النار مُحَرَّمَة على أهل الإيمان مخلوقة لأهل الكفر والطغيان.. إمامة الفاسق والمنافق لا تجوز بوجه من الوجوه.. الزكاة تجب عند الاستطاعة وتجب على البالغ العاقل الحر ولا تجب على القاصر...

أُضيف بتاريخ الثلاثاء, 20/09/2011 - 06:50

المرسل: علوية حتى النخاع \16\09\2011م

فضيلة الشيخ حسين حفظك الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سدد الله خطاكم ورفع درجاتكم وأعانكم وأثابكم على ماتقدموه من علم وفائدة لأبناء هذه الطائفة..
سيدي لاتنتهي حاجتنا للاستفادة من علمكم وأنتم أهل الكرم والجود
وسؤالي الأول هو :
هناك جدل كبير قائم بين المذاهب المختلفة حول خلود المسلم في النار.. فبعضها يقول أنه لايخلد في النار والبعض يقول بإمكانية ذلك .. فهل لنا قول ما حول هذا الأمر ورد عن أهل العصمة عليهم السلام..
سؤالي الثاني هو :
هل تصح أو تجوز إمامة الفاسق أو المنافق أو المفضول عند تواجد المؤمن والعابد والفاضل .؟
وهل يجوز أن يأتم المؤمن بصاحب تلك الصفات في حال عرف أنها موجودة فيه ؟؟
سؤالي الثالث :
بالنسبة للزكاة .. متى تصبح الزكاة فرضاً واجباً ؟ هل يتوجب الغنى في ذلك ام الاستطاعة تكفي لفرضها حتى وان كانت الاستطاعة محدودة؟ وماهو نصابها وماهي شروطها ..
وجزاكم الله كل خير بحق محمد وآل محمد .. 1
الجـواب

بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على محمد وآل بيته المعصومين وبعد:

  أجمع العلماء من مختلف المذاهب الإسلامية على أنّ الكفار مُخَلّدون في النار إلى ما لا نهاية بدليل الكتاب المبين.
قال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ كَفَرواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا أُولَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [البقرة:39].
وقال تعالى: ﴿ وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَـئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [البقرة:217]
وقال تعالى: ﴿ اللّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ أَوْلِيَآؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [البقرة:257]
وآيات كثيرة تدل على ذلك وكما أن الكفار يخلدون في النار وكذلك الأمر فالمؤمنون يخلدون في الجنة لقوله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أُولَـئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [البقرة:82].

فهذه قضية مُحكَمة لا يَصِحّ النزاع فيها، لأنّه نزاع عبثيّ، فكيف يصحّ وآيات الكتاب غايةٌ في الوضوح والجلاء! والغريب الشاذ في هذه القضية قول الخوارج والمعتزلة بخلود مُرتكب الكبائر في النار إذا مات بلا توبة. وفي منهاجنا فالخلود في النار متوجّه إلى الكافر دون مُرتكبي الذنوب من أهل الإيمان، والمؤمن الذي يرتكب الذنوب فنصيبه من النار الحُمّى التي يُبتلى بها في دنياه، بدليل ما رواه عبد الله بن سنان رضي الله عنه قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: الحمّى رائد الموت وهي سجن الله في أرضه وهي حظ المؤمن من النار.

  فالنار مُحَرّمة على أهل الإيمان مخلوقة لأهل الكفر والطغيان، والمؤمن من آمن بالله ورسوله واليوم الآخر، والكافر نقيضه، ولا يدخل الإنسان النار وفي قلبه مثقال ذرة من الإيمان، ولا يدخل الجنة وفي قلبه مثقال ذرة من الكفر. هذا ما أجمع عليه علماؤنا بما استخلصوه من آيات الكتاب المبين ونصوص الأئمة المعصومين.

  أما سؤالك عن إمامة الفاسق أو المنافق أو المفضول فأقول:
لقد تواترت الأحاديث القطعية على حُرمة ذلك وإمامة هؤلاء لا تجوز بوجه من الوجوه.
فالفاسق: هو المشتهر بالمعاصي، والفسوق في اللغة: هو الخروج عن الطاعة، وفي الاصطلاح الشرعي: هو الذي يعتقد ولا يعمل.
والمنافق: هو الذي يُظهر الإيمان ويُبطن الكفر.
وإمامتهما غير جائزة لقول رسول الله صلى الله عليه وآله: إمامك شفيعك إلى الله فلا تجعل شفيعك باغياً أو فاجراً.
وقال الإمام الصادق عليه السلام: تأمّموا وراء إمامٍ عادلٍ وإلا فلا.
ومن المُجمع عليه في مذهب المعصومين أنّ الصلاة خلف الفاجر توجب الإعادة، هذا في حال الجهل به ثم التثبت منه، أما مع العلم فهو ردٌ على المعصومين.
والمفضول: ثبت انتقاصه، فلا يصح إختصاصه، ولا تجوز إمامته في وجود الفاضل، لقول أمير المؤمنين عليه السلام: يَؤُمّكم أعلمُكم، ويُؤَذّن فيكم أفصَحُكم.

  وفي حال عدم وجود الإمام العادل فيجب على المؤمن أن يُصَلّي مُنفرداً.

  وبالنتيجة: فالإمام هو من يُؤتَمّ به -أي يُقتدى به- ومن شروط الاقتداء: العلم والعدالة.
قال أمير المؤمنين عليه السلام: يحتاج الإمام إلى: قلبٍ عقولٍ، ولسانٍ قؤولٍ، وجنانٍ على إقامة الحق صؤول.
وقال عليه السلام: إيّاكم والجُهّال من المُتعبّدين، والفُجّار من العلماء، فإنهم فتنة كل مفتون.

والحديث في هذا المجال طويلٌ، وقد أتيت على بعضه في كتابي إتباع الإجماع في الرد على الابتداع .

  أما الزكاة فإنها تجب عند الاستطاعة ودون جهد يصيب دافعها، فإعطاء القليل خيرٌ من الحِرمان. أما نصابها فكما قال الإمام الرضا عليه السلام: والزكاة المفروضة من كل مائتي درهم خمسة دراهم ولا تجب في ما دون ذلك وفيما زاد – أي على المائتين – في كل أربعين درهماً درهمٌ، ولا تجب فيما دون الأربعينات شيء، ولا تجب حتى يَحُولَ الحَوْل – الحَوْلُ سنة- ولا تُعطى إلاّ أهلَ الولاية والمعرفة.

  وبالنتيجة: تجب الزكاة على البالغ العاقل الحر، ولا تجب على القاصر، لقول الإمام الصادق عليه السلام متحدثاً عن القاصر: [ إذا وجبت عليه الصلاة، وجبت عليه الزكاة ] ، ولا تجب في مال اليتيم حتى يُدرِك.

وتَجِب النية لأن الزكاة من العبادات.

ويجب أن يكون المال مُلكاً تاماً لصاحبه قادراً من التصرف فيه بصورة تامة، ولا زكاة في الدَين، ويجب أن يكون المال حلالاً.

والحمد لله رب العالمين.

حسين محمد المظلوم
18\9\2011