التناسخ - الحلول - التشبيه

أُضيف بتاريخ الأربعاء, 10/11/2010 - 18:02

إنّ التناسخ والحلول والتشبيه ليست من خصائص الشيعة ولا يوجد من يقول فيهم عندهم ولا عند العلويين أيضاً .

فالتناسخ عند معتقديه

هو انتقال النفس الناطقة من بدن إلى بدن آخر من غير تخلل زمان بين تعلقها الأول وتعلقها بالثاني للتعشق بين الروح والجسد.
والتناسخ عقيدة عاشت بين الهنود وغيرهم من الأمم القديمة كالمصرية واليونانية وغيرها مؤداها أنّ روح الميت تنتقل إلى موجود أعلى أو أدنى لتنعم أو تعذب جزاءً على سلوك صاحبها الذي مات.
ومعنى ذلك عندهم أنّ نفساً واحدة تتناسخها أبدان مختلفة إنسانية كانت، أو حيوانية أو نباتية.
والغرض من هذا التناسخ كما عرّفوا عنه امتحان النفس حتى تكتسب بذلك ما ينقصها من الكمال، وتصبح مجردة عن التعلق بالأبدان. 1

وقد قال به الكثير من الفقهاء والفلاسفة والأطباء من أمثال:

  • ابن سينا
  • وابن الجوزية
  • والإمام الشعراني الذي زعم أنّ الأرواح تتشكل بصور مختلفة
  • والسعد التفتازاني الذي أورد في (شرح العقائد النفسية) أنه ما من مذهب إلا وللتناسخ فيه قدم راسخ
  • وكذلك الإمام الغزالي الذي يعتبر في كتابه (التهافت) البعث والتناسخ يرجعان إلى واحد، بمعنى أنّ الروح بعد مفارقتها البدن تنتقل إلى جسم آخر. 2

وبعد هذا التقديم نقول لهذا الكاتب الذي يفتري ما يشاء: لم نجد من علماء الشيعة والعلويين من قال بهذا ، وهاهي كتبهم تفصح عن معتقداتهم، وإنّ ما نُسب إليهم فليس لهم، ولا يلزمهم.

وأما الحلول

هو أن يكون الشيء حاصلاً في الشيء ومختصاً به بحيث تكون الإشارة إلى أحدهما إشارة إلى الآخر تحقيقاً أو تقديراً.

  • والحلول الحيزي: كحلول الأجسام في الأحياز.
  • والحلول الوضعي: كحلول السواد في الجسم.
  • والحلول السرياني: قد يكون في الجواهر كحلول الصورة في الهيولى، وقد يكون في الأعراض كحلول الأعراض النفسانية.
  • والحلول الجواري: هو أن يتعلق الحالُّ بالمحلِ كحلول النقطة في الخط وحلول الخط في السطح.

وفي الحلول السرياني يستلزم كل واحد من المحل والحال انقسامُ الآخر ويستلزم عَدم انقسام كل منهما انقسام الآخر، وليس الأمر كذلك في الحلول الجواري.
ومعنى الحلول في المتحيّز أن يختصّ به بحيث تكون الإشارة الحسية واحدة كاللون مع المتلون لا كالماء مع الكوز فإنه ليس حالاً في الكوز اصطلاحاً. 3

هذا هو مفهوم الحلول الذي يتضادد مع أصول التوحيد عند كل من العلويين والشيعة ، وهو ضد مذهبهم كما صرّحت كتبهم بذلك.

ويذهب إلى القول بالحلول أكثر المذاهب الصوفية، ومذهبهم (أي الصوفيين) مُتعدّد الجهات، كثير اللفتات والإنحرافات فلا يُقيم وزناً لما جاء في الشرع على ألسنة الأنبياء، وهم يزعمون أنهم يتلقّون ما يقولونه في شطحاتهم من الحضرة الإلهية لأنها في مفهومهم الضيق عين ذواتهم، فهي الموحية والموحى إليه!!!.

وممن قال بالحلول واشتهر به واعتقده وصرّح:

  • الحسين بن منصور الحلاج (هو أبو عبد الله الحسين بن منصور متصوف وشاعر عربي من أصل فارسي ولد في الطور بفارس نحو عام 244هـ ومات في 309هـ في بغداد)
  • ومحي الدين العربي (هو أبو بكر محمد بن علي محي الدين، كاتب ومتصوف عربي ولد في مرسية (اسبانيا) سنة 560هـ ومات في دمشق سنة 638هـ).
  • وعبد الغني النابلسي (متصوف وفقيه حنفي ولد في دمشق ومات فيها سنة 1143هـ).
  • وعبد الكريم الجيلي (متصوف عربي ولد في بغداد سنة 766هـ ومات سنة 805هـ).

