لعيد الأضحى السعيد أهمية كبرى عند الأمة الإسلامية على اختلاف مذاهبهم وتعدّد مشاربهم.. التسمية بعيد الأضحى.. ماذا يفعل الحجاج في هذا العيد.. الواجب على المسلمين في هذه الأيام الفضيلة..

أُضيف بتاريخ الأحد, 06/11/2011 - 23:50

المرسل: أبو إسكندر 06\11\2011م

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم شيخنا الفاضل حسين محمد المظلوم ورحمة الله وبركاته
عيد أضحى مبارك عليكم جعلكم الله ومن تحبون بخير وإلى مزيد من الأصالة والعطاء لا حرمنا الله من أنفساكم المحمدية العلوية الطيبة..
في عيد الأضحى الماضي أطلقنا هذا الموقع وها نحن نجدد اللقاء مع القرّاء والمتابعين الكرام وكل عيد والعباد والبلاد بأمن وأمان واطمئنان وسلام وبألف ألف خير بإذن الله تعالى..
سيدي الفاضل أرجو أن تتفضل علينا ولو بإيجاز فتخبرنا عن أهميّة هذا العيد عند الأمة الإسلامية، وعن سبب تسميته بـ الأضحى، وما الواجب فيه على المسلمين، وما سببه، وكيف لا يختلف المسلمون في تحديد يومه كما يختلفون في تحديد عيد الفطر السعيد، وهل لأمرٍ محدد جُعل هذا العيد أربعة أيام وعيد الفطر ثلاثة؟
ماذا يربط حجاج بيت الله الحرام بعيد الأضحى المبارك؟

أعاده الله عليكم وعلينا وعلى كل المؤمنين بالخير واليمن والبركات والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته 1
الجـواب

بسم الله الرحمن الرحيم

الأخ الكريم السيد أبو إسكندر
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

  بدايةً كل عيد وأنت ورواد هذه المكتبة بخير وعافية.

  لهذا العيد السعيد أهمية كبرى عند الأمة الإسلامية على اختلاف مذاهبهم وتعدد مشاربهم، ففي مثل هذا اليوم العظيم ابتلى الله إبراهيم الخليل بذبح ولده إسماعيل عليهما الصلاة والسلام، فرأى الخليل في المنام وهو ما بين الركن والمقام أنه لولده ذابح فأنتبه من رقدته مرهوباً: ﴿ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ ﴾ [الصافات:102] فإذا بريت مني الأوداج وفار لك الدم الثجاج فاحتسبني عند الله قرضاً، إذ جعل الله عليك ذلك فرضاً وضم ثوبك عن دمي لئلا تراه الشفيقة أمي، وأقرأ عليها سلامي منعياً وأردد عليها قميصي مسلياً وقل لها إن أبنك نقله مولاه الكريم إلى دار الخلد والنعيم، فلما انتهت مقالته وانتهت وصيته شدّه الخليل عليه السلام شداً وثيقاً وأضجعه إضجاعاً رفيقاً، فأقبلت الطير عليه عاكفة، وأضحت الأرض والجبال راجفة، والملائكة متضرّعة، والوحوش متسرعة، والسماء من فوقهم تضج، والأرض من تحتهم تعج، رحمة للطفل الصغير، وتعجباً من صبر الشيخ الكبير، فلما عَلِمَ الله صدق نيّته وإخلاص طويته وقوة صبره عند بليته ناداه أرحم الراحمين: ﴿ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ [104] قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ [105] إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاء الْمُبِينُ [106] وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ [الصافات:107] فنهض عند ذلك الخليل بالمدية، إلى ما أتاه به جبرائيل من الفدية، فذبحها قرباناً وجَهَرَ عليها ببسم الله عياناً، فأجراها الله في عقبه سُنّة وأكمل عليهم بها المِنّة.

  ومن هنا أخذت التسمية بعيد الأضحى، والسبب في ذلك تلك التضحية العظيمة التي ابتُلِيَ بها الخليل ففدا الله نجله بذبحٍ عظيم، فكانت التضحية واجبة على الحُجّاج في هذا اليوم المبارك وعلى سائر المسلمين إلى يوم الدين.

  وجعل الله هذا اليوم المُبارك في العاشر من ذي الحجة الشهر الأخير من السنة القمرية عيداً للمسلمين عامة وللحجاج ببيت الله الحرام خاصة، لأنهم في ذلك اليوم يُصَلّون صلاة العيد في مزدلفة، ثم يفيضون منها نحو منى، فيرمون جمرة العقبة الأولى بسبع حصيات، ثم يذهبون إلى المجزرة فيذبحون هديهم، ثم يحلقون أو يقصرون شعور رؤوسهم، فإذا فعلوا ذلك فقد حَلّ لهم كل شيء حُرّمَ عليهم بسبب الإحرام إلاّ الطيب والنساء، فينتقلون نحو مكة ويطوفون بالبيت طواف الحج وركعتيه، ثم يسعون بين الجبلين، ثم يطوفون بالبيت طواف النساء، فإذا صلوا ركعتيه حل لهم كل شيء كان حُرّم عليهم حتى الطيب والنساء، فيتصافحون ويبيتون في منى ليالي أيام التشريق (11-12-13 من ذي الحجة) ويرمون في أيامها الجَمرات الثلاث، مُبتدئين بالجمرة الصغرى ثم الوسطى ثم الكبرى، وكل جمرة بسبع حصيات، وهم حينئذ بالحبار، فمن اتقى النساء والصيد في إحرامه لم يتعرض لشيء منهما جاز له أن يُفارق منى بعد الزوال يوم الثاني عشر ويذهب حيث شاء، ومن لم يتق النساء والصيد أقام حتى يرمي الجمار يوم الثالث عشر وذهب حيث يشاء.

  ولذلك كان هذا العيد أربعة أيام تبدأ من العاشر وتنتهي في الثالث عشر، والسبب في عدم الخلاف في توقيته لأنه يأتي في اليوم العاشر، ويوم العاشر من الشهر القمري لا يقع اختلاف فيه لأن الهلال يكون نصف دائري في السابع منه فيسهل التعرّف على عاشره، أما سبب الاختلاف في تحديد يوم الفطر فلأنّ ذلك موقوف على رؤية الهلال في يومه الأول، فيقع الالتباس لاختلاف الأقاليم وصفو وعدم صفو الرؤية.

  فالواجب على المسلمين في هذه الأيام الفضيلة والعظيمة القدر أن يتعلموا معنى التضحية والفداء ببُعديهِما المادّي والمعنوي، وأن يتزاورون ويتحابّون انطلاقاً من الأخوّة الإسلامية التي تربطهم برابطة التوحيد فينبذون الفرقة والتناحر والتنابذ، والكلام يطول في هذا المقام وخيره ما قلّ ودلّ.

 

  أسأل الله تعالى بحُرمة أنبيائه أن يُوَحّد صفوف المسلمين ويَنصُرهم على أعدائهم من الصهاينة المُجرمين ومن يَقف خلفَهُم من قوى الإستكبار.

 

  والحمد لله رب العالمين.

حسين محمد المظلوم
6\11\2011