منه الجبال وتنشق الصخور، ويبقى سوء عمله على كر الشهور، ومر الدهور، فلعنة الله على من باشر أو رضيَ أو سعى، ولعذاب الآخرة أشدّ وأبقى...

" ليس كل صحابي معصوماً " قولٌ يدل على سِعة اطّلاع صاحبه، ولا يتّفق مع القول بعدالة سائر الصحابة، ولا أنّ كلهم أصحاب فضل فالصُحبة لا تكون عاصِمةً لصاحبها من الخطأ، فمِن الصحابة من يكون من الصدّيقين، ومنهم من الذين تشتاق إليهم الجنّة ويُباهي الله بهم ملائكته، ومنهم من يكون في منازل أصحاب اليمين، ومنهم دون ذلك، ومنهم من ينقلب على عقبيه ويعود مرتداً عن الإسلام.
وقد روى البخاري في صحيحه عن النبي ص وآله في حديث الحوض: أنا فرطكم على الحوض ولأنازعنّ أقواماً ثم لأغلبنّ عليهم، فأقول يا رب، اصحابي! فيُقال: " إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك... " .

وأمّا خيرة الصحابة الذين يقول بعدالتهم وفضلهم العلويون ، فهم الذين ذكرهم أمير المؤمنين بقوله:

لقد رأيت أصحاب محمد (ص وآله) فما أرى أحداً يُشبههم منكم. لقد كانوا يُصبحون شعثاً غبراً وقد باتوا سجّداً وقياماً يُراوحون بين جباههم وخدودهم ويقفون على مثل الجمر من ذكر معادهم، كأنّ بين أعينهم ركب المعزى من طول سجودهم، إذا ذكر الله هملت أعينهم حتى تبلّ جيوبهم، ومادوا كما يميدُ الشجر يوم الريح العاصف خوفاً من العقاب ورجاءً للثواب.

وقال عليه السلام:

أين أخوتي الذين ركبوا الطريق ومضوا على الحق؟
أين عمّار، وأين ابن التيهان، وأين ذو الشهادتين؟ وأين نُظراؤهم من إخوانهم الذين تلوا القرآن فأحكموه، وتدبّروا الفرض فأقاموه، أحيوا السنّة وأماتوا البدعة، دُعوا إلى الجهاد فأجابوا، ووثقوا بالقائد فاتّبعوه .