وغيرهم الكثير...
وقد اشتهر عن الحلاج قوله: " مافي الجبه إلا الله "
ومن شعر ابن عربي: " يا جملة الكل لست غيري فما اعتذاري إذن إليَّ " .
وقوله في الفتوحات المكية: " إنّ الله هو الذابح والمذبوح، وهو الناكح والمنكوح " .
وكان يرى عبد الغني النابلسي أنّ الله يحل في أحقر الحشرات..

إلى ما هنالك من الأقوال السخيفة المُنافية للشرع الحنيف والذي يقوم على التوحيد الخالص، وتنزيه الخالق عن صفات المخلوق.
ومن أقوال الإمام عليه السلام الدالة على نفي الحلول والإتحاد والتي هي عقيدة كل إمامي، قوله:

  • ( ولا إن الأشياء تحويه، أو أنّ شيئاً يحمله فيميله أو يعدله )
  • ( وليس في الأشياء بوالج، ولا عنها بخارج)
  • ( مع كل شيء لا بمقارنة، وغير كل شيء لا بمزايلة )
  • ( لم يقرب من الأشياء بالإلتصاق، ولم يبعد عنها بالإفتراق ) ... ومن أراد التوسع فليراجع نهج البلاغة...

فالله سبحانه وتعالى لا يحل في شيء فلو حل في شيء لكان محتاجاً إليه، وكلُّ محتاجٍ فهو مُمكن، وكل مُمكن فليس بواجب، والباري جل وعلا واجب الوجود لذاته مُمتنع أن يكون تبعاً لغيره، فوجب أن يمتنع عليه الحلول.

أما التشبيه

فهو تصوّر الله في ذاته، أو في صفاته، على مثال الإنسان، ويقابله التنزيه.
والمشبّهة قوم شبهوا الله تعالى بالمخلوقات، ومثّلوه بالمحدثات. 4

قالوا إنّ معبودهم صورة ذات أعضاء وأقسام روحانية أو جسمانية، وأنه لا يجوز عليه الإنتقال، والنزول، والصعود، والإستقرار، والتمكين، وله جسم، ولحم، ودم، وجوارح، وأعضاء من يد ورجل ورأس ولسان وعين وأذنين، إلى آخر هذه الصفات المنافية لذات الخالق جل وعلا.
ولا حاجة لنا في معرفة من يعتقد هذه الإعتقادات الشاذة.

  ونورد فصلاً مما جاء عن الإمام الصادق في نفي التشبيه عن الباري سبحانه وتعالى وهو ما يعتقده كل إمامي علوي إتني عشري شيعي جعفري:

سُئل الإمام الصادق عليه السلام عن معنى قوله تعالى: ﴿ الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى ﴾ .
قال: ( استوى من كل شيء، فليس شيء أقرب إليه من شيء. لم يبعد منه بعيد، ولم يقرب منه قريب ) .
ثم قال: ( من زعم أنّ الله عز وجل من شيء أو في شيء أو على شيء فقد كفر ) .
فقال له السائل: فسّر لي ذلك.
فقال عليه السلام:

  • من زعم أن الله من شيء فقد جعله مُحدثاً.
  • ومن زعم أنه في شيء فقد جعله محصوراً.
  • ومن زعم أنه على شيء فقد جعله محمولاً.

وسُئل عن شبهة المجسمة فقال عليه السلام:
( إنّ الجسم محدودٌ متناه، والصورة محدودة متناهية، فإذا احتمل الحد احتمل الزيادة والنقصان وإذا احتمل الزيادة زالنقصان كان مخلوقاً ) .
فقال السائل: فما أقول؟
فقال عليه السلام:
( لا جسم ولا صورة، وهو مجسّم الأجسام، ومصوّر الصور، لم يتجزأ، ولم يتناه، ولم يتزايد، ولم يتناقص، لو كان كما يقولون لم يكن بين الخالق والمخلوق فرق ولا بين المُنشئ والمنشأ ) .
وقال عليه السلام:
( من زعم إنّ الله في شيء أو على شيء أو يحول من شيء إلى شيء، أو يخلو من شيء أو يشتغل به شيء فقد وصفه بصفة المخلوقين، والله خالق كل شيء لا يُقاس بالقياس، ولا يُشبه الناس، لا يخلو منه مكان ولا يشغل به مكان، قريب في بعده، بعيد في قربه، ذلك الله ربنا لا إله غيرَهُ ) .

هذا ما أردنا بيانه في ردنا على مفتريات هذا الكاتب الذي حاول إلصاق هذه التهم في أتباع آل البيت عليهم السلام، بعد أن عرّف عنهم (بالروافض) تعصباً وحقداً.

  • 1 المعجم الفلسفي للدكتور جميل صليبا.
  • 2 إسلامنا في التوفيق بين السنة والشيعة للدكتور مصطفى الرافعي.
  • 3 الكليات لأبي البقاء.
  • 4 تعريفات الجرجاني.